الجزائر.. شواطئ "ملتزمة" ممنوعة على العامة
عكس ظهور انتشار فكر جديد في المجتمع يرفض مظاهر الاختلاط في هذه الأماكن

Algeria
الجزائر / حسام الدين إسلام / الأناضول
تنتشر مع حلول كل صيف شواطئ خاصة بالملتزمين دينيا يمنع على من لا يرتدون لباسا خاصا دخولها لأسباب كثيرة، يقول مرتادوها إنها نتيجة تفشي مشاهد العري، ويرى متابعون أنها تعكس ظهور انتشار فكر جديد في المجتمع يرفض مظاهر الاختلاط في هذه الأماكن.
ويشهد موسم الاصطياف توافدا كبيرا للعائلات والجزائريين من مختلف الشرائح بصفة عامة على الشواطئ العامة، ومنهم من يتخذ شواطئ منعزلة قصد الراحة والاستمتاع بالهدوء، أو لغايات أخرى يطلق على بعضها الجزائريون شواطئ "المتلزمين"، "شواطئ الإخوة"، "الشواطئ الإسلامية"، "شواطئ السلفية".. وغيرها.
شواطئ مختلطة ـ السباحة للجميع
وترتاد بعض هذه الشواطئ المنعزلة فئات محددة من المجتمع الجزائري على غرار الأشخاص الملتحين والنساء المنقبات والمحجبات، أو أشخاص آخرين دون لحية ممن يبحثون عن شواطئ أكثر احتشاما.
ويرفض عديد الملتزمين والملتزمات التوجه نحو شواطئ تعكر صفو متعتهم، سواء من خلال ملابس المصطافين الفاضحة أو المعاكسات بين الشباب والفتيات، أو بسبب أصوات الموسيقى المنبعثة من هنا وهناك.
وبالمقابل وسط قلة مثل هذه الشواطئ في الجزائر تضطر الجزائريات المحجبات والمنقبات والمرتديات للجلباب إلى الذهاب إلى الشواطئ المختلطة من أجل السباحة والتمتع بزرقة البحر والاستجمام مع الحفاظ على لباسهن الإسلامي، فضلا عن بعض الملتحين الذين يودون قضاء أوقاتهم في هذه الشواطئ التي تحتضن المصطافين الرجال والنساء معا.
الاختلاط ممنوع
وفي جولة لـ "الأناضول" على بعض شواطئ العاصمة الجزائر، منها "الصابلات" (شرق) و"المنارة" (10 كلم غرب) الخاصة بالملتزمين رصدت جملة من الأحداث بهذا الشاطئ، منها أن المصطافين "الملتحين" يؤدون الصلاة جماعة ولا وجود للمتبرجين والمتبرجات، وانعدام المعاكسات والتحرش لغياب العنصر النسوي باستثناء وجود عائلاتهم فقط.
ويسجل مثلا شاطئ المنارة أو "الفار" بالعاصمة الجزائر على غرار شواطئ كثيرة في الساحل الجزائري الممتد على مسافة 1200 كلم، توافدا كبيرا للملتحين سواء مع عائلاتهم أو لوحدهم، لتوافر الهدوء والراحة، وتجنبا لصور ومشاهد يرونها سلبية قد تحدث في الشواطئ الأخرى التي يقصدها الجميع.
وفي الجولة سألنا عن هذا الشاطئ أحد المصطافين يدعى "زهير عبادو"، شخص طويل ذو لحية سوداء كثيفة، فقال: "بسبب مشاهد العري المنتشرة في مختلف شواطئ البلاد، قدمت إلى هنا حيث لا وجود لتلك الصور السيئة التي كنا نراها فقط في الشواطئ الأوروبية، وبالتالي أفضل أن أقضي نهاية الأسبوع أو الإجازة في الشواطئ الخاصة بـ "الإخوة" و"الأخوات" (الملتحين والمتجلببات).
ويضيف المتحدث: "لا تحدث هنا مشاكل ولا معاكسات، الجميع هنا يحترم بعضه بعضا، وكل واحد منشغل بالسباحة أو بالاستجمام مع أفراد عائلته".
وفي السياق، لفت المتحدث أنه يقصد شاطئ "المنارة" منذ أكثر من ثلاث سنوات بمعية زوجته وأولاده، ولم يحدث يوما أن واجهته مشاكل من أي نوع كانت.
وأشار أن الدخول إلى الشاطئ ممنوع بطريقة غير مباشرة على المتبرجين والمتبرجات لاقتناع هؤلاء بأن هذا الشاطئ خاص بالملتزمين من الملتحين وعائلاتهم أو غير الملتحين كذلك لكن هناك استثناءات: "فمثلا تجد امرأة غير محجبة تريد السباحة هنا فهذا لا يشكل حرجا بالنسبة لنا ولا نضايقها أو نطلب منها المغادرة والأمر سيان بالنسبة لشخص آخر ملتزم..".
من جهتها، تؤكد "مريم داية" فتاة محجبة أن تجربة شخصية سيئة حدثت لها في الماضي بأحد الشواطئ بالعاصمة دفعتها لأن تقصد شاطئا أكثر احتشاما والتزاما. وصرحت "مريم" لـ "الأناضول": "أردت المجيء إلى شواطئ الصابلات التي تم تهيئتها مؤخرا، والسبب هو أن الفضاء عائلي وآمن وأكثر احتشاما".
وترى المتحدثة أن اختيار شواطئ منزوية بعيدا عن الشواطئ المعروفة في أي مكان ساحلي بالوطن ليس من قبيل رغبة شخصية تتعلق برجال ملتحين أو نساء محجبات، ولكن بسبب مرتادي البحر من الشباب الطائش والسكارى واللصوص".
القانون ليس ضد الشواطئ "الإسلامية"
وفي السياق أكد "محمد بن عكوم" مدير السياحة بمحافظة مستغانم (غرب البلاد) أن وزارة السياحة تعتمد في تسيير الشواطئ على القانون 03/02 يقول إن الدخول مجاني إلى الشواطئ ويجب توفير كافة المتطلبات من أمن ومواقف للسيارات ونظافة للمصطاف حتى يمضي وقته مستريحا.
وأشار "بن عكروم" في تصريح لـ "الأناضول" حول انتشار "الشواطئ الإسلامية" أنها قليلة إذا ما قورنت بالشريط الساحلي الكبير للجزائر (1200 كلم)، وتبقى ظاهرة منحصرة على الملتزمين وعائلاتهم.
ولفت في الصدد أن هذه الشواطئ عادة ما تكون بالقرب من الشواطئ العامة التي تخضع للحراسة وتُسير وفق قانون الوزارة الذي يحدد شروط ارتيادها، لكن أوضح أن شواطئ ما يسمى بـ "الإخوة" بعيدا عن الوصف الديني لها، تقع متاخمة لها، تجنبا للاختلاط وبحثا عن الهدوء والراحة وتقضية وقت ممتع.
ونفى المتحدث في معرض حديثه أن تكون جمعيات دينية أو رجال ملتحون قد قدموا طلبات إلى مديريات السياحة من أجل تخصيص شواطئ خاصة بهم. وقال: "لم يحدث أن قدموا لنا طلبات بهذا الموضوع ونحن نعمل وفق القانون الذي يُسير الشواطئ، كما أن القانون لا يمنعهم من أن يتخذوا أماكن خاصة بهم في الشاطئ".
ممارسات حديثة انعكاس لواقع المجتمع الجزائري
ويعتبر المختص في علم الاجتماع الجزائري "رشيد ميموني" أن مثل هذه الظواهر ترجع إلى أن المجتمع يعيش في تشتت، وكثير من الناس يحاولون ممارسة بعض النشاطات التي تناسب قيمهم، منها اختيار شواطئ خاصة بهم تكون فيها السباحة مسموحة، ولكن تكون في جو أخلاقي.
ويعتقد "ميموني" في لقاء مع "الأناضول" أن الإشكال يطرح عندما يتم فصل وتجزئة المجال أو الفضاء العمومي بحسب أنساق دينية أخرى مختلفة.
وأوضح المتحدث في الصدد ذاته عن وجود شواطئ مختلطة لكن ليست بالضرورة غير محتشمة أو محترمة بل داخل هذه الشواطئ يقول: "هناك عائلات محترمة ومتدينة ومحافظة على عاداتها وتقاليدها تأتي بغرض الاستجمام والتمتع بالبحر".
وفي صيف 2014 بادر بحسب ما نقلته صحف جزائرية شباب الأحياء الشعبية الساحلية بالعاصمة الجزائر على غرار باب الواد"، "بولوغين"، "الرايس حميدو"، "الحمامات"، "باينام"، بتشكيل لجان قصد فرض "الاحتشام" والاحترام في الشواطئ، بالتعاون مع لجان المساجد والأئمة الذين قاموا بحملات توعية تحت شعار "شواطئ إسلامية بقيم جزائرية".
وفي ظل وجود مئات الشواطئ العامة (المختلطة) تغيب الأرقام والإحصاءات بخصوص عدد الشواطئ "الإسلامية"، كما لا يوجد تاريخ معين لبدايات ظهورها في الجزائر.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.