"الجنجويد" أو "الدعم السريع".. من دارفور إلى اليمن وليبيا (إطار)
حين اندلعت الحرب الأهلية في إقليم دارفور غربي السودان، عام 2003، ظهر مقاتلون بجانب القوات الحكومية السودانية في حربها ضد الحركات المسلحة المتمردة.
Sudan
الخرطوم/ الأناضول
- للمرة الأولى ظهرت قوات "الجنجويد" خلال قتال القوات الحكومية للحركات المسلحة المتمردة في درافور- دمجتها السلطات في قوات "الدعم السريع" في أعقاب قرار دولي يطالب بنزع سلاحها ومحاكمة قادتها
- تواجه اتهامات بارتكاب جرائم في درافور وقتل مئات المتظاهرين خلال احتجاجات ضد البشير عامي 2013 و2019
- تحارب الحوثيين في اليمن ضمن قوات التحالف العربي وتُتهم بإرسال مقاتلين لدعم حفتر في ليبيا
حين اندلعت الحرب الأهلية في إقليم دارفور غربي السودان، عام 2003، ظهر مقاتلون بجانب القوات الحكومية السودانية في حربها ضد الحركات المسلحة المتمردة.
واتُهمت الحكومة، بقيادة الرئيس آنذاك عمر البشير (1989: 2019) بتدريب هؤلاء المقاتلين من القبائل العربية لقتال الحركات المسلحة في الإقليم.
لكن ظلت الحكومة تنفي أية صلة لها بالمقاتلين، الذين يُطلق عليهم "الجنوجيد"، أي "جن يركب جوادًا، ويحمل سلاحًا، بحسب تفسيرات.
ويرفض البعض في السودان تمثيل "الجنجويد" لقبائل بعينها، ويقولون إنهم أفراد غير منضبطين، ينحدرون من قبائل عديدة، ولا يلتزمون بقواعد العرف المحلي، ويمارسون النهب المسلح.
ويُنسب تأسيس مليشيا "الجنجويد" إلى موسى هلال، زعيم عشيرة "المحاميد"، إحدى أفخاذ قبيلة "الرزيقات" العربية.
وقاتل هلال بجانب الحكومة، هو ونجل عمه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عضو مجلس السيادة الانتقالي حاليًا، كما شغل هلال مناصب حكومية وعضوية البرلمان.
وطالب مجلس الأمن الدولي، في قرار برقم 1556 لعام 2004، الحكومة السودانية بنزع سلاح "الجنجويد"، ومحاكمة قادتهم، وبرز وقتها اسم هلال، بوصفه زعيم هذه المليشيا، مقابل نفيه المتكرر.
أدى ذلك إلى فرض حظر سفر دولي على هلال وتجميد ممتلكاته؛ بعد أن اتهمه مجلس الأمن، في 2006، بعرقلة عملية السلام بدارفور.
بعدها، وضعته الولايات المتحدة الأمريكية على قائمة المشتبه بارتكابهم جرائم حرب في دارفور، لكن المحكمة الجنائية الدولية لم توجه إليه اتهامًا.
وأصدرت المحكمة أمرين باعتقال البشير، عامي 2009 و2010، بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بدارفور. وينفي البشير صحة الاتهامات، ويتهم المحكمة بأنها مُسيسة.
تطورت "الجنجويد" إلى قوات "حرس حدود"، وتم ضمها إلى قوات "الدعم السريع".
رفض هلال الاستجابة لحملة جمع السلاح، وإلحاق قواته بقوات "الدعم السريع"، بقيادة حميدتي، واندلع قتال بينهما، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2017.
بعد معركة قصيرة بمنطقة مستريحة في دارفور، ألقت قوات "الداعم السريع" القبض على هلال، ولا يزال يقبع في السجن حيث يُحاكم عسكريًا.
من المخابرات إلى الجيش
أجاز البرلمان السوداني، في يناير/كانون ثاني 2017، قانونًا بشأن هذه القوات المثيرة للجدل يجعلها تابعة للجيش، بعد أن كانت تتبع جهاز الأمن والمخابرات.
لا يوجد تقدير رسمي بعدد عناصر قوات "الدعم السريع"، لكن تفيد تقديرات غير رسمية بأن عددهم يتراوح بين 30 ألفًا و50 ألفًا.
مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية، في 19 ديسمبر/ كانون أول 2018، انتشرت قوات "الدعم السريع" في ولايات عديدة.
وطاف جنودها، على متن سيارات الدفاع الرباعي، في شوارع المدن، لاسيما العاصمة الخرطوم، حاملين أسلحة خفيفة وثقيلة، بينها رشاشات ومضادات للطائرات.
وظهرت مدرعات في احتفالات تخريج دفعة من "الدعم السريع"، مؤخرًا، ما يفيد بتعاظم قوتها في السودان.
وأعلنت، عبر صفحتها في "فيسبوك" مؤخرًا، عن رغبتها بتجنيد أفراد بوحدة المدرعات التابعة لها.
التمويل.. منجم ذهب
أما عن التمويل، فتسيطر هذه القوات على "جبل عامر" (غرب)، أحد أهم مناجم السودان لإنتاج الذهب، وهو ما يفسر تصريح حميدتي بدعمه الاقتصاد المتداعي، في آخر أيام البشير، بملايين الدولارات .
وعقب عزل البشير، أعلن حميدتي إنشاء حساب احتياطي في بنك السودان، وإيداع 255 مليون دولار و150 مليون درهم.
وقال إن قوات "الدعم السريع" حصلت على هذه الأموال من رواتب عناصرها ومن مصانع وشراء الذهب.
قمع الاحتجاجات
تراجع العمل العسكري، خلال الأعوام الأخيرة، لأسباب عديدة أهمها وقف إطلاق النار الأحادي من جانب الحكومة والحركات المسلحة في دارفور وولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق).
ومع هذا التطور، توسعت مهام قوات "الدعم السريع"، لتشمل الحد من تدفقات الهجرة غير النظامية على الحدود مع ليبيا وكذلك في الحدود الشرقية.
واتهم تحالف "قوى الحرية والتغيير"، قائد الاحتجاجات الشعبية، هذه القوات بقتل محتجين، خاصة خلال فض اعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، في 3 يونيو/ حزيران الماضي، وهو ما تنفيه تلك القوات.
حرب اليمن
اكتسبت تلك القوات بعدًا إقليميًا، بمشاركتها في حرب اليمن، ضمن الجيش السوداني، فهي القوة الأكبر على الأرض بين القوات السودانية في اليمن، ضمن تحالف عسكري عربي، تقوده السعودية، منذ مارس/ آذار 2015.
ويدعم هذا التحالف القوات الموالية للحكومة اليمنية، في مواجهة قوات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعومة من إيران، التي تتصارع على النفوذ مع المملكة في دول عربية أخرى أيضًا.
ولم يعلن السودان عن عدد قواته في اليمن، إلا عقب عزل الجيش البشير، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، تحت ضغط احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدًا بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وقال حميدتي، في أغسطس/آب الماضي، إن "علاقتنا مع السعودية والإمارات قوية للغاية، ولدينا ثلاثين ألف مقاتل يقاتلون بجانب التحالف العربي".
وتدريجيًا، بدأ السودان تقليص عدد قواته في اليمن، حيث قال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، خلال زيارته واشنطن في ديسمبر/ كانون أول الماضي، إن عددهم لا يتجاوز حينها خمسة آلاف مقاتل.
دعم حفتر في ليبيا
في الأشهر الأخيرة، وعقب استقرار نسبي يشهده السودان وانخفاض حدة القتال في اليمن، أفادت تقارير إعلامية بإرسال قوات من "الدعم السريع" إلى ليبيا للقتال بجانب اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، المدعوم من الإمارات ومصر، بحسب اتهامات ليبيين.
وذكر فريق خبراء تابع للجنة العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا أن السودان أرسل، في يوليو/ تموز الماضي، ألف جندي إلى ليبيا، دعمًا لحفتر، وفق ما نقلته قناة "الجزيرة"، في 9 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، عن نسخة من تقرير للجنة.
وتنازع قوات حفتر حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
غير أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، عبد الفتاح البرهان قال في 22 من الشهر نفسه: "لم نرسل أي فرد للقتال في ليبيا".
لكن صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت عن قادة مجموعات مسلحة، في ديسمبر/ كانون ثاني الماضي، إن أكثر من ثلاثة آلاف مرتزق سوداني، بينهم عناصر من "الدعم السريع"، يقاتلون في ليبيا.
نفوذ قوي
اُتهمت قوات "الدعم السريع" بالمشاركة في قتل أكثر من 200 متظاهر، خلال احتجاجات شعبية ضد البشير، في ديسمبر/ كانون أول 2013، وفق منظمات حقوقية.
فيما قالت الحكومة إن عدد القتلى 85. ونفى حميدتي مسؤولية قواته عن سقوط هؤلاء القتلى، وقال إنها كانت خارج الخرطوم خلال الاحتجاجات.
اعتقلت السلطات السودانية زعيم المعارضة، زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، عام 2014؛ إثر اتهامه تلك القوات بارتكاب فظائع ضد المدنيين في دارفور وبعض ولايات الجنوب.
ولم يكن المهدي وحده المنتقد لقوات "الدعم السريع" آنذاك، إذ قالت جهات دولية وأحزاب معارضة وحركات متمردة مسلحة إن تلك القوات تمثل امتدادًا لـ"مليشيا الجنجويد" سيئة السمعة، وتعتمد في مكونها على العنصر العربي بدارفور.
وظلت الحكومة تنفى عن تلك القوات صفة القبلية، وتردد أنها "قوة قومية".
واتهمت حركات سودانية مسلحة، في سبتمبر/ أيلول 2016، الاتحاد الأوروبي بتمويل قوات "الدعم السريع"، للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
لكن الاتحاد قال إن تسليم المساعدات للسودان يتم "من خلال الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية، وليس من خلال الحكومة".
وتتهم قوى التغيير تلك القوات، التابعة للجيش، بالمشاركة في فض اعتصام الخرطوم؛ ما أسقط 128 قتيلًا، حسب المعارضة.
وهو ما نفاه حميدتي بقوله، في 16 يونيو/ حزيران الماضي، إن فض الاعتصام "فخ نُصب"، والمقصود به قوات "الدعم السريع".
وأسقطت محكمة سودانية، في يناير/ كانون ثاني الماضي، بلاغًا ضد القيادي في قوى التغيير والحزب الشيوعي، صديق يوسف، عقب سحب قوات "الدعم السريع" للبلاغ؛ بدعوى "درء الفتنة".
وكانت هذه القوات تقدمت ببلاغ ضد يوسف، إثر اتهامه تلك القوات بالمسؤولية المباشرة عن فض الاعتصام، وارتكاب جرائم في درافور.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.