وسط حصار غزة.. الجوع والمرض ينهشان جسدي عبد الله وحبيبة (تقرير)
داخل خيمة متهالكة في قطاع غزة، يهدد الموت الشقيقان المريضان عبد الله وحبيبة أبو زرقة، حيث ينهش المرض والجوع جسديهما الصغيرين والنحيلين، بينما تغلق أمامهما سُبل النجاة وسط حرب الإبادة الجماعية التي تواصلها إسرائيل منذ 22 شهراً.

Gazze
غزة/ الأناضول
- يعاني الشقيقان عبد الله وحبيبة أبو زرقة من أمراض تتطلب بشكل عاجل السفر للعلاج بالخارج- الشقيقان بلا رعاية طبية، حيث خرجا من المستشفى، بعد تأكيد الأطباء عدم وجود أي علاج لهما
- والدة الطفلين: أخشى على حياتهما فهما يواجهان الموت ونحتاج السفر للعلاج من أجل إنقاذهما
داخل خيمة متهالكة في قطاع غزة، يهدد الموت الشقيقان المريضان عبد الله وحبيبة أبو زرقة، حيث ينهش المرض والجوع جسديهما الصغيرين والنحيلين، بينما تغلق أمامهما سُبل النجاة وسط حرب الإبادة الجماعية التي تواصلها إسرائيل منذ 22 شهراً.
كان الطفل عبد الله (4 سنوات ونصف) قبل اندلاع الإبادة الجماعية مفعما بالحياة والطاقة يحب المشي واللعب والقفز وتسلق الأماكن المرتفعة.
أما اليوم، فلم يعد يقوى على الحركة بعدما أصيب بارتخاء في القدمين إثر إصابته بهشاشة في العظام ونقص حاد في "فيتامين د" ما تسبب أيضا بضمور في قفصه الصدري، يعاني بسببه من صعوبة بالغة في التنفس.
إلى جانبه وعلى فراش رقيق فوق أرضية الخيمة، ترقد شقيقته الرضيعة حبيبة، ذات الأشهر الخمسة، والتي تعاني من تضخم في الكبد وصعوبة في التنفس وسط تخوفات من إصابتها بهشاشة في العظام على غرار شقيقها عبد الله.
بصوت مختنق، تقول والدة الشقيقين للأناضول (لم تذكر اسمها)، إنها تتخوف على حياة طفليها اللذين يحتاجان بشكل عاجل السفر للعلاج في الخارج لإنقاذ حياتهما.
وبينما تهز بلطف طفلتها حبيبة، يدوي انفجار قوي في المكان، لتتصاعد أعمدة الدخان الناجمة عن قصف إسرائيلي وقع على بعد مئات الأمتار من الخيمة.
وفي الوقت الذي لم يذرف فيه الطفل أبو زرقة دمعة جراء القصف أو الأوجاع التي تنهش جسده، دخل في نوبة بكاء إثر اشتداد الجوع عليه، وقال لوالدته بينما تنهمر الدموع من عينيه: "أنا جائع".
وتتخوف والدة الطفلين، من إصابتهما بمضاعفات صحية جراء اشتداد المجاعة وعدم توفر الطعام الصحي أو المكملات الغذائية اللازمة لهما.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء منذ مارس/ آذار 2025، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى.
يأتي ذلك في وقت تكافح فيه عائلة أبو زرقة مرض وجوع طفليها وحيدا، بلا رعاية طبية، حيث تم إخراجهما من المستشفى الذي مكثا فيه لفترة، وذلك بعد تأكيد الأطباء عدم وجود أي علاج لهما، وجراء الاكتظاظ الكبير بالمصابين جراء استمرار الهجمات الإسرائيلية على مناطق القطاع.
ويشهد القطاع الصحي في غزة أوضاعا كارثية جراء النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، وفق ما أكدته وزارة الصحة بغزة وتقارير أممية ودولية.
إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل تعمدت استهداف المستشفيات والمراكز الطبية بغزة، حيث يبلغ عدد المستشفيات العاملة في القطاع حوالي 16 مستشفى تعمل جزئيا، بينها 5 حكومية و11 خاصة، من أصل 38 مستشفى، وفق وزارة الصحة في غزة.
كما تعمل في القطاع 8 مستشفيات ميدانية تقدّم خدمات طارئة على وقع الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ أكثر من عام ونصف.
ويشدد المسؤولون بغزة أن هذه المستشفيات والنقاط الطبية العاملة بشكل جزئي لا تلبي احتياجات المرضى والمصابين.
**مضاعفات صحية
يستلقي الطفل "عبد الله" أرضا، حيث يحاول التنفس بصعوبة بالغة، ويظهر الشهيق والزفير قفصه الصدري الذي أصابه الضمور جراء مرضه.
كما فقد على مدار عامين من إصابته بالمرض الذي تزامن مع حرب الإبادة، شعره الذي تساقط تدريجيا فيما يعاني من نقص "فيتامين د"، وفق والدته.
وتقول الأم إن الضمور في القفص الصدري أدى أيضا إلى تمزق في الرئتين، بينما فقد القدرة تماما على المشي بعد ارتخاء قدميه.
وهي تقلب صوره على هاتفها المحمول، تشير والدته إلى إحداها وتقول: "كان يمشي كما الأطفال الطبيعيين، لكن بسبب الحرب لم يتمكن السفر للعلاج، كما أنه لا يوجد فيتامينات أو مكملات غذائية".
وخلال أشهر الحرب، بدأ الطفل يشكو من آلام شديدة في قدميه بالتزامن مع فقدان العلاجات والأغذية الصحية حتى فقد القدرة على المشي وأصيب بارتخاء في القدمين، وفق والدته.
وعن صعوبة التنفس، تقول والدة "عبد الله"، إن طفلها كان يشكو بشكل متكرر إصابته بـ"الاختناق".
وتستكمل قائلة بحسرة: "لا أعرف ماذا أفعل".
**السفر للعلاج
وهي تحمل طفلتها الرضيعة "حبيبة"، تقول السيدة الفلسطينية للأناضول: "وُلدت طبيعية، لكن بعد 4 شهور بدأ عندها تضخم بسيط في الكبد".
وتابعت: "بشكل يومي تعاني حبيبة من صعوبة في التنفس، لكن لا أعرف سببه".
وأوضحت أن الأطباء أكدوا ضرورة سفرها العاجل للتشخيص والعلاج، مشددين على أنه لا علاج لها في قطاع غزة.
ويظهر على الطفلين انتفاخ في البطن وهو غالبا ما يصيب الأطفال الذين يعانون من "سوء التغذية"، جراء المجاعة المتفاقمة منذ مطلع مارس الماضي.
كما بدا واضحا على جسدها وجود بثور حمراء اللون ما يُرجع إلى الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها العائلة داخل الخيمة المتهالكة، وفي ظل الظروف الجوية شديدة الحرارة.
وأعربت الوالدة عن آمالها في سفر طفليها للعلاج في الخارج، متخوفة من أن يكون مصيرهما مشابه لمصير شقيقهما "محمد"، الذي توفي وهو بعمر العامين جراء المرض (دون ذكر تفاصيل).
ويحرم المرضى والجرحى في قطاع غزة من السفر للعلاج بالخارج بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر والقيود المشددة على السفر باستثناء عدد قليل جدا من المرضى الذين يغادرون بتنسيق من منظمة الصحة العالمية.
وفي 6 يونيو/ حزيران الماضي، قالت وزارة الصحة بغزة إن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج بالخارج ولم يتمكنوا من السفر منذ بدء الإبادة الجماعية بغزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.