الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, السودان

محاولة جديدة.. تحرك أمريكي لإنهاء حرب السودان (تقرير)

- مراقبون: يبدو أن تحرك واشنطن وتكثيف اتصالاتها نتيجة تزايد القناعة بأن استمرار الحرب يهدد الأمن الإقليمي

Adel Abdelrheem  | 27.10.2025 - محدث : 27.10.2025
محاولة جديدة.. تحرك أمريكي لإنهاء حرب السودان (تقرير)

Istanbul

عادل عبد الرحيم / الأناضول

- مراقبون: يبدو أن تحرك واشنطن وتكثيف اتصالاتها نتيجة تزايد القناعة بأن استمرار الحرب يهدد الأمن الإقليمي
- المحلل السياسي أمير عبد الله: الخطوات الأمريكية بدت أكثر جدية بانتقال الملف إلى البيت الأبيض بدلا من الخارجية
- القيادي بالتحالف المدني لقوى الثورة، محمد عبد الحكم: محادثات واشنطن تأتي للتأكيد على استحالة الحسم العسكري

مع استمرار دوي المدافع وقصف الطائرات المسيرة واحتدام الاشتباكات، عادت واشنطن إلى واجهة الملف السوداني في محاولة لالتقاط خيوط أزمة تجاوز عمرها عامين ونصف.

ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" حربا لم تفلح وساطات إقليمية ودولية عديدة في إنهائها.

تلك الحرب أسفرت عن مقتل نحو 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 15 مليونا بين نازح ولاجئ، وفق تقارير أممية ومحلية، في حين قدرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.

وعلي وقع تدهور الأوضاع الإنسانية وتفاقم المعاناة الإنسانية في عدة مناطق جراء انتشار الجوع والأمراض، كثفت الإدارة الأمريكية اتصالاتها مع الحكومة السودانية، ومع حلفائها الإقليميين في محاولة لإعادة النبض إلى مسارٍ تفاوضي طال ركوده.

الحراك الأمريكي يأتي بعد أن فقدت الجهود السابقة زخمها إثر فشلها في تحقيق اختراق حقيقي يوجد حل للأزمة التي طال أمدها.

وترعى الولايات المتحدة والسعودية منذ 6 مايو/أيار 2023 محادثات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين.

وآنذاك جرى الإعلان عن أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.

** تحركات أمريكية جديدة

والسبت، أعلن مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس، أن المجموعة الرباعية الدولية بحثت جهود التوصل لـ"هدنة إنسانية عاجلة ووقف دائم لإطلاق النار"، وشكلت لجنة مشتركة للتنسيق بشأن الأولويات العاجلة في السودان.

وتشكلت الرباعية الدولية بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية في السودان، وتضم أيضا السعودية والإمارات ومصر.

وتزامن الاجتماع الجمعة، مع زيارة يجريها وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم، إلى الولايات المتحدة لبحث العلاقات الثنائية ومواصلة الحوار بشأن دعم السلام في بلاده.

وقال بولس، إن واشنطن استضافت الجمعة "ممثلين عن مصر والسعودية والإمارات، في اجتماع للمجموعة الرباعية بهدف تعزيز الجهود الجماعية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان".

كما تناول الاجتماع، بحسب بولس، الجهود الرامية إلى "تأمين هدنة إنسانية عاجلة، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، ووقف الدعم الخارجي (دون ذكر جهة الدعم) ودفع عجلة الانتقال إلى الحكم المدني".

وأشار بولس، إلى أن المجتمعين أكدوا التزامهم بالبيان الوزاري الصادر في 12 سبتمبر الماضي "واتفقوا على إنشاء لجنة عملياتية مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة".

** جهود الرباعية الدولية

وفي 12 سبتمبر، دعت الرباعية الدولية إلى هدنة إنسانية أولية لـ3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.

يلي ذلك، إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبّي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة.

الحراك الأمريكي سبقه نفي من مجلس السيادة السوداني، في بيان الخميس، لوجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع "قوات الدعم السريع" في واشنطن.

لكن المجلس أشار إلى أن "موقف الدولة ثابت وواضح تجاه أي حوار أو تسوية، وهو الالتزام بالحل الوطني الذي يحفظ سيادة البلاد ووحدتها واستقرارها وحقوق الشعب السوداني".

وبحسب مراقبين يبدو التحرك الأمريكي وتكثيف اتصالاتها مع عواصم إقليمية مؤثرة في الملف السوداني نتيجة تزايد القناعة بأن استمرار الحرب يهدد الأمن الإقليمي، ويفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان ودول الجوار.

كما أن واشنطن، وفق مطلعين على الأزمة السودانية، تبحث عن توازن جديد من خلال الضغط لاستئناف المفاوضات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، لا سيما مع تصاعد حدة الاشتباكات مؤخرا.

والأحد، تواصلت اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في الفاشر غربي البلاد، وسط ادعاءات الأخيرة بسيطرتها على مقر الجيش بالمدينة، فيما لم يصدر تعقيب من الجيش والقوات المشتركة للحركات المسلحة.

وعلى الصعيد الإنساني، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الأحد، نزوح 340 شخصا، الأحد، من قرية أم بشار، غرب مدينة الرهد بولاية شمال كردفان (وسط)، نتيجة "تفاقم انعدام الأمن" عقب هجمات لقوات الدعم السريع.

** خطوات أمريكية جدية

المحلل السياسي السوداني أمير بابكر عبد الله، رأى أن المباحثات الأمريكية الجارية الآن في واشنطن مع الحكومة السودانية تأتي في سياق الضغوط المستمرة لوقف الحرب، حيث بادرت واشنطن بالشراكة مع السعودية لإطلاق منبر جدة بعد أقل من شهر من اندلاع تلك الحرب.

وفي حديثه للأناضول، أضاف عبد الله أن "المفاوضات حينها كانت ضمن أجندة الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جو بايدن".

"ومع صعود الإدارة الأمريكية الجديدة بدت أكثر اهتماماً بقضايا السلام في العالم عموما، بما يخدم مصالحها، خاصة وأنها تتبنى شعار أمريكا أولاً"، وفق عبد الله.

وأردف: "وانخرطت الإدارة الجديدة في عملية سلام السودان بالتنسيق مع أطراف عدة انطلاقا من منبر جدة الذي يمثل أول مائدة تفاوض قبل بها طرفا الحرب".

واعتبر أن الخطوات الأمريكية الأخيرة بدت أكثر جدية بانتقال الملف السوداني إلى طاولة البيت الأبيض وتولي مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس للملف، بدلا من الخارجية، وهو ما يؤكد زيادة الاهتمام بقضايا السلام.

وتابع: "لا يمكن فصل المباحثات الأمريكية عن جهود الرباعية، فهي جزء من الآلية، بل كانت بمبادرة منها ورؤيتها في أن تشمل كلا من السعودية والإمارات ومصر لتأثير هذه الدول على مشهد الحرب في السودان".

واستطرد: "أيضا ولأهمية خلق التوازن المطلوب بما يرفع من حجم ثقة الأطراف المتحاربة في الآلية كمبادرة قادرة على إحداث اختراق في الأزمة السودانية خاصة بعد الإعلان الأخير الذي أطلقته الآلية (في 12 سبتمبر) وتضمن ملامح واضحة لخارطة الطريق".

** استحالة الحسم العسكري

بدوره، رأى القيادي بالتحالف المدني لقوى الثورة "صمود" (يضم قوى مدنية معارضة)، محمد عبد الحكم، أن المحادثات التي جرت في واشنطن تأتي للتأكيد على استحالة الحسم العسكري.

وفي حديثه للأناضول، قال عبد الحكم إن المحادثات التي جرت في واشنطن تأتي أيضا للتأكيد على "صعوبة التوصل لحلول غير تفاوضية"، مبينا أن "هذا هو الهدف الأساسي لواشنطن ورفاقها في مجموعة الرباعية الدولية في الوقت الراهن".

وأشار إلى وجود ملامح لـ"تحول جديد عقب ضغط أمريكا وحلفائها في الرباعية الدولية وحشدهم العالم من أجل سلام السودان، والعمل على اقتراب المتحاربين من الجلوس على طاولة التفاوض بعد ممانعات معلومة في السنتين الفائتتين".

ولفت إلى أن من أبرز ملامح هذا التحول، "ما يبشر بقرب التوصل أولا لهدنة إنسانية تعقبها تفاهمات لوقف إطلاق النار".

عبد الحكم شدد على أنه لا سبيل أمام أطراف الحرب سوى الاستجابة لرغبة غالب أهل السودان بوقف الحرب وتحقيق السلام والتحول المدني الديمقراطي.

وأفاد بأن التحركات الأخيرة للرباعية الدولية "تمثل بارقة أمل لغالبية أهل السودان في إنهاء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع"، معتبرا أن "ما حدث من تفاوض في واشنطن يعد اختراقا كبيرا".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın