الدول العربية, التقارير

خلف تجميد القاعدة الروسية.. مخاوف سودانية وضغوط أمريكية (تقرير)

بعد صمت طويل، أعلن مسؤولون سودانيون عن تجميد اتفاقيات مع موسكو، بينها إقامة قاعدة عسكرية روسية في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

03.05.2021 - محدث : 07.05.2021
خلف تجميد القاعدة الروسية.. مخاوف سودانية وضغوط أمريكية (تقرير)

Sudan

الخرطوم/ عادل عبد الرحيم/ الأناضول

- مسؤولون سودانيون أعلنوا عن تجميد اتفاقية لإقامة قاعدة "عسكرية" روسية شرقي البلاد على البحر الأحمر.. وهو ما نفته السفارة الروسية
- لواء متقاعد إسماعيل مجذوب: الرأي العام رافض للاتفاقية.. القاعدة ستكون هجومية وستحول السودان لساحة صراع وتغصب دولا بينها السعودية
- الصحفي عمر الفاروق: السودان استجاب لضغوط أمريكية بشأن تجميد القاعدة الروسية.. والاتفاقية لم يتم التصديق عليها لذلك تعتبر ناقصة

بعد صمت طويل، أعلن مسؤولون سودانيون عن تجميد اتفاقيات مع موسكو، بينها إقامة قاعدة عسكرية روسية في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

لكن الإعلان ليس رسميا، فمنذ الأربعاء صرح أكثر من مسؤول سوداني، من دون الكشف عن هوياتهم، لوسائل إعلام محلية وإقليمية، بأن الخرطوم جمدت اتفاقية إقامة القاعدة العسكرية الروسية.

والأربعاء، قال مسؤول سوداني رفيع المستوى، طلب عدم نشر اسمه، للأناضول، إن "قرار التجميد يخص اتفاقية وقعها النظام السابق (برئاسة عمر البشير 1989- 2019) مع موسكو، وتشمل إنشاء قاعدة عسكرية روسية في ميناء بورتسودان".

فيما نقلت وسائل إعلام عربية عن مسؤولين سودانيين، الأربعاء، أن ‏الخرطوم جمدت الاتفاقية لحين المصادقة عليها من المجلس التشريعي الانتقالي (لم يتشكل بعد)، إضافة إلى وقف أي انتشار عسكري روسي في قاعدة "فلامنجو" البحرية شرقي السودان.

لكن السفارة الروسية سارعت إلى القول، في بيان الخميس: "فيما يتعلق بالتقارير التي ظهرت في الإعلام الإقليمي والسوداني حول مزاعم إيقاف تنفيذ الاتفاقية بين السودان وروسيا بشأن إنشاء مركز تموين وصيانة للبحرية الروسية على أراضي السودان، نؤكد أن هذه التصريحات لا تتفق مع الواقع".

ومنذ 21 أغسطس/ آب 2019، يعيش السودان مرحلة انتقالية، تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

** قبل التجميد

وفي 15 أبريل/نيسان الماضي، نفى مجلس الدفاع والأمن السوداني (أعلى هيئة أمنية بالبلاد) دقة أنباء تداولتها وسائل إعلام عن إنشاء قاعدة عسكرية روسية في البلاد.

وفي 2017، لم تتحمس موسكو لطلب البشير إقامة قاعدة عسكرية روسية في بلاده.

لكن مؤخرا، نشطت موسكو في الحديث عن اتفاقية وقعتها مع الخرطوم لإقامة قاعدة عسكرية روسية، بينما تعاملت الخرطوم مع الأمر بالنفي.

وفي مايو/ أيار 2019، كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم، لتسهيل دخول السفن الحربية إلى موانئ البلدين، بعد أن دخلت حيز التنفيذ.

وصادق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على إقامة قاعدة بحرية روسية في السودان.

غير أنه في 19 من الشهر نفسه، قال رئيس الأركان السوداني، الفريق ركن محمد عثمان الحسين: "حتى الآن ليس لدينا الاتفاق الكامل مع روسيا حول إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، لكن التعاون العسكري بيننا ممتد".

في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020، نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص اتفاقية بين موسكو والخرطوم حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على البحر الأحمر، لـ"تعزيز السلام والأمن في المنطقة"، حسب مقدمة الاتفاقية.

ونصت الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، واستيعاب 300 عسكري ومدني.

ويمكن لهذه القاعدة استقبال أربع سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين لأفراد أطقم السفن الروسية

** رفض داخلي

ووفق اللواء متقاعد أمين إسماعيل مجذوب، وهو خبير استراتيجي وعسكري، فإن ملف القاعدة العسكرية الروسية أو "المركز اللوجستي معقد؛ فالاتفاق بشأنها تم مع النظام السابق (البشير)".

وأضاف مجذوب للأناضول أن "النظام السابق وتحت ضغوط دولية من عقوبات وحصار ورعاية الإرهاب، لجأ لدول مثل روسيا والصين، ووافق على شروط، وبينها هذه الاتفاقية".

وتابع: "السودان استفاد من هذه الاتفاقية مع روسيا في الأسلحة وبعض الأجهزة التقنية والمشاركة في التدريب البحري، ولكنه خسر السيادة، مثل عدم وجود ولاية قضائية للسودان على القاعدة الروسية وعدم السماح بإقامة قاعدة لأي دولة أخرى لمدة 25 عاما".

وأضح أن "الاتفاقية، خلال فترة الـ25 عاما، تسمح بدخول سفن ذات قدرات نووية وأجهزة استخبارات وترصد وحرب إلكترونية، وهذا دليل على أن القاعدة ستكون هجومية وعسكرية، وليس للإمداد والتموين، كما ورد في مقدمة الاتفاقية".

ورجح أن "تعليق (الاتفاقية بشأن) القاعدة العسكرية لن يؤثر على علاقات السودان وروسيا، فالعلاقات الاقتصادية والسياسية والزراعية ماضية بشكل يحفظ مصالح البلدين".

ورأى أن "الاتفاقية توجد بها إشكالية جعلتها موضوع نقد حتى تُعرض على المجلس التشريعي، كما أن هناك ضغط من الرأي العام الداخلي رافض للاتفاقية".

وتابع: "وهذا التواجد (العسكري) سيجعل السودان مسرحا لتصفية الحسابات والصراع بين دول، في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا التي تأمل في تواجد على الساحل السوداني".

وأردف: "بالإضافة إلى ضغط إقليمي من الدول في المنطقة المطلة على البحر الأحمر، وعلى رأسها السعودية، التي ترفض أن يمنح السودان قوى عظمى مساحة على البحر الأحمر، وهو ما يزيد من خلاف الخرطوم مع هذه الدول".

ويمتلك السودان ساحلا يتجاوز 700 كلم على البحر الأحمر، الذي تطل عليه أيضا كل من مصر وجيبوتي والصومال وإريتريا والسعودية والأردن واليمن.

** ضغط أمريكي

وقال عمر الفاروق، صحفي، للأناضول، إن "السودان استجاب لضغوط أمريكية بشأن تجميد القاعدة، فواشنطن لا تريد قاعدة روسية شرقي السودان".

وتابع أن "الاتفاقية العسكرية مع روسيا هي من تركات النظام السابق، ولم يتم التصديق عليها من المجلس التشريعي، لذلك تعتبر ناقصة".

و"تملك الحكومة السودانية حق رفض أي قاعدة عسكرية، روسية أو أمريكية، بالتعلل بأن المجلس التشريعي هو الذي يقرر إقامة أي قاعدة عسكرية"، بحسب الفاروق.

وكان مقررا تشكيل هذا المجلس بعد 90 يوما من توقيع وثيقة دستورية، في 17 أغسطس/ آب 2019، بين المجلس العسكري (الحاكم آنذاك) وتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، الذي قاد احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية، ما دفع قيادة الجيش إلى عزل البشير، في 11 أبريل/ نيسان 2019.

وبينما تلتزم السلطة الانتقالية الصمت بشأن أسباب تأخر تشكيل المجلس الشريعي، يقول منتقدون إنها حريصة على استمرار هذا الوضع، الذي يمنحها حق تمرير القوانين عبر اجتماع مشترك لمجلسي الوزراء والسيادة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.