مباني السلط الأردنية.. تراث عثماني شاهد على عراقة التاريخ (تقرير)
- تقع السلط على بعد 30 كيلومترا من العاصمة عمان، وتتميز المدينة بنمط معماري خاص يجعلها تشبه أزقة إسطنبول القديمة.

Jordan
السلط/ ليث الجنيدي/ الأناضول
- تقع السلط على بعد 30 كيلومترا من العاصمة عمان، وتتميز المدينة بنمط معماري خاص يجعلها تشبه أزقة إسطنبول القديمة.- الطابع العمراني بمدينة السلط هو ذاته في دمشق ونابلس والقدس واستخدم في بناء مبانيها كل من الحجر والكلس والخشب.
- السلط كانت تسمى "نابلس الصغرى"، ونابلس كانت تسمى "دمشق الصغرى".
- يوجد في السلط 756 مبنى تراثي، كانت وراء إدراج المدينة على قائمة التراث العالمي.
- جميع مباني السلط ذات نمط إسلامي وفق معايير الدولة العثمانية.
"كأنك في أزقة إسطنبول القديمة".. هكذا يراها البعض، فطبيعة المباني التراثية بمدينة السلط الأردنية، والتي تعود إلى الحقبة العثمانية، تعكس التشابه الواضح بين المناطق والأحياء التاريخية في المدينتين.
وتقع السلط على بعد 30 كيلومترا من العاصمة الأردنية عمان، وتتميز المدينة بنمط معماري خاص، ساهم تنوعه في إدراجها عام 2021 على قائمة التراث العالمي، تحت مسمى "مدينة التسامح والضيافة الحضرية".
ومن أبرز الحضارات التي مرت في تاريخ المدينة، الحضارة العثمانية، إذ أن المباني التي تعود لتلك الحقبة، وتنتشر في أرجائها، ما زالت تقف شامخة، وتُعطي للمكان ميزة خاصة.
- ماض مشترك
وقال محمد عبد القادر خريسات، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية السابق في الجامعة الأردنية (حكومية)، للأناضول، إن "الطابع العمراني بمدينة السلط هو ذاته في دمشق ونابلس والقدس، كأنك تدخل أزقة إسطنبول القديمة".
وأوضح أن المواد التي كانت تستخدم بالبناء في الحقبة العثمانية للمدينة هي "مواد المنطقة ذاتها، حيث استخدم في السلط كل من الحجر والكلس والخشب".
وأضاف: "كان النمط البنائي السائد بالسلط هو الفلاحي ونمط الكهوف ثم تطورت إلى الحجرة، وصولا إلى البيت الجديد المكون من طابقين".
وتابع: "تشير الدراسات التاريخية والميدانية إلى أن السلط كانت مأهولة منذ القرن الخامس عشر، وأصبحت قضاء عام 1867، وبعد ذلك التاريخ تم بناء مؤسسات الدولة التي تمثلت ببيت السرايا العثماني".
ولفت إلى أنه "عام 1880، كانت السلط تتبع بلدية نابلس، وبعد ذلك بثلاثة أعوام، بدأ اختيار رئيس البلدية من المدينة".
وأشار إلى أن "العثمانيين كانت تشكيلاتهم الإدارية تتغير باستمرار، وكان ذلك يعتمد على الحالة الأمنية والاقتصاد".
أما بشأن البناء، فقال خريسات "إنه يتميز بالأقواس والعقود، وهو نمط إسلامي ساد بالعهد العثماني، وموجود بالسلط بشكل كبير".
- "نابلس الصغرى"
وفي سياق متصل، لفت خريسات إلى أن السلط كانت تسمى "نابلس الصغرى"، ونابلس كانت تسمى "دمشق الصغرى"، مبينا أن النمط العمراني في هذه المدن كان متشابها.
وأكد على أنه "لا يمكن إنكار دور العثمانيين، فعام 1870، بدأوا بإنشاء البلديات بمنطقتنا، وهو مؤشر على التنظيم العمراني".
واستدرك: "حتى الآن نحن نعيش ضمن الموروث العثماني، والدليل على ذلك أن هناك مادة موجودة بقانون البلديات الذي يعود لعام 1925، وهي أن يحسن العضو القراءة والكتابة، والنظام لم يتغير حتى الآن".
- "التراث العالمي"
من جهتها، أفادت شاهة النسور، عضو مجلس محافظة البلقاء التي تتبع لها مدينة السلط، للأناضول بأنه "يوجد 756 مبنى تراثي بالمدينة، كانت وراء إدراجها على قائمة التراث العالمي، وجميعها ذات نمط إسلامي وفق معايير الدولة العثمانية".
وأشارت إلى أنه "سيتم افتتاح أكاديمية للترميم داخل المدينة في مبنى عثماني، مكون من طابقين، ومملوك لبلدية السلط، ومساحته 400 متر مربع".
وبينت أن الغاية من هذا المشروع هو "إنشاء مجتمع محلي للترميم، يكون الأول من نوعه على المستوى العربي".
وأضافت: "بحكم مسؤوليتي عن ملف الأبنية التراثية في مجلس المحافظة، تم التواصل مع مالكي البيوت التراثية من أبناء المدينة، والذين أعربوا عن استعدادهم لأي عملية ترميم تهدف إلى استدامة تلك المنازل، للمحافظة على الشكل التراثي للمدينة، واستغلالها لمشاريع سياحية وتأمين فرص عمل لأبناء المجتمع المحلي".
ونوهت إلى أنه في إطار تحقيق ذلك الهدف "قامت بمخاطبة وزارة السياحة والآثار من أجل توجيه الجهات المانحة صوب مدينة السلط".
ويقع في السلط، صرح الشهداء الأتراك، الذي يرقد فيه 300 جندي عثماني، قضوا في الحرب العالمية الأولى (1918– 1914)، دفاعا عن بلادهم في مواجهة الإنجليز.
وتم تشييد الصرح في عهد ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، ورئيس الجمهورية التركية الأسبق سليمان ديميريل، في العام 1994.
وفي 28 يونيو/ حزيران 2004، تم تجديد بناء الصرح، وجرى افتتاحه مجددا في 14 أغسطس/آب من العام ذاته.
ويضم الصرح متحفا للصور، التي توثق بطولات الجيش العثماني وعملياته في المنطقة، كما يحتوي على نموذج للبزة العسكرية، التي كان يرتديها الضباط والجنود في ذلك الوقت.
وبات الصرح مزارا للسياح العرب والأتراك، الذين يقصدونه على مدار العام، إذ يجدون فور دخولهم إليه جدارية كُتبت عليها أسماء الشهداء، لتبقى تضحياتهم المشرفة حاضرة على مرّ العصور.
ويتبع الصرح وزارة الدفاع التركية، حيث تملكت الأرض المقام عليها، فيما تشرف عليه الملحقية العسكرية بالسفارة التركية في الأردن.