دولي, الدول العربية, التقارير, بيئة ومناخ

حرائق الغابات بحوض المتوسط.. تحدٍ مشترك يستدعي تعاونا (مقابلة)

الخبير المغربي في مجال البيئة مصطفى بنرامل: دول المتوسط تتبع استراتيجية تشمل الوقاية والتوعية والكشف والمراقبة والاستجابة والمكافحة والتعافي والتأهيل

Khalid Mejdoub  | 17.07.2025 - محدث : 17.07.2025
حرائق الغابات بحوض المتوسط.. تحدٍ مشترك يستدعي تعاونا (مقابلة)

Rabat

الرباط / الأناضول

** الخبير المغربي في مجال البيئة مصطفى بنرامل:
- دول المتوسط تتبع استراتيجية تشمل الوقاية والتوعية والكشف والمراقبة والاستجابة والمكافحة والتعافي والتأهيل
- هناك آلية للحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي جرى تفعليها عدة مرات لمساعدة اليونان وإيطاليا وإسبانيا
- خلال موجات حرائق اليونان قدمت دول من المتوسط مساعدة بإرسال طائرات إطفاء وفرق مكافحة حرائق
- هناك تبادل مستمر للمعلومات والتنبيهات بين مراكز إدارة الطوارئ في مختلف دول البحر المتوسط

تصاعدت وتيرة حرائق الغابات بدول حوض البحر المتوسط خلال الصيف الحالي، أسفرت عن مصرع 4 أشخاص بكل من فرنسا وإسبانيا، إضافة إلى خسائر مادية في اليونان والمغرب وتونس.

كما اجتاحت الحرائق في سوريا خلال يوليو/ تموز الجاري 16 ألف هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر) من الغابات، وأضرت بـ 45 قرية و1200 عائلة، وهو ما دفع تركيا للتدخل والمساهمة في إخماد الحرائق.

وفي تصريح للأناضول، قال الخبير المغربي بمجال البيئة مصطفى بنرامل، إن حرائق الغابات تمثل "تحديا مشتركا يتطلب تضافر الجهود والتعاون الوثيق بين جميع الدول لمواجهته بفعالية".

وأوضح أن التعاون يجب أن يشمل "تبادل المعلومات والخبرات، والمساعدة في حالات الطوارئ، ومشاريع وبرامج تعاون إقليمية، والتدريب المشترك".

وشدد على أهمية أن تتخذ دول المتوسط استراتيجيات موحدة كونها تتشابه في الظروف المناخية التي تجعل المنطقة عرضة للحرائق، خاصة في فصل الصيف.

** إحصائيات وأرقام

شهدت دول المتوسط عددا من الحرائق خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقال مدير المحافظة على الغابات بوزارة الفلاحة بتونس الصحبي بن ضياف، إن الحرائق "ظاهرة طبيعية مرتبطة بالكساء الغابي والمناخ وارتفاع درجات الحرارة".

وأوضح أن تونس قامت بـ380 تدخلا لإخماد الحرائق خلال العام، وبلغت المساحات المتضررة 536 هكتارا من أراضي زراعية متفرقة، و295 هكتارا من المساحات الغابية والأعشاب الجافة.

كما امتدت الحرائق بجنوب فرنسا إلى مدينة مرسيليا - ثاني أكبر المدن - حيث أتى الحريق على 350 هكتارا حتى 8 يوليو، وتسبب الحريق بإغلاق مطار مرسيليا، حسب فرق الإنقاذ الفرنسية.

كما اندلع حريق شمال شرق إسبانيا أتى على نحو 3 آلاف هكتار من الغابات، وطلبت السلطات من آلاف السكان ملازمة منازلهم حفاظا على سلامتهم.

وفي 2 يوليو، أعلن المدير الإقليمي للوكالة الوطنية للمياه والغابات في تطوان المغربية، أكعبون حليم، إخماد حريق في غابة "بني الليث" بإقليم تطوان (شمال) بعد مرور ثلاثة أيام على اندلاعه، حيث أتى على نحو 16 هكتارا من الغابة.

وفي 16 مايو/ أيار أعلنت الحكومة المغربية تخصيص نحو 17 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات خلال صيف 2025.

** استراتيجيات متعددة الأوجه

بنرامل قال إن على دول المتوسط اتباع استراتيجية متعددة الأوجه تشمل "الوقاية والتوعية والكشف المبكر والمراقبة والاستجابة والمكافحة والتعافي وإعادة التأهيل".

وبخصوص الوقاية والتوعية، أوضح أن الاستراتيجية يجب أن تشمل "إطلاق حملات إعلامية لتوعية السكان والسياح بمخاطر الحرائق وكيفية الوقاية منها، إضافة إلى إدارة الغابات الوقائية عبر تنظيف الغابات من المواد القابلة للاشتعال مثل الأغصان الجافة والأعشاب، فضلا عن إنشاء حواجز النار وتقليم الأشجار".

كما تشمل الخطة "تنظيم الأنشطة البشرية، مثل وضع قيود على إشعال النيران في المناطق المعرضة للخطر خلال فترات معينة، وتنظيم التخييم والأنشطة الترفيهية".

وبخصوص الكشف المبكر والمراقبة، اعتبر الخبير أن الأمر يشمل "استخدام شبكات من أبراج وكاميرات مراقبة، وأجهزة استشعار حراري للكشف المبكر عن الدخان أو الحرارة، إضافة إلى استعمال طائرات مسيرة وأقمار صناعية، واستخدام التكنولوجيا لمراقبة المناطق الحرجية والكشف عن الحرائق في مراحلها الأولية".

وقال إن الكشف المبكر يشمل أيضا "تسيير دوريات برية وجوية منتظمة في المناطق المعرضة للخطر، خاصة خلال فصل الصيف".

وبشأن الاستجابة والمكافحة، اعتبر أن الأمر يتعلق بفرق إطفاء برية وجوية مدربة ومجهزة للتعامل مع حرائق الغابات، إضافة إلى الطائرات المائية والمروحيات.

وأوضح أن الأمر يتعلق أيضا بتعاون دولي عبر تبادل الموارد والخبرات بين دول المنطقة بمكافحة الحرائق، خاصة خلال فترات الذروة.

وأشار إلى ضرورة التنسيق بين الوكالات المرتبطة بمكافحة الحرائق لضمان تنسيق فعال بينها، مثل الحماية المدنية وإدارة الغابات والجيش والشرطة.

وبخصوص التعافي وإعادة التأهيل، أشار بنرامل إلى أهمية تقييم الأضرار الناجمة عن الحرائق وتحديد المناطق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، إضافة إلى إعادة تشجير المناطق المتضررة.

** استراتيجية تركيا

تعتمد تركيا على استراتيجية متكاملة ومتعددة الجوانب للسيطرة على الحرائق، سواء عبر استعمال مروحيات وطائرات وآليات برية متخصصة وفرق تدخل، أو عبر الوقاية والإنذار المبكر، ما ساهم بنجاح التدخل.

وفي 4 يوليو، أعلن وزير الزراعة والغابات التركي إبراهيم يوماكلي، السيطرة على حرائق الغابات بمنطقة تشيشمة بولاية إزمير (جنوب غرب).

كما تقوم الاستراتيجية التركية على عمليات الإجلاء تفاديا لوقوع ضحايا، خاصة أن الحرائق تزامنت مع ارتفاع درجات الحرارة وشدة الرياح.

كما كان لتركيا دور كبير في إطفاء حرائق اللاذقية بسوريا، خلال الشهر الحالي، من خلال المساعدة في عمليات الإخماد.

ودمرت الحرائق في سوريا 16 ألف هكتار من الغابات، منها 2200 هكتار أراض زراعية، وأضرت بـ45 قرية و1200 عائلة.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية "سانا" في 5 يوليو، اتساع رقعة حرائق في ريف اللاذقية (غرب)، فيما ساهمت فرق إطفاء تركية مكونة من مروحيتين و11 آلية بإخمادها.

وفي 16 يوليو أعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح، انتهاء عمليات إخماد الحرائق التي اندلعت بجبال اللاذقية، لكنه حذر من تداعيات خطيرة قد تمتد لسنوات.

وأكد الصالح أن ما تحقق هو "نتيجة تكافل وطني وشعبي واسع، وتعاون ميداني بين مؤسسات الدولة والفرق التطوعية والدولية"، وفق "سانا".

وتوجه الوزير بالشكر إلى الفرق القادمة من تركيا والأردن والعراق ولبنان وقطر، وجميع الفرق التطوعية التي كان لها دور مهم في الدعم اللوجستي، إضافة إلى وزارات الدولة ومؤسساتها التي عملت بتناغم ومسؤولية.

** تعاون مشترك

وفي يونيو 2024، قالت الحكومة الإسبانية إنها ملتزمة بالحفاظ على اتفاقية أبرمت مع المغرب عام 1992، للحد من اندلاع الحرائق.

وقال الخبير المغربي إن هناك تعاون نشط ومتزايد بين دول منطقة البحر المتوسط في مجال الحد من الحرائق.

وذكر أن هذا التعاون يتم على عدة مستويات تشمل "تبادل المعلومات والخبرات، والمساعدة المتبادلة في حالات الطوارئ، ومشاريع وبرامج تعاون إقليمية، والتدريب المشترك".

وأشار إلى مشاركة المغرب في إخماد حرائق البرتغال، عندما أرسل الجيش في سبتمبر 2024 ثلاث طائرات للمساهمة بإطفاء الحرائق، استجابة لطلب لشبونة.

** مشاريع إقليمية

ولفت بنرامل لوجود آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي التي تسهل تنسيق المساعدة بين الدول الأعضاء والدول المشاركة بمواجهة الكوارث، بما فيها حرائق الغابات، حيث تم تفعيل الآلية عدة مرات لمساعدة اليونان وإيطاليا وإسبانيا.

وأشار إلى أن وجود العديد من المشاريع والبرامج التي تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي في إدارة مخاطر الحرائق، مثل مشروع "MED COOPFIRE" الذي يهدف إلى تطوير استراتيجية تعاون فعالة لإدارة مخاطر الحرائق في دول البحر المتوسط.

وأوضح أن المنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تلعب دورا بتسهيل التعاون من خلال مبادرات مثل "Silva Mediterranea" اللجنة الأممية المعنية بمسائل الغابات بحوض المتوسط.

كما تنظم بعض الدول، وفق الخبير المغربي، تدريبات مشتركة لفرق الإطفاء لتعزيز التنسيق والقدرة على العمل المشترك بحالة نشوب حرائق عبر الحدود.

وخلال موجات الحرائق التي شهدتها اليونان في السنوات الأخيرة، قدمت العديد من دول المتوسط، ومنها من خارج الاتحاد الأوروبي، المساعدة بإرسال طائرات إطفاء وفرق إطفاء.

وقال بنرامل: "هناك تبادل مستمر للمعلومات والتنبيهات بين مراكز إدارة الطوارئ في مختلف الدول".

وأوضح أن هناك اعترافا واسع النطاق في منطقة المتوسط بأن حرائق الغابات تمثل تحديا مشتركا يتطلب تضافر الجهود والتعاون الوثيق لمكافحتها، إضافة للاستثمار في الوقاية والكشف المبكر.

الخبير المغربي أشار إلى أن إسبانيا واليونان وإيطاليا تعتمد غالبا على أساطيل كبيرة من الطائرات المائية والمروحيات، بالإضافة إلى فرق إطفاء برية متخصصة، فضلا عن توفرهم على أنظمة إنذار مبكر متطورة.

وفيما يتعلق بفرنسا، أشار إلى تركيزها بشكل كبير على الوقاية وإدارة الغابات، إضافة إلى فرق إطفاء مدنية وعسكرية قوية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.