تركيا, الدول العربية, التقارير, الجزائر

تركيا والجزائر.. زخم في العلاقات وتناغم في المواقف

شرع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الأربعاء في زيارة إلى تركيا، برفقة وفد يضم ممثلين عن 12 قطاعا وزاريا، في إطار انعقاد الاجتماع الثاني لمجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين..

Hassen Djebril  | 06.09.2023 - محدث : 07.09.2023
تركيا والجزائر.. زخم في العلاقات وتناغم في المواقف

Algeria

الجزائر/ حسان جبريل/ الأناضول

تشهد العلاقات الجزائرية التركية زخما كبيرا على المستوى الرسمي، خلال السنوات الأخيرة، ترجمته زيارات رسمية على أعلى المستويات، ما ينعكس على مواقف البلدين إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك في المنطقة والعالم.

وضمن هذه الحركية، شرع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الأربعاء في زيارة إلى تركيا، برفقة وفد يضم ممثلين عن 12 قطاعا وزاريا، في إطار انعقاد الاجتماع الثاني لمجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين التي تأسست لمتابعة قرارات اجتماع مجلس التعاون التركي - الجزائري رفيع المستوى في مايو/ أيار 2022.

وعن الزيارة، قالت الخارجية الجزائرية في بيان، إنها ستركز على التحضير للقمة المقبلة التي ستجمع قريبا الرئيسين التركي والجزائري، بمناسبة انعقاد الدورة الجديدة لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين، دون تحديد موعدها.

* من معاهدة صداقة إلى مجلس أعلى للتعاون

ومنذ وصوله الحكم نهاية عام 2019، زار الرئيس الجزائري تركيا مرتين، الأولى في مايو/ أيار 2022 والثانية في يوليو/ تموز 2023، كما زار الرئيس رجب طيب أردوغان الجزائر في يناير/ كانون الثاني 2020.

وطيلة هذه الفترة تبادل الجانبان عدة زيارات واتصالات رسمية، بشأن مختلف ملفات التعاون وكذا التشاور والتنسيق السياسي بخصوص الأحداث الإقليمية والدولية.

وفي خطوة رمزية حول الإرادة في تعزيز العلاقات مع أنقرة، قلد الرئيس الجزائري في 19 يونيو/ حزيران الماضي، سفيرة تركيا في الجزائر ماهينور أوزدمير كوكطاش "وسام الاستحقاق الوطني الجزائري من الدرجة الأولى" بعد نهاية مهمتها في البلاد عقب تعيينها وزيرة للأسرة والشؤون الاجتماعية الحالية في الحكومة الجديدة.

وهذا الأمر عدته وسائل الإعلام الجزائرية "مؤشرا على المساهمة الكبيرة لها في تعزيز العلاقات بين البلدين والأهمية التي يوليها الرئيس تبون لعلاقات بلاده مع تركيا".

وتعد معاهدة للتعاون والصداقة، التي وقعها البلدان في 23 مايو 2006، المحطة التي وضعت أسس شراكة استراتيجية بين الدولتين.

وفي 2020 قرر رئيسا البلدين دعم الشراكة بمجلس تعاون رفيع المستوى عقد أول اجتماع له في 2022 بتركيا، ويجري التحضير لثاني اجتماع بالجزائر برئاسة رئيسي البلدين.

وخلال أول اجتماع للمجلس في مايو 2022، وقع البلدان العديد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم في عدة مجالات.

وشملت الاتفاقيات قطاعات عديدة منها الطاقة والمالية والتجارة والصناعة والاعلام والأشغال العامة والصيد البحري والتكنولوجيا والابتكار والمؤسسات المصغرة والخدمات الاجتماعية والتكوين المهني والثقافة والتعليم والبيئة ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

وقال الرئيس الجزائري عقب هذا الاجتماع إن هذه الاتفاقيات من شأنها "إضفاء الديناميكية المنشودة على العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين الشقيقين"، مؤكدا "وجود تكامل بين كل القطاعات بالبلدين.

ويدفع قائدا البلدين إلى رفع مستوى التبادل التجاري البيني إلى مستوى 10 مليارات دولار في أقرب وقت (في حدود 4.2 مليار دولار حاليا).

فيما تحتل الاستثمارات التركية الريادة في هذا البلد العربي بقرابة 5 مليارات دولار، علما أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى وجود 1400 شركة تركية ناشطة بالبلاد.

* النيجر.. عنوان لتناغم المواقف الدولية

وأظهر موقف البلدين المتطابق بشأن الانقلاب الأخير في دولة النيجر الجارة الجنوبية للجزائر، تقاربا في نظرتهما لمختلف القضايا الإقليمية والدولية.

وكانت الجزائر وتركيا قد عبرتا عن تمسكهما بمبدأ رفض أي تغيير غير دستوري للحكم في القارة الإفريقية، مع معارضة الخيار العسكري الذي كانت فرنسا ودول مجموعة غرب إفريقيا تدفع إليه، بالنظر إلى مخاطره الكبيرة على المنطقة التي تشهد أصلا وضعا سياسيا وأمنيا هشا.

والبلدان اللذان يجريان مشاورات مستمرة على المستوى الدبلوماسي، سبق وأن عبرا عن مواقف متقاربة بشأن أزمات وقضايا المنطقة، على غرار الملف الليبي وضرورة التسريع بحل سياسي عبر الانتخابات.

وفي سياق القضية الفلسطينية، نددا بالانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني وكذا دعم مساعي المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتنسيق المواقف بشأن التحركات على مستوى منظمة الأمم المتحدة لدعم القضية.

ويقول مسعود قصري رئيس اللجنة البرلمانية للصداقة الجزائرية التركية لـ"الأناضول"، إنه فيما يخص العلاقات الجزائرية التركية فهي "تاريخية ومتينة".

وأضاف أنها "عرفت تطورا في الآونة الأخيرة من خلال الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس أردوغان الى الجزائر بعد انتخاب الرئيس تبون، وكذلك زيارة رئيس الجمهورية إلى تركيا والتي توجت بالتوقيع على 15 اتفاقية بين البلدين".

وبحسب قصري، فتحت هذه الاتفاقيات بابا كبيرا للاستثمار في الجزائر وخاصة في القطاعات الحساسة، ورجال الأعمال الأتراك لهم حضور كبير في الجزائر.

ويضيف قصري: "على سبيل المثال، مصنع توسيالي للحديد الموجود بوهران وشركة النسيج الموجودة بغليزان كما أن هناك عدة شركات تركية مختصة في البناء موجودة بالجزائر وحجم الاستثمارات في ارتفاع كما أن شركة سوناطراك الجزائرية تستثمر في تركيا وهذا ما يوثق العلاقات بين البلدين".

وأكد قصري أنه على الصعيد الدولي هناك تطابق في وجهات النظر بين الرئيسين تبون وأردوغان فيما يخص أزمة دولة النيجر وضرورة اللجوء الى الحل السلمي واستبعاد الحل العسكري، وهو ما تجسد في مبادرة الجزائر في هذا الصدد.

وتفضي هذه المبادرة إلى عودة النظام الدستوري في النيجر وتقوم على أولوية الحل السياسي ورفض اللجوء إلى الخيار العسكري.

وتعتقد الجزائر من خلال هذه المبادرة بأن فرص التسوية السلمية ما زالت قائمة، وأن خيار استخدام القوة الذي تلوح به المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" ضد قادة الانقلاب في النيجر "تهديد مباشر للجزائر ولكافة دول المنطقة".

* تقاطع الرؤية بقضايا إقليمية ودولية

من جانبه، يرى أحمد صادوق النائب بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، نائب رئيس لجنة الصداقة ‏الجزائرية التركية، أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورا ‏لافتا في السنوات الأخيرة، وتأتي في سياق تطوير وتنويع علاقات الجزائر ‏الخارجية وتركيزها خاصة على دول الشرق كروسيا وتركيا والصين وإيران. ‏

وأوضح لـ "الأناضول" أن تطور العلاقات بين البلدين يأتي ‏خصوصا بعد زيارتي رئيس الجمهورية لتركيا مرتين وينتظر تتويج وتعميق هذه ‏العلاقة مع زيارة الرئيس أردوغان قريبا للجزائر. ‏

وشدد المتحدث على أن الجزائر وتركيا أصبحتا شريكين أساسيين في التعاون ‏الاقتصادي وحجم التبادل بينهما ينمو ويتطور ولم يعد مقتصرا على الطاقة فقط، ‏بل هناك العديد من المجالات كالنسيج والفلاحة والتعدين والبناء وغيرها. ‏

واعتبر نائب لجنة الصداقة البرلمانية بين البلدين، أن الجزائر وتركيا تتقاطع ‏رؤيتهما في بعض القضايا الدولية والتعاون بينهما واضح كما هو الشأن في ‏الملف الليبي، وأيضا بعد حدوث الانقلاب في النيجر وهي دولة محاذية ‏للجزائر وليبيا.‏

ووفقه، فقد سارعت كل من الجزائر وتركيا لرفض أي تدخل عسكري في دولة ‏النيجر واختار البلدان مقاربة الحوار والتهدئة ومحاولة جمع الأطراف على حل ‏يعيد الحياة الدستورية لهذا البلد. ‏

وقال في هذا الصدد: "ذلك إدراكا منهما لحجم المخاطر والآثار السلبية التي تنجر ‏عن التدخل العسكري خاصة أن الدولة التي تتبنى هذا العنف معروفة (فرنسا) و‏لا يهمها أبدا الشعب النيجري ولا الديمقراطية بقدر ما تحرص على تنصيب ‏حكام عملاء يحمون مصالحها ويديمون سيطرتها ونفوذها لاستغلال خيرات ‏البلد".‏

* تطور لافت للعلاقات مند تولي تبون الحكم ‏

بدوره، يعتقد الإعلامي الجزائري المتابع للشأن ‏الدولي رضا شنوف، أن زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى تركيا تدخل في إطار تعميق ‏العلاقات بين البلدين التي عرفت تطورا مضطردا خاصة منذ وصول الرئيس ‏تبون إلى سدة الحكم. ‏

وأضاف لـ"الأناضول" أن العلاقات بين البلدين ‏تطورت كثيرا في السنوات الأخيرة، وترجمت ذلك في تبادل الزيارات بين ‏المسؤولين الجزائريين والأتراك إضافة إلى المشاريع الطموحة فيما يخص ‏الاستثمار وهناك سقف حدد بالوصول على مبادلات بـ 10 مليارات دولار.‏

ولفت شنوف إلى أن الرئيس تبون أجرى زيارتين إلى تركيا وهذا يعكس "اهتماما بتطوير ‏هذه العلاقات، وكذلك يعكس تقاطع مواقف البلدين في ‏العديد من القضايا سواء في القضية الفلسطينية أو الملف الليبي وحتى في منطقة ‏الساحل".‏

وختم شنوف بالتأكيد على أنه "من المهم الإشارة إلى أن التعاون بين البلدين ‏ستكون له انعكاسات جد ايجابية سواء فيما يتعلق بالاستقرار في المنطقة، أو ‏تطوير عديد الشراكات التي ستعود بالخير على استقرار المنطقة وخاصة ‏بالساحل الإفريقي".‏

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.