الدول العربية, التقارير, فلسطين

بنصف مليون دولار.. امتلاك شقة سكنية بالقدس حلم صعب المنال (تقرير)

رئيس مجلس الإسكان الفلسطيني بالقدس إبراهيم شعبان: أزمة السكن في القدس الشرقية تنبع أساسا من وجود الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967

12.01.2023 - محدث : 12.01.2023
بنصف مليون دولار.. امتلاك شقة سكنية بالقدس حلم صعب المنال (تقرير)

Quds

القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول

رئيس مجلس الإسكان الفلسطيني بالقدس إبراهيم شعبان: أزمة السكن في القدس الشرقية تنبع أساسا من وجود الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967
- الأراضي المتوفرة قليلة وسعر "الدونم" الواحد تجاوز 1.5 مليون دولار.. والبلدية تفرض رسوما مالية لإصدار ترخيص البناء تفوق أي مدينة في العالم
- القدس بحاجة فورية إلى 15 ألف شقة سكنية، و20 ألف شقة قائمة يتهددها الهدم بداعي البناء غير المرخص
- مطلوب دعم من يمتلكون أراضي للحصول على تراخيص البناء.. ونحتاج لتسهيلات مالية كبيرة للسماح للناس بالرهن العقاري لفترات طويلة بالتقسيط

مع تجاوز سعر الشقة السكنية الصغيرة في القدس الشرقية المحتلة نصف مليون دولار أمريكي أصبح امتلاك سكن للكثيرين حلما صعب المنال.

والحديث هنا عن شقة بمساحة 100 متر مربع في بنايات بالمدينة التي تعاني أزمة إسكان خانقة.

وبحسب معطيات إسرائيلية، يزيد عدد سكان القدس الشرقية الفلسطينية عن 367 ألفا ويشكلون 39 بالمئة من عدد سكان القدس بشطريها الشرقي والغربي.

ولكن البلدية الإسرائيلية في القدس هي التي تتحكم بإصدار تراخيص البناء في القدس بشطريها.

ووفق فلسطينيين ومؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية فإن البلدية تغدق بتراخيص البناء على الإسرائيليين، بمن فيهم أكثر من 220 ألف مستوطن بالقدس الشرقية، في حين تقيد بناء الفلسطينيين.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على تغيير التركيبة الديموغرافية للقدس الشرقية لصالح اليهود، ويتمسكون بالمدينة عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام1967 ولا بضمها إليها في 1981.

** أزمة احتلال

ووفق رئيس مجلس الإسكان الفلسطيني بالقدس المحامي إبراهيم شعبان، في حديث للأناضول، فإن "أزمة السكن في القدس تنبع من وجود الاحتلال أساسا، فالمدينة احتُلت من إسرائيل عام 1967، وبالتالي أصبح كل شيء بيد إسرائيل".

وأضاف أن إسرائيل "وسعت هذه المنطقة 11 ضعفا، وعندما وسعوها تمت مصادرة أكثر من 33 بالمئة من أراضيها لبناء حوالي 22 مستعمرة بالقدس الشرقية وطبقوا قانون أملاك الغائبين وقضية الأراضي الخضراء واحتياطي المستوطنات الإسرائيلية".

وقانون أملاك الغائبين الإسرائيلي لعام 1950 ينص على مصادرة عقارات الفلسطينيين الذين "غادروا البلاد إلى الدول المعادية" خلال حرب عام 1948، وفق القانون.

وبالتالي، وفق شعبان وهو أيضا محاضر في كلية الحقوق بجامعة القدس، "لم يبق للفلسطيني إلا نحو 10-13 بالمئة من مجموع هذه الأراضي وكثير منها يحتاج إلى تنظيم".

ومع التوسع الكبير للمستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية، فإن الأحياء الفلسطينية بالمدينة تحولت إلى ما يشبه الجزر المعزولة، وفق مراسل الأناضول.

ونادرا ما توجد أبنية فلسطينية مرتفعة في الأحياء الفلسطينية كتلك التي تكثر في المستوطنات الإسرائيلية بالقدس الشرقية أو في القدس الغربية.

وتسببت مصادرة الأراضي الفلسطينية لأغراض الاستيطان أو تصنيفها كمناطق خضراء يُمنع البناء عليها في ارتفاع حاد في أسعار الأراضي تجاوز مليون ونصف المليون دولار للدونم الواحد (الدونم يساوي ألف متر مربع) في حال توفر أصلا.

والسبب الثاني في أزمة السكن بالمدينة، وفق شعبان، هي "الرسوم العالية جدا للترخيص في القدس بحيث تفوق أي مدينة في العالم".

وأوضح أن "تكلفة رسوم ترخيص بناء المتر المربع الواحد تبلغ 500 دولار، بمعنى أنك إذا أردت بناء شقة بمساحة 100 متر مربع فستدفع لبلدية القدس الغربية بحدود 50 ألف دولار على الأقل لتحصل على ترخيص".

ومقارنة بالقدس الشرقية، تقل تكاليف إصدار رخص البناء في المناطق الفلسطينية الأخرى بعشرات المرات.

وحتى إذا ما توفرت الأراضي والرسوم المطلوبة، فإن استخراج تراخيص البناء صعب للغاية.

وقال شعبان إن القدس بحاجة فورية إلى 15 ألف شقة سكنية، و20 ألف شقة قائمة يتهددها الهدم بداعي البناء غير المرخص.

كما أن "عدد الرخص في القدس عادة بحدود 100 رخصة سنويا، فضلا عن أن البلدية الإسرائيلية باتت تطلب من الفلسطيني المقدسي المتقدم بطلب ترخيص شهادة تسجيل أرض طابو (سند تسجيل للأرض في الشهر العقاري)، وهذا أمر صعب جدا لأنه لا يوجد طابو في القدس إلا بنسبة 4-5 بالمئة"، وفق شعبان.

وشدد على أن "هذه الأسباب كلها تجعل أزمة الإسكان مستفحلة في القدس".

** أسعار مرتفعة

وبناء على استطلاع أجراه مراسل الأناضول في المناطق القريبة من القدس الشرقية، يبلغ متوسط سعر الشقة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية 150 ألف دولار، فيما ينخفض في بلدات العيزرية وحزما والرام، المتاخمة للقدس الشرقية، إلى ما لا يزيد عن 100 ألف دولار.

ومتوسط أسعار الشقق بمساحة 100 متر مربع في القدس الشرقية هو 500 ألف دولار، بينما يصل في مناطق أخرى بالمدينة إلى 700 ألف دولار.

وإزاء هذا الارتفاع في أسعار الشقق بالقدس الشرقية في حال توفرت أصلا، فإن امتلاكها أصبح مقتصرا على فئات متوسطي ومرتفعي الدخل في المدينة.

وقال شعبان إن "هناك غياب لجهات التمويل للسكن في القدس سوى مجلس الإسكان وبالتالي أنت تواجه مشكلة في التمويل".

وفي السنوات الأخيرة، وفق رصد الأناضول، بدأت بنوك عربية وفلسطينية عاملة في الأراضي الفلسطينية منح تسهيلات مصرفية لشراء مساكن بالقدس، ولكن سدادها يتطلب دخلا مرتفعا مقارنة مع متوسط الأجور في المدينة وهو 1700 دولار شهريا.

وبغياب امتلاك مسكن في القدس، فإن الكثيرين يضطرون لاستئجار مساكن لا تقل عن 1000 دولار شهريا للشقة بمساحة 100 متر مربع.

وأضاف شعبان أن "هذا (الوضع) دفع المقدسي إلى الهجرة من القدس إلى أكناف المدينة لأنه لا يستطيع أن يشتري شقة بنصف مليون دولار في القدس لمساحة 100متر مربع.. توجد أزمة طاحنة في القدس ولكن الناس مزروعين ولا يريدون هجرة القدس".

وحتى مجلس الإسكان الفلسطيني في القدس، الذي يرأس شعبان مجلس إدارته، عانى من الإجراءات الإسرائيلية حتى حصل على رخصة بناء.

وروى للأناضول أنه بعد شراء قطعة أرض في بيت حنينا شمالي القدس عام 2004 لم يتمكن من تنظيمها إلا في 2013.

وقال شعبان: "بعد 2013 تم إعداد الترخيص واستطعنا أن نحصل على رخصة بناء لـ156 شقة سكنية في 2019 وبعدها طرحنا العطاء لمباشرة المشروع.. وحاليا لدينا مشروع آخر ولا نتوقع أن نحصل على الترخيص قبل 7-8 سنوات".

وتابع: "أي شخص يريد التقدم بطلب ترخيص لا يمكن أن يحصل عليه قبل3-4 سنوات، وهذا هو الحد الأدنى زمنيا وبطبيعة الحال فإن الرسوم عالية جدا".

** دعم مالي

وبالرغم من بحث هذه الإشكالية منذ سنوات طويلة إلا أنه لا يلوح حل في الأفق حتى الآن.

ورأى شعبان أن "أول شيء مطلوب لحل الأزمة هو التمويل، والتمويل يجب أن يكون كبيرا لسبب بسيط وهو أن البناء في القدس".

واستطرد: "تحتاج إلى تسهيلات مالية كبيرة في القدس للسماح للناس بالرهن العقاري لفترات طويلة بالتقسيط، وهكذا تعم الفائدة وتوفر الإمكانيات لمحدودي الدخل بالشراء على دفعات تعادل الأجرة الشهرية للمسكن وهذا أهم شيء".

وتابع: "ثم دعم الترخيص من خلال دعم الأشخاص الذين لديهم أراضي لطلب الترخيص لأن العملية مكلفة جدا، غير أن إشكالية محدودية الأراضي المتوفرة تبقى قائمة".

وختم شعبان بأن "الأمر ينحصر بالتمويل والتنظيم والتخطيط ويحتاج إلى إطار قانوني يرعى كل هذه الأمور وأناس مهنيين، لأنه أمر حساس في القدس وهي مدينة محتلة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.