دولي, التقارير

اليمين المتطرف.. خطر يواجه الديمقراطية والمهاجرين بألمانيا (تقرير)

تواجه ألمانيا صعوبات في وقف صعود أحزاب وجماعات اليمين المتطرف المعادية للديمقراطية والمهاجرين والأجانب، والتي يرتكب بعضها أعمال عنف تزايدت في 2022 مقارنة بالعام السابق..

Cüneyt Karadağ, Erbil Başay, Mesut Zeyrek, Mohammad Kara Maryam, Muhammet Torunlu  | 29.12.2023 - محدث : 29.12.2023
اليمين المتطرف.. خطر يواجه الديمقراطية والمهاجرين بألمانيا (تقرير)

Berlin

برلين / الأناضول

تواجه ألمانيا صعوبات في وقف صعود أحزاب وجماعات اليمين المتطرف، التي تعتبرها السلطات أكبر تهديد يواجه الديمقراطية في البلد الأوروبي.

وفي الجزء الثالث من ملف إخباري خاص بعنوان "اليمين المتطرف في أوروبا"، يرصد مراسلو الأناضول التهديدات التي تشكلها الجماعات والمنظمات السياسية اليمينية المتطرفة في ألمانيا، واعتداءات اليمين المتطرف وتأثيره على المشهد السياسي.

ويتجه اليمين المتطرف إلى الصعود في ألمانيا، بشكل خاص خلال التحديات الاقتصادية أو عند فقدان المجتمع ثقته تجاه الدولة.

ظاهرة اليمين المتطرف في ألمانيا تتجلى في كراهية المهاجرين والأجانب والعنصرية ومعاداة الديمقراطية نوعا ما، وتتجسد عبر تنظيمات غير قانونية نشطة، ومن خلال الحزب الوطني الديمقراطي (NPD)، وحزب "الجمهوريون"، وحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD).

وكذلك حزب الإمبراطورية الاجتماعية (SRP)، الذي تأسس عقب الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ويعتبر نفسه وريثا لحزب العمال القومي الاشتراكي الألماني (NSDAP) الذي أسسه هتلر، وحُظر عام 1952.

وقبل توحيد الألمانيتين الشرقية والغربية عام 1990، شهدت ألمانيا الغربية تأسيس أحزاب تبنت أيديولوجية اليمين المتطرف، لكنها لم تكن ذات تأثير واسع في الساحة السياسية؛ بسبب ارتفاع مستوى الرخاء في البلاد.

اعتداءات متزايدة

لكن خلال سبعينيات القرن الماضي، ظهرت جماعات يمينية متطرفة تتبنى العنف مثل Wehrsportgruppe Hoffmann (WSG)، التي أسسها النازي كارل هاينز هوفمان.

وفي سبتمبر/ أيلول 1980، نفذ وندولف كولر، وهو عضو في جماعة WSG اعتداء إرهابيا على "مهرجان أكتوبر" التقليدي بمدينة ميونيخ. ويعتبر هذا الهجوم أول ظهور للوجه الإرهابي لليمين المتطرف.

وبحلول نوفمبر/ تشرين الثاني 1982، كانت مدينة ولفنبوتل على موعد مع أول اعتداء عنصري ضد الأتراك في ألمانيا، إذ لقي 4 أتراك مصرعهم إثر حريق أشعله أنصار لليمين المتطرف.

أما في ألمانيا الشرقية، فاصطدمت أفكار وتنظيمات اليمين المتطرف بضغوط وسياسات الدولة "المناهضة للفاشية"، لدرجة أنها كانت شبه غائبة في المجتمع.

وبعد توحيد الألمانيتين في 1990، لوحظ تزايد أصوات الأحزاب اليمينية المتطرفة والاعتداءات ضد الأجانب والمهاجرين.

ومع بدايات التسعينات، سجل اليمين المتطرف صعودا بالاستفادة من الأزمات التي سادت الاقتصاد والهجرة وكراهية المهاجرين والأجانب والغموض الناجم عن توحيد الألمانيتين والتغيرات السياسية، خاصة في ألمانيا الشرقية.

وشهدت المرحلة التالية تنفيذ مجموعات النازيين الجدد اعتداءات وهجمات أصابت العديد من الأشخاص في مناطق مختلفة.

وفي 29 مايو/ أيار 1993، أُضرمت النيران في المنازل التي يقطنها أتراك بمدينة مولن قرب هامبورغ؛ ما أسفر عن مصرع 8 أتراك.

كما لقي 10 أشخاص، بينهم 7 أطفال، أغلبهم من أصول إفريقية، مصرعهم جراء هجوم في يناير/ كانون الثاني 1996، على منطقة يقطنها لاجئون في مدينة لوبيك. ولم تتضح ملابسات الاعتداء حتى الآن، ولم يتم القبض على مرتكبيه.

وفي 1 يوليو/ تموز 2009، تعرضت المصرية مروة الشربيني للطعن بسكين على يد متطرف ألماني داخل قاعة محكمة بمدينة دريسدن بعد الإساءة لها بسبب ارتدائها الحجاب، مما أدى إلى مقتلها. وأصدر القضاء قرارا بسجن المعتدي مدى الحياة.

كما تواصلت أنشطة واعتداءات اليمين المتطرف خلال السنوات الأخيرة، إذ أظهرت بيانات رسمية ارتكاب هذه الفئة 23 ألف و493 جريمة عام 2022، بزيادة 3.8 بالمئة مقارنة بالعام السابق.

وبين يناير وسبتمبر/ أيلول 2023، شهدت ألمانيا 17 ألف و545 جريمة سياسية ارتكبها أنصار اليمين المتطرف، بينها 773 حادثة عنف، بارتفاع 15 بالمئة مقارنة بـ2022.

وفي 2022، شهدت ألمانيا 569 جريمة على الأقل استهدفت المسلمين، ليرتفع الرقم إلى 686 جريمة بين يناير وسبتمبر الماضيين.

استهداف المساجد

كما شهدت الاعتداءات على المساجد ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة، إذ وقع 81 اعتداءً ضد المساجد منذ مطلع 2023، نصفها حدث منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأعرب الأمين العام لاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية أيوب كاليون، مؤخرا، عن قلقه إزاء تصاعد الاعتداءات، داعيًا المسؤولين إلى اتخاذ التدابير اللازمة.

وقال كاليون إنهم زادوا الإجراءات الأمنية للمساجد إلى أعلى المستويات، وإنهم على اتصال دائم مع قوات الشرطة بسبب الهجمات.

تصاعد المتطرفين

وزارة الداخلية حظرت أكثر من 50 تنظيما يمينيا متطرفا، بينها "كومبات 18" و"نوردادلر" و"هامرسكينز"؛ بدعوى أن العديد من التنظيمات اليمينية المتطرفة تنشط ضد النظام الديمقراطي في ألمانيا.

ورغم تصريح وزيرة الداخلية نانسي فيزر بأن "التطرف اليميني هو أكبر تهديد للديمقراطية" واتخاذ الحكومة التدابير اللازمة ضده، إلا أن العديد من التنظيمات اليمينية المتطرفة تواصل أنشطتها كجمعيات وأحزاب.

وأكد رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور توماس هالدفانج مرارا أن اليمين المتطرف يعتبر خطرا كبيرا على الديمقراطية.

ويواصل اليمين المتطرف صعوده، على الرغم من تنظيم الحكومة برامج مختلفة للحيلولة دون ذلك.

ورغم استمرار أنشطة الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل Die Heimat وFreie Sachsen وDer 3. Weg وdieRechte، إلا أنها تفشل في تحقيق نتائج مهمة في الانتخابات.

بينما يجمع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف أصوات الشريحة اليمينية خلال السنوات العشر الماضية.

"البديل من أجل ألمانيا"

وبعد تأسيسه عام 2013 كحزب ضد عملة "اليورو" الأوروبية الموحدة، سرعان ما تطور حزب "البديل من أجل ألمانيا"، المناهض للإسلام، إلى اليمين المتطرف، وفاز بسبعة مقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2014 بعد حصوله على 7.1 بالمئة من الأصوات.

وتسبب فتح حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل أبواب البلاد أمام نحو مليون لاجئ، في ازدياد الاهتمام بهذا الحزب.

ورغم فشله في أول انتخابات خاضها في الحصول على النسبة المطلوبة لدخول البرلمان، إلا أنه حصد 94 مقعدا في انتخابات 2017 بحصوله على 12.6 بالمئة من الأصوات، ليصبح أول حزب يميني متطرف يتجاوز عتبة 5 بالمئة ويدخل البرلمان الاتحادي عقب الحرب العالمية الثانية.

دعم الولايات الشرقية

للمرة الأولى، بات حزب "البديل من أجل ألمانيا" جزءا من الإدارة، بعد فوز مرشحه روبرت سيسلمن بانتخابات حاكم منطقة سونبيرغ في يونيو/ حزيران الماضي.

كما فاز مرشح الحزب هانس لوث بالانتخابات البلدية لمنطقة "راغون-يسنيتس" في يوليو/ تموز الماضي، ليصبح أول سياسي من الحزب يتولى رئاسة بلدية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فازت مرشحة الحزب تيم لوتشنر بانتخابات بلدية مدينة بيرنا.

ومع هذه التطورات، تتصاعد مخاوف من وصول الحزب إلى السلطة بمفرده في انتخابات برلمانية مقرر إجراؤها في ولاية تورينغن العام المقبل.

وأظهرت استطلاعات عديدة للرأي بروز "البديل من أجل ألمانيا" كثاني أكبر حزب بالبلاد، بعد الاتحاد المسيحي (CDU-CSU)، بنسبة 22 بالمئة من الأصوات.

وصنف المكتب الاتحادي لحماية الدستور "البديل من أجل ألمانيا" وكوادره الشبابية كحزب يميني متطرف في بعض الولايات ووضعه تحت المراقبة.

وتظهر استطلاعات الرأي أن الحزب سيتقدم في انتخابات مجالس الولايات الشرقية في تورينغن وساكسونيا وبراند بورغ في 2024.

محاكمة "مواطنو الرايخ"

وينتظر أعضاء حركة "مواطنو الرايخ" Reichsbürger، ومعظمهم متطرفون يمينيون، المحكمة بعد إلقاء القبض عليهم في عمليات تم تنفيذها اعتبارا من ديسمبر 2022؛ جراء تخطيطهم لتنفيذ انقلاب، وهم يواجهون تهم "محاولة الخيانة" أو "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" أو "دعم تنظيم إرهابي".

وهذه تعد أكبر قضية متعلقة بأمن الدولة في تاريخ ألمانيا.

ووفقا لتقرير المخابرات الداخلية، فإن عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم "مواطني الإمبراطورية الألمانية" Reichsbürger يبلغ حوالي 23 ألفا، بينهم ألفان و100 مستعدون لاستخدام العنف ولا يعترفون بألمانيا كدولة شرعية.

ويرتبط بعض أعضاء "مواطني الرايخ" بفكرة الإمبراطورية الألمانية في ظل النظام الملكي، بينما يؤيد آخرون النازية، فيما يؤمن فريق ثالث بأن ألمانيا لا تزال تحت الاحتلال العسكري.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın