الدول العربية, التقارير, السودان

السودان.. من محضن اللاجئين إلى مصدر لهم (إضاءة)

ـ أعدد اللاجئين السودانيين لدى دول الجوار تتضاعف بشكل متسارع مع استمرار الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع

11.05.2023 - محدث : 11.05.2023
السودان.. من محضن اللاجئين إلى مصدر لهم (إضاءة)

Istanbul

الخرطوم/ الأناضول

ـ أعداد اللاجئين السودانيين لدى دول الجوار تتضاعف بشكل متسارع مع استمرار الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع
ـ نحو 10 ملايين لاجئ إفريقي وعربي بالسودان أمام خيارات صعبة بين العودة إلى بلدانهم الأصلية أو البحث عن بلد ثالث
ـ 20 ألف سوداني لجؤوا إلى تشاد، و25 ألف إلى جنوب السودان ونحو 15 ألف إلى مصر

بعدما فتح السودان أذرعه لملايين اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل طيلة عقود ماضية، يجد السودانيون أنفسهم اليوم مضطرين للنزوح لدول الجوار مع استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.

والمفارقة أن اللاجئين في السودان أصبحوا مضطرين للعودة إلى بلدانهم الأصلية، أو البحث عن بلد ثالث أكثر استقرارا.

ـ لاجئون يحتمون بالسودان

ولا توجد إحصاءات دقيقة بشأن عدد اللاجئين في السودان، خاصة في ظل حركة اللاجئين إلى ومن البلاد.

بعض التقديرات تضعهم ما بين 8 و10 ملايين لاجئ، منهم ما بين 3 و4 مليون لاجئ إثيوبي، ونحو 3 ملايين من دولة جنوب السودان، ونحو 700 ألف يمني، و250 ألف سوري، بالإضافة إلى آلاف من الإريتريين، وحتى القادمين من منفاهم في إقليم تيغراي بإثيوبيا.

غير أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تقدر عدد اللاجئين في السودان بأكثر من مليون لاجئ، منهم 800 ألف لاجئ من دولة جنوب السودان، التي استقلت عن الخرطوم رسميا في عام 2011، ربعهم يعيشون في العاصمة الخرطوم، التي تشهد اشتباكات عنيفة.

الفرق الشاسع بين تقديرات مفوضية اللاجئين والتقديرات الإعلامية يعود إلى معايير التصنيف، إذ أن الأخيرة تضم مثلا كل مواطني جنوب السودان إلى فئة اللاجئين بمن فيهم الطلبة والتجار والمقيمين والذين لا تنطبق عليهم صفة اللجوء.

ـ السودانيون يبحثون عن اللجوء

بعد نحو ثلاثة أسابيع من الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم، لا توجد آمال كبيرة بتوقف القتال قريبا، لذلك تزداد حركة لجوء عكسي للسودانيين إلى دول الجوار على غرار تشاد وجنوب السودان ومصر وحتى ليبيا، وفق الأمم المتحدة.

بينما لم تسجل الأمم المتحدة في آخر تقاريرها نزوحا إلى إثيوبيا وإريتريا وجمهورية إفريقيا الوسطى، المجاورة هي الأخرى للسودان.

ففي تقرير للأمم المتحدة صدر في 25 أبريل/نيسان المنصرم، أي بعد عشرة أيام من بداية الاشتباكات، كشف عن تصاعد حركة لجوء السودانيين نحو تشاد، وجنوب السودان، ومصر.

حيث كشف التقرير عن وصول نحو 20 ألف لاجئ سوداني من إقليم دارفور إلى شرق تشاد، التي تحتضن أصلا نحو 400 ألف لاجئ من أيام حرب دارفور الأولى (2019 -2003) في 13 مخيما للاجئين بالبلد الإفريقي، الذي يعاني هو الآخر ظروفا أمنية هشة.

بينما بلغ عدد اللاجئين السودانيين في دولة جنوب السودان نحو 4 آلاف وفق التقرير الأممي، غير أن سلطات جنوب السودان، قدمت في 4 مايو/أيار الجاري، أرقاما أكبر، حيث كشف وزير خارجيتها المكلف "دينغ داو دينغ"، أن عدد اللاجئين السودانيين في بلاده، ارتفع إلى نحو 25 ألف شخص.

وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع مع تواصل القتال، خاصة في الخرطوم، وفي ولايات إقليم دارفور الخمسة (غرب)، وبالأخص ولاية غرب دارفور، وبدرجة أقل في قاعدة مروي الجوية، بالولاية الشمالية (شمال)، وفي قاعدة الأُبيِّض الجوية بشمال كردوفان (جنوب)، وبمنطقة الدمازين، بولاية النيل الأزرق (جنوب) وفي ولاية القضارف (شرق)، وفق بيانات أممية.

فالاشتباكات طالت نحو عشر ولايات بشكل متفاوت، إلى أن النصيب الأكبر من القتلى كان في الخرطوم وإقليم دارفور، ما أدى إلى موجات نزوح داخلية، ولجوء إلى تشاد وجنوب السودان.

أما مصر فلم تشهد في الأيام الأولى موجات لجوء كبيرة إلا أن أعداد اللاجئين سرعان ما تضاعفت وبلغت 16 ألف لاجئ منهم قرابة 15 ألف سوداني والبقية من نحو50 جنسية، بحسب الخارجية المصرية.

وتضاف هذه الأعداد لنحو 86 ألف طالب لجوء سوداني في مصر، قبل اندلاع الاشتباكات الأخيرة منتصف أبريل الماضي، ناهيك على نحو 4 ملايين سوداني مقيم.

وترتفع الأصوات داخل مصر لإلغاء التأشيرة عن اللاجئين السودانيين لأسباب إنسانية وفتح الحدود أمامهم إلى غاية استقرار الأوضاع الداخلية عندهم، في حين تتحفظ أطراف أخرى عن رفع التأشيرة لأسباب أمنية.

ولم تذكر بيانات الأمم المتحدة أعدادا محددة للاجئين السودانيين الفارين إلى ليبيا عبر الحدود، ولكن حتى قبل الاشتباكات الأخيرة، كانت الطريق إلى ليبيا أقصر سبيل نحو أوروبا لقربها من السواحل الإيطالية والمالطية.

ويقدر عدد طالبي اللجوء السودانيين في ليبيا نحو 15 ألف، وفق المفوضية الأممية للاجئين.

ـ من اللجوء إلى اللجوء

يجد اللاجئون في السودان أنفسهم في مأزق جديد، فالبلاد التي احتموا بها أصبحت على حافة حرب أهلية، ما سيدفعهم إما للعودة إلى بلدانهم مثلما يفعل أبناء جنوب السودان، الذين تحولوا من مواطنين سودانيين إلى لاجئين (أو مقيمين) أو البحث عن الأرض الأخيرة للفرار إليها.

وهذا المصير ينتظر اللاجئين الإثيوبيين، خاصة الذين فروا خلال الأشهر الماضية من إقليم تيغراي، الذي شهد أعمال عنف ما بين عامي 2020 و2022، ما اضطر نحو 60 ألف من سكان الإقليم للفرار إلى شرق السودان.

والمناطق الشرقية للبلاد أكثر هدوء، فنحو 33 ألف من سكان الخرطوم نزحوا إلى الولايات الشرقية، التي شهدت قدرا محدودا من الاشتباكات، وفق تقارير أممية، تحدثت أيضا عن فرار نحو 5 آلاف نازح من الخرطوم إلى مخيمات اللاجئين في ولاية كسلا (شرق) وألفين في ولاية القضارف (شرق).

لكن إذا توسعت المعارك لتشمل المناطق الحدودية فمن المتوقع أن يضطر جزء من اللاجئين الإثيوبيين للعودة إلى مناطقهم في تيغراي، وهو ما بدأ يحدث فعلا عقب توقيع اتفاق سلام بين الحكومة الاتحادية في أديس أبابا، وجبهة تحرير شعب تيغراي (المتمردة).

فيما تقدر مفوضية اللاجئين الأممية عدد النازحين السودانيين داخليا بنحو 3.7 مليون نازح، بسبب الحروب خاصة في دارفور وفي جنوب السودان.

ورغم تقلص أعداد النازحين السودانيين الذين كان عددهم يقدر بنحو 7 ملايين نازح بعد طي الحرب في دارفور (2019) وجنوب السودان (2005)، إلا أن تواصل الاقتتال بين قوات الدعم السريع والجيش، ولفترات طويلة يهدد باشتعال موجة أكبر من اللجوء.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.