جباليا بعد عام من الإبادة.. من مخيم مفعم بالحياة إلى مدينة أشباح (تقرير)
- قبل 7 أكتوبر 2023 كان يسكن مخيم جباليا نحو 114 ألف لاجئ بينما بقي نحو 90 ألف نسمة لم ينزحوا إلى جنوب القطاع

Gazze
غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول
- قبل 7 أكتوبر 2023 كان يسكن مخيم جباليا نحو 114 ألف لاجئ بينما بقي نحو 90 ألف نسمة لم ينزحوا إلى جنوب القطاع- جراء حرب الإبادة تحول المخيم لـ"منطقة منكوبة"
- أسس المخيم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إبان نكبة عام 1948
في الطريق إلى قلب مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، تبرز بوضوح جهود المواطنين لإعادة الحياة إلى شوارعه ومنازله بوسائل متنوعة متاحة، رغم الدمار الواسع الذي خلفته حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي حولته إلى "مدينة أشباح".
وخلال حرب الإبادة، تعرض المخيم لاجتياح بري إسرائيلي استمر 3 أسابيع خلال مايو/أيار الماضي، ما أدى إلى تدمير نحو 50 ألف وحدة سكنية داخله، بالإضافة إلى حرق آلاف الوحدات الأخرى.
ودمرت إسرائيل خلال اجتياحها أيضاً شبكات الصرف الصحي، وجرفت الطرقات والمدارس والمرافق الحيوية و35 بئراً للمياه، ما دفع "لجنة طوارئ البلديات في شمال غزة" لإعلانه "منطقة منكوبة" آنذاك.
ورغم العملية العسكرية البرية التي شهدها المخيم، فإنه لا يزال يتعرض يوميا لغارات إسرائيلية متواصلة تقتل وتصيب عشرات ممن عادوا إليه لمواصلة حياتهم.
وارتبط اسم المخيم، الذي أسسته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في نكبة عام 1948، بعدد من الأحداث الفلسطينية المركزية، أبرزها الاجتياحات الإسرائيلية خلال الانتفاضتين الأولى (1987) والثانية (2000)، حيث شهد المخيم مواجهات شرسة بين الجيش والمقاومين الفلسطينيين.
وقبل حرب الإبادة، كان يعيش في المخيم نحو 114 ألف لاجئ على مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع، ومع حالات النزوح القسري الذي فرضها الجيش الإسرائيلي، بقي حوالي 90 ألف نسمة منهم دون ينزحوا إلى جنوبي القطاع.
ومنذ بداية الحرب على غزة يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح المتكرر، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي أهالي مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل فيها.
ويضطر 2 مليون نازح من أصل 2.3 مليون نسمة (إجمالي السكان)، خلال نزوحهم إلى اللجوء للمدارس أو لمنازل أقربائهم أو معارفهم، أو إقامة خيام في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
**حياة فوق الركام
ويجلس الفلسطيني عبد الكريم أبو مطر، مع عدد من جيرانه فوق ركام منزله المدمر في قلب مخيم جباليا، مصممين على البقاء في المكان الذي ولدوا وترعرعوا فيه، رغم "النكبة" التي حلت بهم كما يصفون.
ويقول أبو مطر، للأناضول: "مخيم جباليا كان يضج بالحياة، وبعد مرور عام على الحرب، أصبح كل شيء عبارة عن ركام، والموت في كل مكان".
واضطر الأهالي للنزوح من المخيم أكثر من مرة بسبب الاجتياحات الإسرائيلية، حسب أبو مطر، "لكنهم في كل مرة كانوا يعودون مجدداً للحياة فيه رغم الدمار وعدم وجود مقومات العيش، لأن ارتباطهم الوجداني به أكبر من كل شيء".
وعن حالته الخاصة، يشير إلى أن "إسرائيل خلال الحرب دمرت بيته المكون من 5 طوابق، وحرمته من العيش فيه برفقة أبنائه، الذين نزح بعضهم إلى جنوب قطاع غزة قسرا".
ويتمنى أبو مطر، أن تعود الحياة لمخيم جباليا كما كانت قبل الحرب الإسرائيلية، ويعود مزاراً لكل أهالي منطقة الشمال كما كان طوال السنوات الماضية.
ويشارك في جلسة أبو مطر، الفلسطيني محمد أبو نصر، يتبادلون أطراف الحديث حول الحال الذي وصل إليه مخيم جباليا، بعدما كان مركزاً نشطاً لا تهدأ شوارعه على مدار ساعات اليوم.
يقول أبو نصر، للأناضول: "كل فلسطيني يعلم شيئاً عن مخيم جباليا لرمزيته الكبيرة في تاريخنا وارتباطه بحركات النضال والمقاومة".
ويضيف: "شهد أحداثاً محورية في تاريخه، وشهدت شوارعه على فعاليات وطنية واحتفالات بكافة المناسبات الدينية والتجارية".
وفي بيانات متعددة، أكدت فصائل فلسطينية، أن مخيم جباليا شهد معارك شرسة مع الجيش الإسرائيلي استهدفت قواته المتوغلة بعبوات ناسفة وكمائن وعمليات قنص.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي في عدة بيانات سقوط عديد من القتلى والجرحى في صفوفه خلال حملته الأخيرة بالمخيم.
**تدمير المركز التجاري
وداخل المخيم، لم يعد يسمع ضجيج السكان في المراكز التجارية التي أصبحت آثارا بعد عين، حيث تحولت إلى منطقة منكوبة، بعد أن كانت نابضة بالحياة، بحسب التاجر محمد السنداوي، الذي كان يمتلك محلاً لبيع الملابس في "سوق المخيم".
ويضيف السنداوي، للأناضول: "كان من أهم المراكز التجارية في قطاع غزة وأفضلها، وفي المناسبات كانت المحلات تبقى تعمل حتى ساعات بعد منتصف الليل، وكان يزورها آلاف المواطنين خلال بضع ساعات".
ويتابع أن "شوارع المخيم الآن يملؤها ركام المنازل والمحلات المدمرة، بعد أن كانت معبئة بالبضائع الزاهية ومظاهر الحياة المختلفة طوال الوقت".
أما التاجر محمد عودة، الذي يمتلك محلاً لبيع "الخضروات والفواكه" في سوق مخيم جباليا، فيقول للأناضول: "السوق على بساطته كان مزاراً لكل الناس، وفي طرقاته ومتاجره قصص كثيرة تخبر عن عراقته وتاريخه".
ويضيف أن "إسرائيل تعمدت تجريف السوق بشكل شبه كامل خلال اجتياح المخيم، وأخفت معالم المتاجر التي كانت فيه، وحولته لساحة من الرمال الفارغة يتوسطها كومة كبيرة من الركام الذي تم تجريفه".
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هجومها على قطاع غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.