العمل بالتعاقد في المغرب.. جدل لا يتوقف بين المعلمين والحكومة (تقرير)
- بدأ العمل بهذا النظام منذ 2017 في قطاع التعليم، حيث يتم توظيف المعلمين بعقود مؤقتة بدل التعيين الدائم.
Rabat
الرباط/ أحمد بن الطاهر/ الأناضول
- يثير ملف العمل بنظام التعاقد في القطاع العام، الكثير من الجدل السياسي والقانوني في المغرب- بدأ العمل بهذا النظام منذ 2017 في قطاع التعليم، حيث يتم توظيف المعلمين بعقود مؤقتة بدل التعيين الدائم.
- منذ وقتها والمعلمون المتعاقدون (عددهم نحو 100 ألف معلم) يواصلون الاحتجاج ضد هذا النظام ويطالبون بإدماجهم في الوظيفة العمومية
لا يزال ملف العمل بنظام التعاقد في القطاع العام بالمغرب، الذي بدأ مع المعلمين منذ سنوات، يثير الكثير من الجدل السياسي والقانوني.
ويشارك المعلمون المتعاقدون (يعملون بعقود مؤقتة)، في إضرابات منذ عدة سنوات رفضا للعمل بالتعاقد، في الوقت الذي يثير الأمر الكثير من التعقيدات القانونية والإدارية.
وتجددت احتجاجات المعلمين في مارس/ آذار الماضي، إذ خاضوا إضرابا عن العمل لمدة 3 أيام، رفضا لما يقولون إنها "اعتداءات" من قوات الأمن على زملائهم خلال مسيرة احتجاجية بالعاصمة الرباط.
وتصاعدت الاحتجاجات مؤخرا، حيث شهدت إصابات وتوقيفات بصفوف المعلمين، إثر فض مسيرة احتجاجية في الرباط، يومي 6 و7 أبريل/ نيسان الجاري.
وفي 4 أبريل الجاري، أعلنت محافظة الرباط (تابعة لوزارة الداخلية)، في بيان، "منع أي تجمهر أو تجمع بالشارع العام، تفاديا لكل ما من شأنه خرق مقتضيات حالة الطوارئ الصحية".
ودعت المحافظة "الداعين لهذه الأشكال الاحتجاجية إلى ضرورة الالتزام بقرار المنع، مع تحميلهم المسؤولية في كل ما يمكن أن يترتب عن أي تصرفات خلافا لذلك".
** إسقاط نظام التعاقد
وقالت رجاء آيت سي، مسؤولة بـ"تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" (غير حكومية): "تعمل التنسيقية من أجل مطالب محددة، وهي إسقاط نظام التعاقد، وإدماج الأساتذة بالقطاع العام".
وزادت رجاء، في تصريح للأناضول: "نناضل من أجل إسقاط مخطط التعاقد لأنه المدخل الرئيسي من أجل خصخصة التعليم".
وتابعت: "نحتج لكي تظل المدرسة العمومية مجانية لكل أبناء وبنات الشعب المغربي، لأننا جزء لا يتجزأ منهم".
وأضافت: "في خضم نضال أساتذة التعاقد، من أجل الإدماج بالوظيفة العمومية، كان الجواب الحكومي هو التعاطي الأمني مع الاحتجاجات، ومنع وقمع التظاهرات، واعتقال ومتابعة الأساتذة".
وأردفت: "تعرضت مسيرات التنسيقية في 16 و17 مارس الماضي للقمع، ومنعت أيضا المسيرات السلمية في العاصمة في 6 و7 أبريل الجاري".
وأوضحت أنه تم "توقيف نحو 56 من الأساتذة (المعلمين المتعاقدين)، منهم 20 تقرر تقديمهم أمام النيابة العامة (الادعاء العام)".
وفي العام 2017، أطلقت الحكومة المغربية، برنامج التوظيف بالقطاع العام بموجب عقد يمتد عامين وقابل للتجديد، وبدأ تنفيذه في التعليم.
ومنذ فرض التعاقد، يشارك مئات المعلمين المتعاقدين بمسيرات احتجاجية بمختلف مناطق البلاد، لإدماجهم بالقطاع العام (التعيين الدائم).
** الأمن الوظيفي
واعتبر عبد الإله دحمان، رئيس "المركز المغربي للأبحاث حول المدرسة" (غير حكومي)، أن "نمط التوظيف بالتعاقد، جاءت به الحكومة بهدف ما سمي سد الخصاص وتأمين الحق في التعلم".
وأوضح دحمان في حديث للأناضول، أن "تبريرات الحكومة كانت مجرد ادعاءات، لأن التعاقد سيرسخ نوعا من الهشاشة وسيعصف بالأمن الوظيفي".
واستطرد: "أفرز لنا نمط التوظيف بالتعاقد، نوع من التمايز، بين فئات الأسرة التعليمية، مما خلف مظلمة كبيرة، وعصف بالحقوق الأساسية للأساتذة".
وزاد: "التوظيف داخل قطاع التعليم، يجب أن يحقق أولا الاستقرار النفسي والمهني والاجتماعي، وأيضا يحقق الأمن الوظيفي، الذي لا يمكن أن يكون إلا على أساس أرضية قانونية صلبة".
** انعكاسات على جودة التعليم
واعتبر دحمان، أن ما يهم "في إطار البحث التربوي، هو الانعكاسات التربوية الاستراتيجية لهذا النمط من التوظيف المبني على مركز قانوني ضعيف".
واستدرك: "هناك آثار تربوية على مردودية النظام التربوي وعلى جودته، وعلى تكافؤ الفرص وعلى الإنصاف داخل منظومة التربية والتكوين".
وأردف: "إذا استحضرنا الرهانات المرتبطة بالقانون الإطار للتربية والتكوين، الذي أقره البرلمان، باعتباره مدخلا استراتيجيا لإصلاح أعطاب التعليم، سيكون لزاما أن يبنى التوظيف بقطاع التعليم على أسس قانونية".
وتابع: "نمط التوظيف بالتعاقد سيضر بقطاع التربية والتكوين، على مستوى تجويد الأداء التربوي، أكثر مما يضر بحقوق هذه الفئة التي فرض عليها هذا النمط من التوظيف".
كما طالب دحمان، الحكومة بـ"مراجعة مواقفها، وإدماج أساتذة (معلمي) التعاقد في النظام الأساسي للوظيفة العمومية".
ودعا إلى تمتيع تلك الفئة، بـ"منظومة الحقوق المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، بكافة المرجعيات القانونية المنظمة له".
** موقف الحكومة
ولتهدئة الوضع، دافع وزير التربية الوطنية المغربي سعيد أمزازي، في أكثر من مناسبة، عن أن "العمل بنظام التعاقد في قطاع التعليم لم يعد قائما منذ مارس 2019".
وأضاف أمزازي، أنه "تم اعتماد نظام أساسي (قانون منظم) للأساتذة المتعاقدين يطابق المعمول به في الوظيفة العمومية".
وأفاد بأن "نقطتين فقط بقيتا عالقتين وهما في طور المصادقة عليهما بالبرلمان، ويتعلق الأمر باستفادتهم (المعلمين) من نفس مؤسسة التقاعد على غرار موظفي القطاع العام، والسماح لهم بالاستفادة من الانتقال (تغيير مكان العمل) خارج الجهات (الولايات ) التي يعملون بها".
كما دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) في 26 مارس الماضي إلى حماية الحريات العامة بما فيها حق التظاهر السلمي، منتقدة تدخل قوات الأمن لفض وقفة احتجاجية للمعلمين في الرباط.
وقال في بيان إن "تدخل قوات الأمن لفض احتجاجات مئات المعلمين المتعاقدين (في 23 و24 مارس الماضي) أسفر عن إصابة عدد منهم بجروح ووقوع حالات إغماء في صفوفهم".
وأكد المجلس، أن "استخدام السلطات للقوة من أجل فض تجمع المعلمين المتعاقدين تحول تدريجيا إلى العنف".
ويبلغ إجمالي المعلمين المتعاقدين في المغرب، 100 ألف معلم، حسب تقارير إعلامية.
وفي فبراير/ شباط 2018، قال رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، إن “التعاقد المبرم مع المعلمين نهائي وغير محدد المدة”، وهو ما لم يثنِ الأساتذة عن مواصلة الاحتجاج.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.