"أواسا".. حاضرة الشعوب والقوميات الإثيوبية ومدينة الفنون والتراث(تقرير)

Adis Abeba
أديس أبابا / إبراهيم صالح، عبده عبد الكريم / الأناضول
"أواسا" الإثيوبية، مدينة مترعة بالجمال، مسكونة بالإبداع حباها الله بسحر الطبيعة، فضلا عن كونها بوتقة انصهرت فيها عشرات القوميات، بثقافاتها وعاداتها، مما أضفى عليها بعدا آخر لسياحة الفنون والتراث.
والمدينة الساحرة هي حاضرة إقليم شعوب جنوب إثيوبيا الذي تقطنه أكثر من 56 قومية من مجموع القوميات الإثيوبية التي تتجاوز الثمانين.
وجود هذه القوميات أضاف إلى "أواسا" التي تبعد 270 كلم عن العاصمة أديس أبابا، مزيجا من الجمال والتنوع في مجال الفنون والتراث والثقافة كأرض مشبعة بعادات وتقاليد قوميات عديدة، بقبائلها وبطونها، بلغاتها وتراثها، لتصبح "أواسا" وجهة للسياح وقبلة للباحثين عن التراث والفنون والحضارة.
المدينة التي سميت بهذا الاسم، نسبة إلى بحيرة "أواسا" التي تنام على شواطئها، أصبحت عاصمة لإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، بدلا من مقاطعة "سيداما" إحدى أهم مناطق الإقليم وأكبر قومياته، والتي ألغيت بعيد اعتماد الدستور الإثيوبي عام 1995، لتصبح "أواسا" حاضرة الإقليم.
وإقليم "شعوب جنوب إثيوبيا"، يمتد جنوب البلاد متاخما لدولة كينيا، فيما يحادد دولة جنوب السودان من جنوبه الغربي، وتنتهي حدود الإقليم مع إقليم غامبيلا الإثيوبي في الشمال الغرب، فيما يحده إقليم الأرومو من شرقه وشماله.
**بحيرة "أواسا".. وجهة السياح الأولى
وتعتبر بحيرة "أواسا" إحدى أهم معالم المدينة التي تطوقها، فحركة القوارب التي تنقل السياح من طرف إلى آخر فيها لا تتوقف بأجرة تصل إلى 25 بر إثيوبي (أقل من دولار)، ما منح المدينة ميزة سياحية أخرى تضاف إلى ما تزخر به من مناطق أثرية وتاريخية.
ويقول "أيساو قريسو"، للأناضول، وهو خبير سياحي لدى إدارة المدينة، إن بحيرة أواسا التي تعتبر واحدة من بحيرات الوادي المتصدع، تمثل أهم معالم المدينة، ولها دور كبير في تنميتها، فهي تشهد حركة سياحية نشطة من داخل البلاد وخارجها، لقربها من العاصمة.
وبحسب مكتب السياحة بالإقليم فإن دخل السياحة خلال الستة أشهر الماضية بلغ أكثر من 400 مليون بر (نحو 14.73 مليون دولار).
وقال "لما مسل" نائب رئيس مكتب السياحة في الإقليم، إن "أكثر من 322 ألف سائح قد زاروا المواقع السياحية في الإقليم خلال الأشهر الـستة الماضية".
وأكد في حديث لوكالة الأنباء الإثيوبية أن عدد السياح الأجانب قد زاد خلال العام الجاري بنسبة 29 بالمائة، فيما زاد عدد السياح المحلين بـ 49 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
وأرجع "مسل"، السبب في هذه الزيادة إلى الخطة التي وضعتها حكومة الإقليم، والتي تتضمن توفير الفنادق والخدمات الجيدة وتطوير البنية التحتية وإحلال السلام والأمن بالإقليم.
**المدينة الآسرة
تأسرك "أواسا" بجمالها وسحرها، منذ الوهلة الأولى حيث مدخلها الرئيسي بأشجاره العتيقة والمخضرة التي تحف المدينة وتطوقها من كل جانب، ليعبر بك إلى المنطقة الصناعية التي تتميز عن مثيلاتها في البلاد (7 مناطق صناعية)، وتمتد على جانب الطريق بمنتزهاتها وخدماتها العامة حاملة على جنباتها معالم من جمال الإقليم وروعته.
يجد الزائر نفسه بعد ذلك على موعد مع جامعة "أواسا" التي تعبر هي الأخرى عن جمال الإقليم، من خلال بوابتها التي تحمل شعاره، كلوحة فنية تطوق كل الشعوب والقوميات، في تعبير واضح عن التسامح والوئام والمحبة بين كل هذه الثقافات المتعددة والمتباينة.
**معالم سياحية وأثرية
ويتميز الإقليم، بتعدد القوميات التي تقطنه، وأبرزها (سيداما، ولايتا، الهديا، قوراقي، جامو، وسيليتا)، وتتمتع جميعها بثقافاتها وممارساتها التقليدية الخاصة، ما أضفى لمدينة "أواسا" أهمية كبيرة، حسب الخبير السياحي "قريسو".
ويضيف "قريسو" للأناضول أن المحميات القومية للحيوانات البرية بمختلف أنواعها وأشكالها، تعد وجهة أخرى للسياح الوافدين إلى المدينة، التي تعد أيضا منطقة جغرافية زاخرة بمعالم الحياة الطبيعية من أنهار تتدلى منها الشلالات وبحيرات غنية بمختلف أنواع الأسماك.
وأضاف أن أهمية مدينة "أواسا" تنبع من كونها حاضرة لإقليم يزخر بالمواقع الأثرية والتاريخية ووجود الشعوب والقوميات، فضلا عن أنها وجهة لعقد المؤتمرات الإقليمية والمحلية.
ومن أهم المواقع الأثرية، قرية "كونسو" التي تعد واحدة من أهم المناطق السياحية في البلاد، وسجلت كواحدة من أهم المعالم السياحية الأثرية على مستوى العالم، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وتمتاز القرية بالتصميم الجميل والفريد، وتحاط بـ6 جدران من الحجر الجاف متحدة المركز، يصل ارتفاعها لـ 4 متر، فضلا عن الطبيعة الخلابة والأراضي الزراعية والتلال، والمباني التراثية المصنوعة من القش "العشب"، وتماثيل خشبية نحتت قديما للموتى.
كما يحتضن الإقليم منطقة "سلطي" التي تضم بدورها 10 مواقع سياحية وأثرية مختلفة، كجزيرة "هرو شيطان"، وتضم حوضا لتربية الأسماك ويعرف بـ "النيل الصغير"، و مسجد وضريح "حاج غرب سلطي"، الذي يمثل الأب الروحي لشعب سلطي.
وأيضا مسجد ألكسو الذي بني قبل 500 سنة، ومحكمة "راجا أودا" القضائية التقليدية لشعب سلطي، وتم ربطها بالمحكمة القضائية الحديثة، وأصبح يتم عن طريقها حل المشاكل والإصلاحات الاجتماعية.
ويضم إقليم شعوب جنوب إثيوبيا منطقة "القوراقي"، على بعد نحو 150 كلم جنوب أديس أبابا، وهي أحد أكبر قوميات الإقليم، يتحدث أهلها مجموعة من اللغات السامية واللهجات، التي تعرف باسم قوراقي.
كما توجد بالإقليم آثار "طيا الأثرية"، والتي أصبحت ضمن قائمة التراث العالمي، كواحدة من المواقع الأثريّة المئة والستين التي جرى اكتشافها حتّى يومنا، في منطقة سودو، وبها أكثر من 36 تحفة أثرية، منها 32 مسلّة تذكاريّة.
**حدائق ومحميات
وتقع حديقة جيبي شلكو الوطنية، التي أنشئت عام 2009 على مساحة431 كلم مربع، بينابيعها الساخنة المذهلة، وسط الأشجار المتناثرة والغابات والجبال، وتضم مجموعة نادرة من الحيوانات وتظهر السجلات الأخيرة أن نحو 16 نوعا من الثدييات الكبيرة تسكن في هذه الحديقة، مثل الخنازير، وظبي الشجيرات والأسد، والنمر، والقرد الأبيض والأسود والأنواع المختلفة من الأسماك، والطيور المائية، وفرس النهر والتماسيح.
وتشير أبحاث أعدتها هيئة حماية الحياة البرية الإثيوبية (EWCA)، أن لدى إثيوبيا عدد من الحيوانات المتوطنة، منها 32 من الثدييات، و16 من الطيور، و15 من الزواحف، و30 من البرمائيات، و7 من المفصليات، و40 من الأسماك و10 في المائة من ستة آلاف نوع من النباتات المستوطنة موجودة في إثيوبيا، وهو ما يجعل البلاد واحدة من أكثر البلدان الأفريقية تنوعا بالنسبة للثدييات.
ويوجد بالإقليم أكثر من 10 محميات وحدائق للحيوانات البرية، من بين أكثر من 20 محمية وحديقة وطنية للحيوانات البرية بالأقاليم الإثيوبية التسعة .
أبرز هذه الحدائق، حديقة "أومو الوطنية" على الضفة الغربية لنهر أومو، تأسست عام 1967، على بعد 867 كلم جنوب غرب العاصمة أديس أبابا، في مساحة قدرها 3 آلاف و566 كلم مربع، وتحوي العديد من الحيوانات البرية، فضلا عن 306 أنواع من الطيور .
وهناك أيضا حديقة "ماغا بارك"، و"تشيبرا-تشورشورا"، في حوض جبي - أومو ، لنهر أومو جنوبي الإقليم، ويوجد بها وهي واحدة من أفضل المناطق الصالحة للفيلة والجاموس في البلاد، وكذلك حديقة "لوكا أباي الوطنية" على بعد 352 كلم من أديس أبابا وتضم مجموعة متنوعة من الحيوانات البرية.
وتقع حديقة "ماجو الوطنية " على بعد 460 كلم جنوب غربي أديس أبابا على الضفة الشرقية لنهر ماجو، وتأسست عام 1979 وتغطي مساحتها ألف و942 كيلومتر، وتضم مجموعة من الحيوانات البرية، فضلا عن 153 نوعا من الطيور.
ويستأثر الإقليم أيضا بحديقة ميازا الوطنية على بعد 460 كلم من العاصمة، للحفاظ على الثدييات المتوطنة، وتتراوح الارتفاعات داخلها بين 1000 و1200 متر فوق مستوى سطح البحر، فضلا عن حديقة "نيش سار" الوطنية، في وادي الصدع العظيم، على بعد 502 كلم من أديس أبابا، وتأسست عام 1974.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.