السياسة, دولي, التقارير

"الرافال الفرنسية" وراء اتفاقية "سيزموا" بين القاهرة وواشنطن؟ (تقرير)

(تقرير)

10.04.2018 - محدث : 10.04.2018
"الرافال الفرنسية" وراء اتفاقية "سيزموا" بين القاهرة وواشنطن؟ (تقرير)

Al Qahirah
القاهرة/ ربيع أبو زامل/ الأناضول (تحرير أحمد طلبة)

كشفت القاهرة وواشنطن عن توقيعهما على اتفاقية "سيزموا "(CISMOA) المعنية بتبادل الاتصالات والأمن، والتي جاءت تتويجًا لأكثر من ثلاثين عامًا من الجهود المبذولة بين البلدين، وفق مسؤول عسكري أمريكي بارز.

و"سيزموا" اتفاقية تُعرف بـ"مُذكرة التفاهم في مجال الأمن وقابلية تبادل الاتصالات" (Communications Interoperability and Security Memorandum of Agreement).

وتتيح الولايات المتحدة للدولة الموقعة عليها، الحصول على أحدث النظم التسليحية المتاحة بكامل إمكانياتها، أما الدول التي ترفض التوقيع عليها فتحصل على سلاح أمريكي محدود الإمكانيات، وفق تقارير صحفية.

ومنذ الكشف عن توقيع الاتفاقية، في مارس/ آذار الماضي، أُثير جدل واسع حول كونها اتفاقية عادية متعلقة بعلاقات عسكرية طبيعية، أم أنها تطول السيادة الوطنية المصرية، باستخدام مجال البلاد الجوي والعسكري والبحري والتفتيش الدوري.

وبجانب حديث قائد عسكري أمريكي بارز، طرح خبيران عسكريان أحدهما قائد أدرني سابق، وآخر سياسي مصري، 3 دوافع محتملة لتوقيع الاتفاقية بين البلدين، وتتمثل في: "السعي المصري للحصول على أفضل الإمكانيات العسكرية"، و"التغلب على محاولة عرقلة الولايات المتحدة صفقة مقاتلات رافال الفرنسية لمصر"، و"زيادة التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين".

وفي هذا الصدد، استبعد خبير سياسي مصري، "انتقاص الاتفاقية لقرار الدولة الموقعة عليها لصالح الولايات المتحدة".

وهو ما اتفق معه خبير عسكري مصري في حديث للأناضول، بأن بلاده "تحاول الحصول على أفضل الإمكانيات العسكرية، خصوصًا وأن الاتفاقية لا تجبر القاهرة على شيء، بل تنظم التعاون بينهما".

ولم يستبعد الخبيران المصريان، من أن يكون الرفض الأمريكي، مطلع العام الجاري، لتصدير الأجزاء الخاصة من صاروخ كروز "سكلاب إي جي" إلى فرنسا لصالح صفقة "رافال" مع مصر، دافعًا للقاهرة بتوقيع الاتفاقية.

وحاولت الأناضول أكثر من مرة التواصل هاتفيًا مع مسؤولين بوزارة الخارجية المصرية، غير أنه تعذّر الحديث معهم، فيما رفض مصدر عسكري التعقيب على الأمر.



**إعلان مصري أمريكي

أوردت السفارة المصرية في واشنطن، في 22 مارس/ آذار الماضي، تصريحات مقتبسة لكلمة قائد القيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، أمام اللجنة العسكرية بـ"الكونغرس" الأمريكي، والتي عُقدت في 13 من الشهر ذاته.

وقال فوتيل في كلمته، التي نشرها أيضًا الموقع الإلكتروني للجنة العسكرية الأمريكية، بشأن مصر: "كمثال على تكثيف جهودنا (القاهرة وواشنطن)، فقد وقّع الجانبان في يناير/ كانون الثاني الماضي، مذكرة التفاهم المُشتركة (سيزموا)، وذلك تتويجًا لأكثر من 30 عامًا من الجهود المبذولة؛ لتحسين الأمن والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب".

وأضاف: "كدليل على دعمنا المستمر لجهود مصر، طلب الرئيس (الأمريكي دونالد ترامب) من الكونغرس تقديم 1.3 مليار دولار (أمريكي) كمساعدات عسكرية لمصر عام 2018، على الرغم من الأعباء المتزايدة لميزانيتنا".

القائد العسكري الأمريكي شدَّد: "مصر تبقى مُرتكزًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بموقعها الاستراتيجي، واتفاقية السلام بينها وبين إسرائيل (1979)، وشريك حيوي في مكافحة تدفق المقاتلين الأجانب (إلى أوروبا)".

ومشيدًا بعلاقات بلاده الاستراتيجية، تابع فوتيل: "مصر تقدم لنا الدعم في طلبات عبور مجالها الجوي، وتأمن عبورنا في قناة السويس، وتشاركتا التزامنا لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي"، مشددًا على أن "الشراكة في المساعدة الأمنية، حجر الأساس في تلك العلاقة".



**صفقة "رافال" الفرنسية

أوائل العام الجاري، تحدثت صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية، عن مشاكل في صفقة مقاتلات "رافال" المصرية؛ بسبب رفض واشنطن تصدير الأجزاء الخاصة بصاروخ كروز (SCALP EG) إلى فرنسا لصالح الصفقة.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصادر مطلعة ببلادها (لم تسمها)، آنذاك، أن باريس غير قادر حاليًا على تسليم صواريخ (SCALP EG) لمصر؛ بسبب المكون الأمريكي الموجود في الصاروخ.

والصاروخ مخصص لتدمير تحصينات ومراكز القيادة والاتصالات، والقواعد الجوية ومخازن الأسلحة والذخيرة، وجسور وموانئ للعدو من خارج مدى الدفاعات الجوية، ويعمل بنظام القيادة الذاتية.

ولم تعلق السلطات الفرنسية أو الأمريكية، على تلك التقارير.

وفي هذا الصدد، لم يستبعد الخبير العسكري، اللواء متقاعد بالجيش المصري، طلعت مسّلم، احتمالية دفع صفقة "رافال" مصر للتوقيع على الاتفاقية الأمريكية.

وفي حديث للأناضول، قال مسلم إن "احتمال وجود علاقة بين اتفاقية سيزموا، وصفقة كروز ورافال قائم، ولا استطيع نفيه واستبعاده".

وتعاقدت مصر وفرنسا على صفقة تضم 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال"، تسلمت مصر 12 منها على 3 دفعات في يوليو/تموز 2015، ويناير/كانون الثاني 2016، وأبريل/نيسان 2017، ولم يعلن موعد تسليم بقيتها. ‎



** أفضل الإمكانيات العسكرية

لم تعلن القاهرة عن سبب التوقيع على تلك الاتفاقية بعد، لكن الحاجة إلى تطوير الآليات العسكرية المصرية، بدا محور اهتمام القادة المصريين خلال السنوات الأخيرة.

ومفسرًا الدوافع المصرية منها، أوضح العسكري السابق "مسّلم" أن مصر "تحاول الحصول على أفضل الإمكانيات العسكرية، خصوصًا وأن الاتفاقية لا تجبر القاهرة على شيء بل تنظم التعاون".

وحول هذا التعاون أضاف: "الاتفاقية تنظم التعاون بين مصر والولايات المتحدة، وتعميمه".

وحول سبب عدم عرضها على مجلس النواب بعد، رأى أنها "قد تكون قيد الدراسة، وهي ليست عاجلة وستصبح معلقة إلى أن يوافق عليها المجلس".

وأكد أنه "لا يعرف سبب تأخرها 30 سنة أو سبب توقيعها مؤخرًا"، مشددًا على أنه "لا أحد يعرف تفاصيلها إلا الفريق المصري الذي راجعها ووقع عليها".



**زيادة التعاون الأمني والاستراتيجي

في هذا الصدد، رأى اللواء الأردني المتقاعد، قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، أنها "تبدو في مجملها اتفاق تبادلي تعاوني، وهي عبارة عن اتفاق عام مع غالبية دول الإقليم الذي تعد مصر دولة ارتكازية فيه".

و"إذا كانت فرضية الاتفاقية صحيحة"، فإنها من وجهة نظر محمود، "مجال جديد من التعاون الأمني والاستخباراتي بين واشنطن والقاهرة".

ودعا في حديث للأناضول، مصر إلى الاستفادة منها "كونها من الدول الاستراتيجية التي تجعل أمريكا في أمس الحاجة إليها".

واستطرد: "إذا استطاعت مصر استخدام نقاط القوة التي تتميز بها (لم يحددها)، فإنها تستطيع الاستفادة من أي نوع من أنواع التفاهم مع الأمريكان".



**قيمة الاتفاقية

وتحت هذا العنوان، شدد الأكاديمي المصري "الشافعي" أنه "لا يرى قيمة كبيرة لها بالنسبة لأمريكا، ولا انتقاص كبير من حرية قرار الدول الأخرى الموقعة عليها".

وعلل ذلك بالقول: "لأن تلك الدول هي بالفعل تعتمد بشكل كامل تقريبًا على أجهزة اتصالات أمريكية الصنع في جميع نظم التسليح".

وعاد بالزمن إلى فترة حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك (1981-2011)، قائلا إنه "لم يرفض التوقيع على أي شيء تطلبه أمريكا".

وبشأن الاتفاقية، قال: "كل ما هنالك أن الأمريكان كانوا يقولون لمصر عند شرائها أية معدات، إنهم سينزعون منها بعض القدرات إلى أن توقع مصر اتفاقية سيزموا".

واستدرك قائلاً: "لكن لا الأمريكان طلبوا من مصر التوقيع، ولا المصريين طلبوا تلك القدرات المنزوعة".



**الشأن القانوني

أواخر الشهر الماضي، طالب البرلماني المصري المعارض، هيثم الحريري، في بيان، رئيس حكومة بلاده ووزيري الخارجية والدفاع بتوضيحات عن توقيع الاتفاقية مع الجانب الأمريكي.

وتسائل الحريري، آنذاك، عن "بنود الاتفاقية وإيجابياتها على مصر، وهل تم عرضها على مجلس النواب لإقرارها أم أن الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن؟"

ويعد هذا أول تناول من أعضاء السلطة التشريعية للأمر، وسط صمت حكومي منذ إثارة الجدل قبل أيام.

وردًا على ذلك، قال حمادة القسط، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، في تصريح مقتضب للأناضول إن "الاتفاقية لم ينظرها المجلس بعد، وبالتأكيد ستعرض عليه للمناقشة والنظر في أمرها".

والعلاقات المصرية الأمريكية توصف بـ"الوثيقة والاستراتيجية"، خاصة على المستوى العسكري، إذ تقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın