اقتصاد

"دولار ديليفري".. حيلة مصرية لمواجهة ندرة العملة الصعبة

مستوردون وتجار يلجأون إلى أسواق دبي والسعودية وتركيا والصين لتوفير الدولار.

???? ???????  | 14.03.2016 - محدث : 18.03.2016
"دولار ديليفري".. حيلة مصرية لمواجهة ندرة العملة الصعبة

Dubai
دبي/ محمد إبراهيم/ الأناضول

قال متعاملون في سوق النقد الأجنبي لـ"الأناضول"، إن أزمة نقص الدولار في مصر، دفعت المستوردين والتجار إلى اللجوء لأسواق خارجية، لتدبير احتياجاتهم من العملة الصعبة، من بينها دبي والسعودية وتركيا والصين.

واعتبر المتعاملون "تلك الحيلة سوقاً ثالثة للعملة الصعبة في مصر"، إلى جانب السوق الرسمية (البنوك)، والسوق الموازية (السوداء)، ويطلقون عليها اسم "دولار ديليفري".

وتتلخص الفكرة، في قيام المستورد أو التاجر بتسليم المبلغ المراد تحويله في مصر بالعملة المحلية (الجنيه)، ويتسلمها مندوب له أو المورد في أي من البلاد الأربعة - على سبيل المثال - بالدولار.

وتواجه مصر شُحاً في العملة الصعبة، نتيجة تراجع إيرادات السياحة (من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة لمصر) والصادرات، وإنخفاض عوائد المجرى الملاحي العالمي بقناة السويس، وتحويلات المصريين من الخارج.

وهبط احتياطي النقد الأجنبي بأكثر من النصف، من 36 مليار دولار بداية 2011 إلى نحو 16.5 مليار دولار نهاية فبراير/شباط، وهو ما ضغط على سعر الصرف الذي تراجع من حوالي 5.8 جنيهات للدولار قبل نحو خمس سنوات.

ويساوي الدولار حالياً 7.83 جنيهات بالسعر الرسمي (الذي يقره البنك المركزي المصري)، لكنه يصل إلى 9 جنيهات للشراء، ونحو 9.30 للبيع في السوق الموازية (السوداء)، وكان قد وصل إلى نحو 10 جنيهات خلال الأسبوع الماضي.

ويسمح البنك المركزي المصري لمكاتب الصرافة ببيع الدولار رسمياً، بفارق قدره 15 قرشاً أعلى أو أقل من سعر البيع الرسمي، ولكن السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار من عوائد السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وقال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية (حكومية)، إن "الأزمات دائماً تخلق أصنافاً جديدة من التجارة غير القانونية، وتفتح أبواباً للتلاعب، وهو ما حدث مع شح العملة الصعبة في مصر، الذي دفع المستوردين والتجار إلى شراء الدولار من دبي أو السعودية وتركيا والصين".

وأضاف "شيحة" فى اتصال هاتفي مع الأناضول من القاهرة، "ما تزال هناك معوقات فى عمليات السحب والإيداع والتحويل، بما يخالف القانون، فضلاً عن وجود قيود سارية على الشركات المستوردة للسلع غير الضرورية، فالبنوك أوقفت فتح اعتمادات دولارية لبعض السلع إلى جانب تحكم السوق السوداء في أسعار الدولار، من خلال تعطيش السوق".

وتابع رئيس شعبة المستوردين، "رغم أهمية تدابير البنك المركزي الأخيرة، التي تصب في زيادة الموارد من الدولار، ولكن لم تحل مشكلة العجز في العملة الصعبة".

وكان البنك المركزي المصري قرر الأسبوع الماضي، إلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد، في محاولة لتعزيز السيولة الدولارية، وضبط إيقاع السوق، والسيطرة على سعر صرف الدولار بالسوق المحلية، فيما لا زالت القيود سارية على الشركات التي تستورد سلعا غير ضرورية.

وقدر شيحة، "حجم الواردات المصرية بنحو 80 مليار دولار سنوياً، يتم تدبير بين 30 و40 مليار دولار من البنوك، والباقي من السوق السوداء داخل مصر وخارجها".

من جهته، قال أحد تجار العملة، "الفكرة ببساطة نستلم المبلغ المراد تحويله من رجل الأعمال أو التاجر في مصر بالجنيه، ونسلمها له في دبي بالدولار، وذلك بأسعار تتراوح ما بين 9.50 و 10 جنيهات للدولار، مقابل رسوم بنسبة تترواح بين 2.5 و5%".

وأضاف التاجر (اشترط التكتم على هويته) للأناضول، "الحصول على العملة الصعبة أسهل في دبي، نحصل عليها من الصرافة أو نقوم بتجميعها من المصريين المقيمين في الإمارات".

وتعتبر السوق الإماراتية أكثر انفتاحاً واتساعاً، مقارنة بباقي أسواق المنطقة، والنمو الحاصل في هذا القطاع أدى إلى إيجاد طرق تحويلات واسعة ومتنوعة بين أيدي الجمهور، نظراً لارتفاع الطلب على التحويلات المالية.

وأسعار التحويل في دولة الإمارات تعتبر الأرخص عالمياً (التي تراوح بين 15 و30 درهماً)، وذلك بحسب بيانات البنك الدولي باعتبار أن رسوم التحويل إلى خارج الدولة، ثابتة وغير مرتبطة بقيمة التحويل نفسه، على عكس باقي الدول التي تحدد رسومها كنسبة من قيمة التحويل.

وبحسب بيانات مصرف الإمارات المركزي (البنك المركزي)، تعمل في أسواق الدولة 139 شركة صرافة لديها 835 فرعاً، تتنوع خدماتها بين تبادل العملات الأجنبية إلى جانب عمليات تحويل الأموال من وإلى الدولة.

وتستحوذ إمارة دبي وحدها على 65% من إجمالي شركات الصرافة، وبها 90 شركة، ونحو 385 فرعاً.

وقال مصطفى علي (مصري مقيم بالإمارات)، "نحن أمام سوق ثالثة للعملة، فرضتها أزمة نقص الدولار في مصر إلى جانب السوقين التقليديين البنوك وشركات الصرافة".

وأضاف "علي"، الذي يعمل بشركة الأنصاري للصرافة (خاصة) في دبي، "مثل تلك العمليات على نطاق ضيق خارج الإطار الرسمي لمنظومة الصرافة، التي تخضع لرقابة وإشراف مصرف الإمارات المركزي (..) وفي نفس الوقت ليس هناك قيود من جانب السلطات على حرية وتبادل العملات".

ويشدد المصرف المركزي الإماراتى (البنك المركزي)، على البنوك وشركات الصرافة المحلية بضرورة التزامها للعمل بعناية على تحديد هوية الشخص المودع في جميع الحالات التي تصل فيها قيمة التحويلات إلى ألفي درهم (545 دولار) وأكثر للصرافات، و3500 درهم (818 دولار) وأكثر بالنسبة للمصارف.

وتلعب شركات الصرافة المحلية في أسواق الإمارات، دوراً رئيسياَ في عمليات التحويل الداخلي والخارجي، جنباً إلى جنب مع المصارف العاملة في الدولة.

وقال أنور البلقاسي، مستورد مصري لوكالة الأناضول، "الدولار اختفى من السوق السوداء.. والبنوك تضع معوقات أمام السلع غير الضرورية، لذلك أنا وغيري مضطرون لذلك، لا يوجد حل أخر".

وازدهرت السوق السوداء في مصر منذ انتفاضات الربيع العربي العام 2011، التي أدت إلى تراجع حركة السياحة والاستثمار الأجنبي، وإلى نقص المعروض من الدولار في الجهاز المصرفي الرسمي للبلاد.

وأدى الطلب الشديد من جانب المستوردين على الدولار في السوق السوداء، إلى تزايد الضغوط النزولية على الجنيه المصري.

وتابع "البلقاسي"، "تلك الحيلة تبدو أقل مخاطرة من نقل النقد الأجنبي بالتهريب في أمتعتي أثناء السفر، بما يتجاوز الحد الأقصى الذي تسمح به السلطات وهو عشرة آلاف دولار".

وأضاف المستورد المصري، "أعلم أن اللجوء إلى أسواق مثل دبي والصين غير قانوني، ولكن ما باليد حيلة".

ويطرح البنك المركزي المصري، عطاءات لبيع الدولار، أكثر من مرة في الأسبوع، للراغبين بالشراء، خاصة للتجار الراغبين باستيراد السلع، من الخارج، والتي تتم بالعملة الأمريكية.

وأعلن المركزي المصري على موقعه الإلكتروني، أمس الأحد، أنه باع 38.8 مليون دولار من إجمالي 40 مليون دولار في العطاء الدولاري الذي طرحه ، بسعر 7.73 جنيهات. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın