أحزاب تشرين وانتخابات العراق.. مشاركون بلا أمل ومقاطعون يائسون (مقال)
تحديات أمام انتخابات الأحد أبرزها توظيف المال السياسي بيد الأحزاب التقليدية والأجنحة السياسية لفصائل "الحشد الشعبي" المتنفذة

Istanbul
إسطنبول/ رائد الحامد/ الأناضول
- تحديات أمام انتخابات الأحد أبرزها توظيف المال السياسي بيد الأحزاب التقليدية والأجنحة السياسية لفصائل "الحشد الشعبي" المتنفذة
- يُعتقد أن أغلبية العراقيين لا تثق بقدرة الحكومة على ضبط العملية الانتخابية، كجزء من عدم ثقتها بمجمل العملية السياسية
- 40 حزبا انبثقت عن الحركة الاحتجاجية، 8 منها تشارك في الانتخابات بينما تقاطعها البقية
- لا تشير المعطيات إلى أن أحزاب الحركة الاحتجاجية سيكون لها عدد مقاعد مؤثر في البرلمان ولن تغير التوازنات السياسية
مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019، انطلقت في العراق حركة احتجاجية أطاحت برئيس الوزراء آنذاك، عادل عبد المهدي، دون أن تحقق إلا الجزء البسيط من مطالبها الجوهرية في الإصلاح وتغيير البنية الأساسية للعملية السياسية ومكافحة الفساد وتحسين الخدمات وإيجاد فرص عمل للشباب.
واستخدمت القوات الأمنية والمجموعات المسلحة المزيد من الأساليب القمعية، ما نتج عنه مقتل عشرات المحتجين وإصابة المئات واختطاف قيادات ونشطاء في الحركة الاحتجاجية، دون أن تتخذ حكومة عبد المهدي أي إجراءات لحماية المحتجين أو محاسبة الجهات المسؤولة عن قتلهم.
قد تكون الحركة نجحت في إرغام عبد المهدي على الاستقالة، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وتسمية مصطفى الكاظمي مرشحا مستقلا، في مايو/ أيار 2020، لرئاسة حكومة انتقالية مهمتها الأساسية حماية المحتجين ومحاسبة قتلتهم، وكذلك إقرار قانون انتخابات جديد، وإجراء انتخابات مبكرة، كانت مقررة في يونيو/ حزيران الماضي، ثم أُجلت إلى العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري (الأحد المقبل).
ولم تحقق حكومة الكاظمي الكثير من الإنجازات على الصعيد الداخلي، وهو الأهم للمحتجين، إذا استثنينا نجاحها في إجراء الانتخابات المبكرة.
وتلتقي الأحزاب والتحالفات المشاركة في الانتخابات، بما فيها الأحزاب الجديدة والمنبثقة عن الحركة الاحتجاجية، على ضرورة العمل لضمان مشاركة أوسع في التصويت لاختيار ممثليهم في مجلس النواب، استجابة لرغبة الحركة الاحتجاجية.
وكذلك تنفيذا لرؤية المرجعية الدينية، التي حملّت الناخبين مسؤولية التغيير والإصلاح عبر "المشاركة الأوسع" في الانتخابات واستكمال تحقيق مكاسب الحركة الاحتجاجية، التي تمثلت في إعادة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وتعديل قانون الانتخابات باعتماد الترشيح الفردي للفوز بأعلى الأصوات، واعتماد نظام الدوائر الانتخابية المتعددة بعد أن كانت دائرة واحدة.
وتواجه العملية الانتخابية تحديات عدة، أبرزها توظيف المال السياسي، الذي استحوذت عليه الأحزاب التقليدية والفصائل المتنفذة في "الحشد الشعبي"، عبر أجنحتها السياسية في مجلس النواب، إضافة إلى الأثر المتحقق جراء امتلاك بعض تلك الفصائل للسلاح خارج سلطة الدولة.
ويُعتقد أن أغلبية العراقيين لا تثق بقدرة الحكومة الاتحادية على ضبط مسار العملية الانتخابية، كجزء من عدم ثقتها بمجمل العملية السياسية، ويقينها بتضاؤل فرص التغيير والإصلاح عبر انتخابات غير محصنة من التزوير، من خلال التلاعب بالبطاقات الانتخابية أو شراء الأصوات، وهي ظاهرة كشفت عنها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد مع اقتراب الانتخابات.
وحسب القانون الانتخابي الجديد، تم اعتماد نظام انتخابي تعددي يستند إلى دوائر انتخابية متعددة، تقوم على نظام "الصوت الواحد غير القابل للتحويل"، حيث سيدلي كل ناخب بصوت واحد لمرشح واحد ويفوز المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات.
استكملت مفوضية الانتخابات معظم المتطلبات الفنية لإجراء الانتخابات، مثل البطاقات "البيومترية" وتجهيز مراكز الاقتراع.
ووفقا لبيانات المفوضية، فإن ما يزيد عن 130 مراقبا من عشرات الدول والمنظمات سيراقبون العملية الانتخابية، مع تقديم الدعم والمشورة الفنية، بالتنسيق مع مكتب المساعدة الانتخابية، التابع للأمم المتحدة في العراق.
ويرى مراقبون أن إجراءات الحكومة والمفوضية والبعثة الأممية ستكون بمستويات مقبولة لضمان نزاهة الانتخابات.
وربما ساهمت هذه الإجراءات إلى حد بعيد في التقليل من أهمية القوى والأصوات الداعية لمقاطعة الانتخابات لسحب شرعيتها.
وتتذرع معظم الأحزاب، التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، بالتشكيك بقدرة الحكومة والمفوضية على ضمان نزاهتها وبقدرة الحكومة على توفير أجواء أمنية تضمن وصول الناخبين إلى صناديق الاقتراع والتصويت بكامل حريتهم في المناطق والمحافظات التي تسيطر فيها المجموعات الشيعية المسلحة والفصائل المسلحة المتنفذة على ملفها الأمني، وهي في معظمها مشاركة في الانتخابات، عبر أجنحتها السياسية المنضوية ضمن الكيانات القائمة أو التحالفات الوليدة.
وتتشارك ذات مخاوف أحزاب وكتل سياسية تفتقر إلى أجنحة مسلحة أو نفوذ في مؤسسات الدولة، ما جعل منها كيانات سياسية تفتقر إلى المال اللازم لتوظيفه في الحملات الانتخابية أو التزوير أو شراء الأصوات، وهي فرص متاحة للأحزاب التقليدية والفصائل المتنفذة.
ووفقا لمعطيات سير العملية الانتخابية والحملات الدعائية للمرشحين وتشكيل التحالفات بين الأحزاب والقوائم السياسية، وحجم مشاركة المرشحين المستقلين من خارج الكيانات السياسية، فإن تأثير الأحزاب الناشئة، وهي بحدود 40 حزبا انبثقت عن احتجاجات تشرين 2019، سيكون غير ذي أثر في تغيير التوازنات السياسية، وستحافظ الأحزاب التقليدية على مكاسبها التي حققتها بعد أول دورة انتخابية عام 2006.
ووفقا لوسائل الإعلام المحلية، فإن ثمانية أحزاب فقط ستشارك في الانتخابات، بينما تقاطعها بقية الأحزاب المنبثقة عن الحركة الاحتجاجية.
وتتخوف القوى والأحزاب المنبثقة عن الحركة الاحتجاجية من التنافس مع القوائم الانتخابية، التي تمثل أجنحة سياسية للفصائل المسلحة المتنفذة، مثل "الصادقون" الممثلة لحركة "عصائب أهل الحق" ومجموعات مسلحة أخرى، وكتلة "السند الوطني" الجناح السياسي لفصيل "جند الإمام"، وحركة "حقوق" المرتبطة بشكل ما بكتائب "حزب الله العراق"، وكتلة "الفتح" بقيادة الأمين العام لمنظمة "بدر"، هادي العامري.
وتميل معظم الأحزاب الجديدة إلى مقاطعة الانتخابات، حيث تعتقد أن فرصها في الفوز بمقاعد تؤهلها للعب دور في الإصلاح والتغيير "شبه معدومة"، إذ ترى أن حكومة الكاظمي عاجزة عن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في وجود المال السياسي والسلاح خارج سلطة الدولة والنفوذ الواسع للأحزاب التقليدية وأجنحتها العسكرية في مؤسسات الدولة.
وبالرغم من حضور مراقبين دوليين ومن الأمم المتحدة، التي سيقتصر دورها على المراقبة وليس الإشراف، تحاول الحركة الاحتجاجية سحب الشرعية من الانتخابات ونتائجها، والوصول إلى مقاطعة أوسع لها، عبر حملات في وسائل التواصل الاجتماعي لحث الناخبين على عدم المشاركة.
من جانب آخر، ووفقا لمفوضية الانتخابات، فإن جميع مرشحي الأحزاب والكيانات التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات لا تزال أسماؤهم رسميا ضمن الأسماء المرشحة وموجودة في أوراق الاقتراع، بعد أن أكملت المفوضية المصادقة على الكيانات والأسماء وأرقام المرشحين.
ولا تشير المعطيات إلى أن أحزاب الحركة الاحتجاجية سيكون لها عددا مؤثرا من المقاعد في مجلس النواب، أو أنها ستشكل عامل إضعاف للأحزاب التقليدية، التي تمتلك أجنحة عسكرية تفرض سيطرتها على الجزء الأهم من قرار الدولة السياسي والأمني والاقتصادي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.