السياسة, الدول العربية, التقارير, الصومال

الصومال.. رماية السهام إرث قتالي يأبى الاندثار (تقرير)

-رغم أن لعبة الرماية بالسهام تنشط في بعض المدن والقرى بالأقاليم الصومالية منذ عقود طويلة، إلا أنها لم تحظ بشعبية كبيرة مقارنة بالألعاب الأخرى ككرة القدم. -يتشبث البعض حتى الآن بهذه الرياضة منذ 7 عقود، رغم الإهمال الرسمي لها ما جعلها عرضة للاندثار

03.02.2022 - محدث : 03.02.2022
الصومال.. رماية السهام إرث قتالي يأبى الاندثار (تقرير)

Somalia

نور جيدي/ الأناضول

مع ظهيرة كل يوم يجتمع عشرات الشيوخ في ساحة بحي "بونطيرى" شرقي العاصمة الصومالية مقديشو، في مشهد يبدو للوهلة الأولى وكأنك أمام ساحة تحكيم في قضية عرفية.

لكن الأمر ليس كذلك بالضبط، فالتحكيم موجود والتنافس على أشده، بيد أن القضية والهدف مختلفان، إذ يتبارى العشرات بالفعل لكن في رياضة الرماية بالسهام والتي تعرف أيضا بـ"النبَالة"، والتي باتت تقاوم الاندثار بعد أن عشقها الصوماليون لعقود.

ففي الساحة المذكورة ينقسم الحضور إلى مجموعتين متنافستين تدفع كل مجموعة بشخص يمثل فريقه في كل مبارزة من أجل إصابة الهدف الموضوع على بعد 55 مترا تقريبا.

النشاط وقوة المنافسة لدى هواة هذه اللعبة التي لا تحظى بدعم رسمي، تجعلك تتشبث بالبقاء في الميدان لمدة أطول، لمتابعة تلك اللعبة الرياضية والقتالية القديمة التي لايزال البعض يمارسونها منذ عقود، رغم التحديات التي تواجهها.

ويتشبث البعض حتى الآن بهذه اللعبة منذ 7 عقود، رغم إيقاعها القديم، كونها الهواية التي أوصى بها النبي الكريم محمد خاتم المرسلين لتعليمها وتوريثها للأجيال، معتقدين أن ممارستها يكسب صاحبها الأجر من عند الله.

وبحسب عشاق هذه الرياضة، فإنها تفتقر إلى دعم رسمي من أجل تطويرها وتحويلها إلى رياضة شعبية محلية لتنتج أجيالا مهرة قد يمثلون البلاد في المسابقات الدولية.

** عشق وهواية

من داخل الساحة، يروي السبعيني محي الدين محمد للأناضول قصة عشقه لتلك الرياضة، التي يتبعها منذ أن كان في الخامسة عشر من عمره.

وفي هذا السن، كان محمد يقوم بجمع السهام بعد انتهاء كل مبارزة وظل يلعب هذا الدور إلى أن تألق وانضم إلى المجموعات المتنافسة بينما كان عمره 20 عاما، و فق قوله.

ويضيف محمد أن لديه عشق لا ينقطع مع هذه الهواية التي ورثها أبا عند جد، قائلا: "كان عمي يصطحبني إلى هذه الساحة لأشاهد لعبة الرماية بالقوس والسهم إلى أن صارت لي هواية لا أزال أمارسها منذ أكثر من 50 عاما".

ويواصل حديثه قائلا: "رغم تقدم عمري لازلت احتفظ بالدقة التي تتطلبها هذه اللعبة لإصابة الهدف على مسافة معينة".

كما السهام الكل في هذه لعبة تقليدي وقديم، بدءا من القوس المصنوع من نوع خاص في أغصان الشجرة دون إضافة مواد أخرى لإضفائه بالقوة والمرونة، مرورا بالسهام التي لها رأس مدور على عكس السهام القتالية التي لها رأس حاد، إلى جانب الهدف الذي عبارة عن جسم صلب يوضع على مسافة بعيدة نسبيا.

** اهتمام شبابي

يحظى الفائر في كل مبارزة بالتصفيق الحار من قبل مجموعة من الشباب الذين يأتون إلى الميدان لمشاهدة وإضفاء اللعبة نوعا من الحماس لتشتعل المنافسة بين المجموعتين لإصابة الهدف.

يتردد يوسف محمد إلى هذا الميدان في كل يوم ليتدرب ويتقن هذه اللعبة على أيدى أحد أبرز المهرة، ليعيد استكشاف وإتقان أسرار هذه اللعبة قبل نحو ساعة من انطلاق المنافسة بين المجموعتين.

يقول محمد للأناضول، إن هذه اللعبة "مفيدة ليس كهواية فقط، وإنما كثقافة إسلامية لكل الشباب الصوماليين من أجل معرفة إحدى أهم الأدوات القتالية لأجدادنا الذين وقفوا أمام توسع الاستعمار في البلاد".

وحسب قوله، فقد استلهم حب هذه اللعبة من تردده إلى الميدان، سعيا إلى اتقان أسرارها لتحقيق نجاحات سواء محليا أو دوليا إن سمحت له الظروف.

يلتقط أطراف الحديث علي حسين أحمد، موضحا للأناضول، أن لعبة الرماية بالسهام تحظى يوما بعد الآخر باهتمام شبابي بعد أن كانت مقصورة على الفئات الكبيرة وهذا نتيجة تمسكنا بها، رغم كل التغيرات التي طرأت في البلاد، ورغم عدهم الاهتمام الرسمي باللعبة.

وبخصوص أسرار هذه اللعبة يقول: "تتطلب الدقة ونوعا من القوة لإصابة أهداف بعيدة نسبيا، لكن على المتدرب والراغبين بالانضمام إليها التمرن أولا كيفية قبض القوس وتوجيه السهام قبل إطلاقه نحو الهدف المنشود".

وبحسب الممارسين لهذه الهواية، فإن التمدد العمراني في حي "بونطيرى" قد يهدد استمرارية هذه اللعبة نتيجة توسع السكان في محيط الساحة التي تُلعب بها إلى جانب غياب الساحات الخاصة بها.

** غياب الدعم الرسمي

رغم أن لعبة الرماية بالسهام تنشط في بعض المدن والقرى بالأقاليم الصومالية منذ عقود طويلة، إلا أنها لم تحظ بشعبية كبيرة مقارنة بالألعاب الأخرى ككرة القدم.

شري محمود أحد هواة تلك اللعبة يرجع في حديثه للأناضول سبب تدني شعبيتها لأمرين، الأول غياب الدعم الرسمي لتطويرها وتخصيص أنشطة رياضية بهذا المجال، والثاني عدم اهتمام فئة الشباب بها مقارنة بألعاب الرياضية السائدة في البلاد.

ويضيف حسين أن هواة هذه اللعبة سواء في المدن والقرى يمارسونها كثقافة وليست كلعبة فقط مما أدى إلى عدم اندثارها طيلة هذه العقود رغم غياب الجهات المعنية لتطويرها.

ومنذ انهيار الحكومة المركزية بالصومال عام 1991 اختفت رياضة الرماية بالسهام على المستوى الرسمي، كغيرها من الألعاب الأولمبية في البلاد نتيجة غياب الملاعب الخاصة بها بسبب تحويل القرية الرياضية المخصصة لها بمقديشو إلى ثكنة عسكرية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın