"بيروت المرفأ".. معرض لبناني يربط تاريخ العاصمة بحاضرها (تقرير)
معرض "بيروت المرفأ" يظهر تاريخا متشابكا بين العاصمة ومرفئها منذ الحقبة العثمانية عبر خرائط ومواد أرشيفية وعرض ثلاثي
Lebanon
بيروت / نعيم برجاوي / الأناضول
- معرض "بيروت المرفأ" يظهر تاريخا متشابكا بين العاصمة ومرفئها منذ الحقبة العثمانية عبر خرائط ومواد أرشيفية وعرض ثلاثي- قرار عثماني عام 1832 وامتياز 1895 شكّلا نقطة تحوّل جعلت بيروت مركزاً تجارياً إقليمياً مرتبطاً بخطوط السكك الحديدية
- هدف المعرض إحياء العلاقة بين المدينة والمرفأ والتأكيد أن إعادة الإعمار ليست مشروعاً تقنياً فقط، بل سياسي اقتصادي اجتماعي
في قلب العاصمة اللبنانية يحكي معرض "بيروت المرفأ" العلاقة المتشابكة بين المدينة ومرفئها، وكيف ازدهرت إبان الحكم العثماني (1299-1923)، مروراً بالانتداب الفرنسي (1920-1943) والاستقلال وصولاً إلى الانفجار الذي وقع بالعام 2020.
القائمون على المعرض وهم مجموعة من المهندسين المعماريين والباحثين وأساتذة جامعيين، يحاولون تذكير الجمهور بتاريخ المرفأ منذ العام 1830، ما يمهد إلى وضع تصور لإعادة إعماره وتطويره لا ينفصل عن تاريخ المدينة وثقافتها.
وانطلق المعرض في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ويتواصل حتى فبراير/ شباط المُقبل، ويمتدّ على مساحة الطابق الثالث من "بيت بيروت" أو "مبنى بركات"، إحدى أقدم عمارات بيروت الحديثة.
المعرض أشبه بقاعدة بيانات وخريطة زمنية، تحمل أبعادا تاريخية وتؤسس لربط الميناء بتاريخ المدينة واستعادة دورهما المتكامل الذي صنع هويّة بيروت، المدينة المتوسطيّة المفتوحة على البحر والمترابطة مع محيطها، وفقاً لمنسقي المعرض.
"بيروت هي مرفأٌ أُنشئت له مدينةٌ"، بهذا الاقتباس للكاتب الروائي اللبناني إلياس خوري، يقدم المعرض، إلى جانب الخرائط الزمنية، شريط فيديو ثلاثي الأبعاد يوضح حجم الأضرار التي أصابت المدينة والمرفأ عقب الانفجار.
*** الدمار حاضر
وبعد مرور 5 سنوات على الانفجار، لا تزال أجزاء كبيرة من المرفأ أرضاً مهجورة مدمرة.
وخلف انفجار المرفأ الذي وقع في أغسطس/ آب 2020، أكثر من 220 قتيل و7 آلاف جريح، ولم تنته التحقيقات القضائية بعد لمعرفة حقيقة هذا الانفجار وأسبابه.
كما تسبب الانفجار، الذي صنف بأنه رابع أقوى انفجار غير نووي بالعالم، بأضرار مادية هائلة طالت أجزاء واسعة من بيروت، التي ما زالت تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة تعاني منها البلاد.
ووفق تقديرات رسمية، فإن الانفجار وقع في العنبر رقم 12، الذي كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، كانت مصادرة من إحدى السفن، ومخزنة منذ العام 2014.
وتبلغ تكلفة إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت بين 50 و100 مليون دولار، وفق تقديرات حكومية.
*** ازدهار بقرار عثماني
وتشرح هالة يونس، وهي مهندسة معمارية وباحثة وأستاذة جامعية واحدى منسقات المعرض، كيف أن قرارا عثمانيا حوّل بيروت من قرية إلى مدينة متطورة منفتحة على العالم وتربط الغرب بالشرق.
وفي مقابلة مع الأناضول، قالت يونس: "صحيح أن بيروت مدينة قديمة جداً تعود إلى الحقبة الفينيقية والرومانية، لكن في التاريخ الحديث، اتخذ الحاكم إبراهيم باشا بالعام 1832 قرارا هاماً لبيروت بإنشاء مركز حجر صحي ملاصق للمرفأ".
هذا القرار جعل مدينة بيروت ومرفأها ممرا إلزاميا للتجارة في المنطقة عبر السفن القادمة من أوروبا الى الشرق، وكي لا تنقل الطاعون والكوليرا يجب ان تمر بهذا المركز الصحي الواقع في بيروت، بحسب هالة يونس.
وأضافت: "وهكذا فإن المدينة الحديثة كبرت ومرت بحقب تاريخية متعددة، كما ازدهرت كثيرا بعد إقفال مرفأ حيفا (إبان النكبة 1948) إلى أن وقع انفجار 2020 الذي دمر بيروت والمرفأ ووضع مستقبلهما في مهب الريح".
وشهد المرفأ تحوّلا كبيرا آخر خلال العهد العثماني، إذ منحت السلطنة بالعام 1895 امتيازا لشركة خاصة لتطوير مرفأ بيروت وتشغيل خطوط السكك الحديدية، ما أدى إلى ربط المدينة بدمشق ثم بالعراق وصولاً إلى طهران، وفقاً ليونس.
وأنشئت السكك الحديدية عندما قررت الدولة العثمانية وتحديداً في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) أن تمد سككاً حديدية تربط بين إسطنبول والحجاز لتسهيل وصول الحجاج إلى بيت الله الحرام.
وبقيت حركة القطارات بين مختلف المناطق اللبنانية، جنوبا وشرقا وشمالا، إلى أن توقفت عن العمل خلال الحرب الأهلية (1975 - 1990) كما أن الحروب الإسرائيلية على لبنان تسببت بتضرر أجزاء من السكك الحديدية.
وقالت يونس: "الغاية من المعرض، هي الإضاءة على العلاقة التاريخية والترابط بين بيروت ومرفئها، ولنقول إن مشروع إعادة إعمار المرفأ هو مشروع سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي".
** الحقبة مستمرة
بدورها، قالت منى حلاق، وهي مهندسة معمارية وإحدى منسقات المعرض، أن "هدف المعرض أن يعلم الناس تاريخ وحاضر هذه المدينة، وأن يشعروا بأنه لديهم دور في مستقبلها".
وأضافت حلاق: "حاضر المدينة يبدأ من الحقبة العثمانية حتى اليوم، لأن هذا ما زلنا نراه ونعيشه يوميا، ولم يصبح آثارا بعد".
وأشارت الى أن "الحقبة ما قبل العثمانية، نعتبرها آثارا من الماضي، أما بيروت التي نعيشها اليوم فهي التي بدأت خلال الحقبة العثمانية، وما قبل ذلك هو تاريخ قديم وآثار لا نشاهده أو نعيشه في يومياتنا".
ومن أبرز الأبنية والمنشآت العثمانية التي لا تزال موجودة في بيروت، السراي الحكومي الكبير، ومقر وزارة الداخلية، وبرج الساعة الحميدية، وحديقة الصنائع، وقصر سرسق، إضافة إلى العديد من الأبنية السكنية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
