دولي, الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

هكذا يُفرّق قانون إسرائيلي بين العائلات الفلسطينية (تقرير)

- تعاني آلاف العائلات الفلسطينية نتيجة قانون "منع لم الشمل" الإسرائيلي

14.02.2022 - محدث : 14.02.2022
هكذا يُفرّق قانون إسرائيلي بين العائلات الفلسطينية (تقرير)

Gazze

القدس/عبد الرؤوف أرناؤوط/الأناضول

- تعاني آلاف العائلات الفلسطينية نتيجة قانون "منع لم الشمل" الإسرائيلي
- المسن "شويكي" يحاول منذ 2007 الحصول على إقامة دائمة لزوجته بالقدس
- المحامي روفا: في العام 2003 أصدر الكنيست الإسرائيلي القانون ويبحث الآن تمديده

يسعى الفلسطيني عبد الوهاب شويكي منذ العام 2007، إلى الحصول على بطاقة إقامة بالقدس الشرقية لزوجته إيلين، وهي من قرية "سالم" بمحافظة نابلس شمالي الضفة الغربية، ولكن بدون جدوى.

منذ ذلك الحين رُزق شويكي (78 عاما)، وزوجته (49 عاما) بثلاثة أطفال، جميعهم حصلوا على الإقامة الدائمة بالقدس، أما الزوجة فظلت محرومة من الإقامة ويضطر زوجها لتجديد تصريح مكوثها بالقدس الشرقية، سنويا.

مباشرة بعد زواجهما، تمكّن شويكي من استصدار تصريح إقامة سنوي بالقدس لزوجته، ولكن حتى الآن لم يتمكن من الحصول على بطاقة إقامة دائمة لها، نتيجة لقانون "منع لم الشمل" الإسرائيلي.

ويعتبر القانون الإسرائيلي سكان القدس الشرقية البالغ عددهم نحو 360 ألفا "مُقيمين دائمين" ويحصلون على هوية إسرائيلية لا ترقى إلى كونها "جنسية"، في حين أن المواطنين العرب في إسرائيل البالغ عددهم نحو مليون و800 ألف، حاصلون على الجنسية الإسرائيلية.

أما الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، فكانوا يحصلون قبل إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994 على بطاقات إقامة من الحكم العسكري الإسرائيلي، وبعد إقامة السلطة أصبحت هوياتهم تصدر عن وزارة الداخلية الفلسطينية.

ومنذ مطلع حقبة التسعينيات من القرن الماضي، فرضت إسرائيل قيودا شديدة على دخول الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية إلى القدس الشرقية المحتلة وإسرائيل، إلا بعد الحصول على تصاريح خاصة.

ويلاقي الفلسطينيون من سكان القدس الشرقية المحتلة وإسرائيل، معاناة شديدة مع أزواجهم في حال قرروا الاقتران بفلسطينيين أو فلسطينيات من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.

** لم شمل تدريجي

يوضح رفول روفا، مدير مؤسسة "سانت إيف" الحقوقية الفلسطينية، أن المقدسي، إن أراد التزوج من فلسطينية من سكان رام الله مثلا، وأرادا العيش في القدس، فانه يتوجب عليه أن يقدم طلب "لم شمل" للزوجة، وهو ما ينطبق أيضا على المقدسية التي تتزوج من شخص من الضفة الغربية.

وأضاف لوكالة الأناضول: "فقط في التسعينات، أصبح بإمكان الأزواج الفلسطينيين من القدس التقدم بطلبات لم شمل، لأزواجهم من سكان الضفة الغربية".

واستدرك روفا، وهو محامٍ فلسطيني من سكان البلدة القديمة بالقدس: "منتصف التسعينات أدخلت الحكومة الإسرائيلية تعديلا على موضوع لم الشمل، وتم استحداث طريقة لم شمل جديدة، هي الطريقة المتدرجة".

وأوضح أنه بموجب الطريقة المتدرجة "فإن من يحمل الجنسية الإسرائيلية أو المقيم الدائم في القدس الشرقية يجب أن يتقدم بطلب شمل للزوج أو الزوجة من الضفة الغربية وقطاع غزة وتأتي الموافقة بشكل تدريجي بداية بتصريح لمدة 15 شهرا ثم تصريح لمدة 12 شهرا ثم إقامة مؤقتة وتليها إقامة دائمة".

وأضاف: "استنادا إلى هذا التعديل فإن كان الزوج أو الزوجة معه جنسية إسرائيلية، فإن الزوج أو الزوجة غير الإسرائيلي يحصل على الجنسية الإسرائيلية".

ويتابع روفا: "في حينه، لم تكن طلبات لم الشمل تمر بسهولة، ولكن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا عام 2002 بعد أن قالت إسرائيل، إن أشخاصا حصلوا على لم شمل، نفذوا عمليات ضد إسرائيليين وحينها تم تجميد عملية لم الشمل".

** قانون لم الشمل

ويوضح المحامي روفا أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أصدر عام 2003، القانون الذي كان ساريا حتى يوليو/تموز من العام الماضي 2021، والذي يمنع لم الشمل بين المقدسيين وحملة الجنسية الإسرائيلية من جهة، والأزواج من الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران، من جهة أخرى.

ولم يملك روفا، تقديرا دقيقا، لعدد الفلسطينيين الذين عانوا نتيجة لهذا القرار، ولكن تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن 13 ألف عائلة فلسطينية تعاني نتيجة لقانون منع لم الشمل.

ونتيجة له، فقد تشتت الكثير من العائلات وبات الأزواج، يعيشون في منطقة والزوجات في منطقة أخرى، كما انعكست تأثيراته على الأبناء الذين لا يتمكن والداهم من تسجيلهم في السجل المدني سواء بالقدس الشرقية أو إسرائيل أو الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال روفا: "قانون منع لم الشمل، يحد من تسجيل الأطفال في القدس (..) هناك حالات لأطفال ولدوا وكبروا بالقدس ولكن هم غير مسجلين وتعتبر إسرائيل وجودهم بالمدينة غير قانوني".

وفي كل الأحوال، فإن على مقدم طلب التصريح أو الإقامة المؤقتة أو الدائمة التقدم بسلسلة من الوثائق لإثبات إقامته وعائلته بالقدس الشرقية.

وتابع: "يجب إثبات السكن بالقدس وذلك من خلال فواتير ضريبة المسقفات (الأرنونا - ضريبة عقارات) والكهرباء والمياه أو إثبات الدراسة بالقدس، وعقد إيجار، أو إثبات ملكية بيت بالقدس، وإثبات الحصول على مستحقات من التأمين الوطني الإسرائيلي".

وأضاف: "أي شخص لديه منع أمني (ملف مرتبط بالمقاومة الفلسطينية) أو جنائي، يتم رفض معاملاته".

** فشل في تمديد القانون

وجرى تمديد قانون "منع لم الشمل" سنويا من الكنيست منذ العام 2003، ولكن في يوليو/تموز 2021 فشل الكنيست في تمديد القانون.

ومع ذلك، ورغم عدم تمديده، فقد قالت مؤسسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية إن وزيرة الداخلية الإسرائيلية إياليت شاكيد امتنعت عن الموافقة على طلبات لم الشمل، المقدمة بانتظار الفرصة المواتية لتمديد القانون.

وبهذا الصدد، قال روفا: "في يوليو/تموز 2021 رفض الكنيست تمديد فاعلية قانون منع لم الشمل، ما فتح فرصة، وبالتالي منذ ذلك الحين وجهنا رسائل للناس للتوجه إلى وزارة الداخلية وتقديم طلبات لم الشمل".

وأضاف: "قلنا للناس، إن الكنيست لم يوافق على تمديد القانون، وبالتالي فإنه من ناحية مبدئية فالوضع القانوني يعود إلى ما كان عليه قبل سن القانون عام 2003".

وتابع: "وعليه، فإن أي شخص يستوفي الشروط التي كانت قائمة قبل 2003 يمكن أن يتقدم بطلب هوية مؤقتة إذا ما كان حاصلا على تصريح أو التقدم للحصول على هوية دائمة، إذا ما كان حاصلا على هوية مؤقتة".

وفي مقر مؤسسة "سانت إيف" بالبلدة القديمة في القدس الشرقية، كان العشرات من المواطنين يصلون تباعا لتقديم طلبات.

وقال روفا: "توجّه إلينا خلال الأيام الماضية، مئات الأشخاص؛ نحن نتوقع أن تَرفض وزارة الداخلية الإسرائيلية هذه الطلبات، ولكن في حال الرفض فإن من الممكن أن نتوجه إلى المحكمة ذات الاختصاص، بادعاء قانوني أنه في الفترة التي تم فيها تقديم هذه الطلبات لم يكن قانون منع لم الشمل ساري المفعول".

وبالمقابل، فإن وزيرة الداخلية الإسرائيلية تُسرع الخطى لتمديد القانون، إذ تم قبوله بالكنيست بالقراءة الأولى مطلع الشهر الجاري، ولكن ما زال يتعين قبوله بقراءتين ثانية وثالثة، قبل أن يصبح نافذا.

** آمال معلقة

ويأمل شويكي، الذي يعتبر أكثر حظا من آلاف الفلسطينيين الذين تم رفض طلباتهم، أو حتى النظر فيها، أن يتمكن خلال الفترة ما قبل تمديد القانون من الحصول على بطاقة إقامة دائمة لزوجته.

ويقول: "أذهب سنويا إلى وزارة الداخلية ومعي الكثير من الأوراق التي تشمل فواتير كهرباء ومياه وتقارير طبية وضريبة الأملاك، وكرجل مسن وعندي شلل نصفي أواجه صعوبات".

ويتابع: "عمري 78 عاما وفي حال توفيت فمن سيهتم بزوجتي وأطفالي الثلاثة؟ (..) أنا أخشى هذا الأمر، فأنا لا أريد لزوجتي أن تتعب مع الأولاد، في حال حصل شيء لي".

أما زوجته إيلين، فتقول إنها تخشى من المستقبل.

وتضيف لوكالة الأناضول: "أفكر ماذا سيحدث بالمستقبل، فإذا ما حدث شيء لزوجي يجب أن أتمكن من العمل من أجل الاهتمام بالأولاد، فليس لنا أحد هنا وعلي أن اعتمد على نفسي".

وتلفت إيلين إلى أنها لم تكن تتوقع أنها ستواجه هذه الإشكالية عندما تزوجت، وقد تفاجأت بها، وختمت حديثها قائلة: "إن شاء الله، تنتهي مشكلتنا، ونتمكن من حرية الحركة، هذا ما أتمناه".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.