
Ankara
أنقرة/ إفتخار جيلاني/ الأناضول
منزل أصفر اللون مكون من طابقين، يقع في الأدغال الخرسانية بمدينة دلهي القديمة، وعلى بعد بضعة أميال من مقر السلطة في الهند، يقف شاهدا على مساهمة المهاتما غاندي في حرب الاستقلال التركية. (1919-1923)
يعتبر المبنى الآيل للسقوط تقريبا والذي يخص مختار أحمد الأنصاري، الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي والرابطة الإسلامية خلال حركة الاستقلال الهندية، علامة هامة في التاريخ الهندي والتركي.
ولا تقتصر أهمية ذلك المبنى على أنه كان استراحة غاندي في دلهي، ولكنه كان أيضًا مركزًا لبداية حركة هدفت إلى مساعدة تركيا في الأوقات الحرجة عندما كانت القوى الاستعمارية مصممة على تجزئتها.
وبينما يحتفل العالم بالذكرى المائة والخمسين لميلاد موهانداس كرمشاند غاندي، المعروف شعبيا باسم المهاتما غاندي في 2 أكتوبر/تشرين الأول، يؤكد الباحث يوجيندرا ياداف، أنّ القرار الكبير لغاندي بإطلاق حركة تحظر التعاون مع البريطانين، كان مرتبطا بتفعيل معاهدة"سيفر" عام 1920، والتي مهدت لتفكك الإمبراطورية العثمانية.
وقال ياداف، وهو أستاذ ومحرر ولغوي في معهد غاندي للدراسات والأبحاث الدولية في جالجاون بولاية ماهاراشترا الهندية، إنه حتى ذلك الحين (1920)، كان نهج غاندي هو السعي لتحقيق العدالة داخل النظام البريطاني، لكن منذ عودته من جنوب إفريقيا في يوليو/ تموز 1914،
حيث كان يقود حركة مناهضة للعنصرية، آمن غاندي بسياسة التعاون.
وأضاف: "كان نشر معاهدة سيفر بمثابة صدمة كبيرة. لقد اتخذ (غاندي) أكبر قرار في حياته برفض التعاون مع الحكومة البريطانية".
وكان غاندي، المعروف باسم أيقونة السلام والذي ظل بوصلة أخلاقية للسياسة والدبلوماسية في الهند، متأثرًا بشكل كبير بالأحداث التي وقعت في تركيا، ودفعته إلى تغيير نهجه من التعاون مع البريطانيين إلى العصيان المدني بعد عام 1920.
وفي العام 1922 قاد "غاندي" حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية؛ ما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة.
إثر ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.
ويتفق المؤلف "آر كي سينها" أيضًا على أن برنامج غاندي لعدم التعاون قد تم اعتماده فعليًا من قبل لجنة الخلافة في بومباي في مايو /أيار 1920.
وقال إنه بعد فترة وجيزة من إقناع حزب المؤتمر بالانضمام إلى ذلك البرنامج، ذهب غاندي إلى جولة واسعة لحشد الناس من وراء القضية التركية.
وحسب سينها، مؤلف كتاب "القضية التركية .. مصطفى كمال والمهاتما غاندي"، فإن حركة (غاندي) في الهند والتي ساعدت تركيا، كانت أيضًا فترة شهر عسل بين الهندوس والمسلمين.
وأضاف: "أبدى الهندوس حماسًا كبيرًا في جمع الأموال لصندوق أنغورا (المخصص لسلامة تركيا) وقاموا بالاشتراك في الصندوق عن طيب خاطر، واختار المسلمون التفريط في طعامهم لبضعة أيام من أجل المساهمة في الصندوق، وكان يتم إرسال هذه الأموال التي تم جمعها إلى القسطنطينية (إسطنبول) من وقت لآخر، وكان يستقبلها ممثلو مصطفى كمال باشا ".
كما لفت أنه بحلول عام 1922، تم توجيه 375 ألف ليرة من الهند لدعم الخزينة التركية.
** مساعدة تركيا: توطيد للعلاقات بين الهندوس والمسلمين
رأى أستاذ التاريخ التركي عزمي أوزجان، الذي أجرى دراسة شاملة حول هذا الموضوع، أن الاضطرابات في الهند وحركة العصيان المدني لعبت دورا حاسما في التأثير على المواقف البريطانية.
وقال أوزجان ، الذي ألف أيضًا كتابًا عن المسلمين الهنود والعثمانيين وبريطانيا، إن أهمية القضية العثمانية في السياسة الهندية يمكن الحكم عليها من خلال حقيقة أن فترة شهر العسل القصيرة بين المسلمين والهندوس في البلاد قد تبددت بعد فترة قصيرة من اختفاء الخلافة العثمانية عام 1924.
وأضاف أن مسألة تفتيت تركيا لم تكن قضية دينية عاطفية بالنسبة للهندوس، كما كانت بالنسبة للمسلمين، ولكنها جمعتهم في توجه مشترك لإظهار عدم الرضا عن الحكم البريطاني.
وتسبب التشريع المعروف باسم "قانون رولات" الذي أقره المجلس التشريعي الإمبراطوري والذي يسمح بالقبض على بعض الأشخاص في قضايا سياسية دون محاكمة، وكذلك مذبحة جاليانوالا باغ (أمريتسار) عام 1919، في إثارة غضب الهندوس بنفس الحماس الذي كان لدى المسلمين من باب التعاطف مع تركيا.
وحسب "أوزجان"، وجه غاندي تحذيرا واضحا للبريطانيين بشأن تكثيف سياسة "عدم التعاون" بمجرد ما تم تفعيل معاهدة "سيفر".
وبدأت سياسة عدم التعاون من هذا التاريخ. وتخلى بعض الأشخاص عن الألقاب الممنوحة لهم من قبل الحكومة.
كما دعت تلك الحركة إلى مقاطعة جميع السلع الأجنبية ورفض التجنيد للخدمة في الجيش البريطاني، وسرعان ما اكتسبت الحركة دعمًا ساحقًا من جميع شرائح المجتمع الهندي.
وكان الشعور العام السائد في الهند هو أن بريطانيا وحلفائها كانوا يعتزمون القضاء على المسلمين.
وفي مقال لغاندي بإحدى المجلات، طالب الهندوس بالانضمام إلى المسلمين ضد تفتيت تركيا، وكتب: "الهند ليست جاهزة اليوم، ولكن إذا كنا على استعداد لإحباط كل المؤامرة التي قد تحاك لتدمير تركيا أو لإطالة أمد إخضاعنا، يجب أن نرسي جوًا من اللاعنف المستنير في أسرع وقت ممكن، وليس عنف الضعيف بل عنف القائد ، الذي سيترفع عن القتل ولكنه سيموت بكل سرور من أجل إظهار الحقيقة".
** غاندي يعلق العصيان المدني
قام غاندي بجولة بلا هوادة في جميع أنحاء البلاد، جنبا إلى جنب مع الزعيم المسلم الهندي محمد علي جوهر.
ورغم اكتساب هذه السياسية زخما على الأرض بسلام، إلا أنّ العنف تسلل بمرور الوقت.
وفي غضون ذلك، كانت السجون ممتلئة بالنشطاء. وسقطت الهند تقريبًا في فوضى حيث انتشرت روح الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد.
وعليه، سحب غاندي هذه الحركة مرة أخرى في 22 فبراير/ شباط حيث كانت التطورات بعيدة عن السيطرة، بعد أن هاجم النشطاء مركزا للشرطة ودمروه ، مما أدى إلى حرق أكثر من 21 ضابطًا حتى الموت.
وقال أوزجان: "في هذه المرحلة ، شعر غاندي أنه يتعين عليه إلغاء هذه السياسة وتعليق العصيان المدني الشامل، ومثل هذا نهاية التحالف الهندوسي الإسلامي".
** اغتيال غاندي والشيوعيين
بعد مرور 24 عامًا بالضبط، وبعد أشهر من استقلال الهند، تم اغتيال غاندي، رسول السلام، من قبل الشيوعيين الهندوس..
فلم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه.
وقال غاندي قبل وفاته جملته الشهيرة: "سيتجاهلونك ثم يحاربونك ثم يحاولون قتلك ثم يفاوضونك ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.