البرهان في الرياض.. مساع للسلام وسط اشتداد المعارك بالسودان (تقرير إخباري)
قضية السلام كانت حاضرة في زيارة البرهان، التي تزامنت مع تواجد مسعد بولس في السعودية
Suudi Arabistan
عادل عبد الرحيم / الأناضول
- قضية السلام كانت حاضرة في زيارة البرهان، التي تزامنت مع تواجد مسعد بولس في السعودية- التحركات الباحثة عن مسار سلمي لحل الأزمة السودانية تأتي في وقت تشهد فيه ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان، اشتداد المعارك وتبادل الهجمات، ما فاقم من الأوضاع الإنسانية للمدنيين في المنطقة
مع تصاعد حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بولايات كردفان الثلاث جنوبي، البلاد، حل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بالعاصمة السعودية الرياض، في زيارة استغرقت ساعات، وعدها مراقبون محاولة جديدة لدفع جهود السلام وإنهاء الحرب المستمرة منذ أبريل/ نيسان 2023.
تحرّك البرهان باتجاه الرياض في هذا التوقيت الدقيق، اعتبره مراقبون ومختصون بالشأن الإفريقي، امتدادا لثقة الخرطوم في أن تتولى السعودية ملف التفاوض بشكل أكبر، بعيدا عن الرباعية الدولية (تضم السعودية ومصر والولايات المتحدة والإمارات) التي لدى السودان تحفظات عليها.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء الحرب المستمرة منذ أبريل/ نيسان 2023 بسبب خلاف بين الجيش والدعم السريع بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، الأمر الذي خلف مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح 13 مليون شخص.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ أسابيع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.
ومن أصل 18 ولاية في البلاد، تسيطر "الدعم السريع" على ولايات دارفور الخمس غربا، باستثناء أجزاء من شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، الذي يفرض نفوذه على معظم الولايات الـ13 المتبقية، بما فيها.
***السلام حاضر
والاثنين، حل البرهان بالرياض لعدة ساعات التقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبحثا "مستجدات الأحداث الراهنة في السودان، وتداعياتها، والجهود المبذولة بشأنها لتحقيق الأمن والاستقرار"، وفق وكالة الأنباء السعودية.
فيما غرد البرهان عبر حسابه على منصة شركة "إكس" الأمريكية، الاثنين قائلا: "تشرفت اليوم بزيارة البلد الشقيق، أرض الخير السعودية. شكرا على حفاوة الاستقبال، الأمير محمد بن سلمان" .
ولا يمكن فصل زيارة البرهان إلى الرياض عن الحراك الإقليمي و الدولي الباحث عن إيجاد حل سلمي وايقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، بحسب مراقبين.
وكانت قضية السلام حاضرة في زيارة البرهان، التي تزامنت مع تواجد مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، في السعودية.
وقال بولس في تدوينة عبر منصة "إكس"، الاثنين، عقب لقائه وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بالرياض: "شكرا لوزير الدفاع السعودي على النقاش المثمر والاستشرافي الذي أسهم في إحراز تقدم بشأن تسوية النزاعات الإقليمية وتعزيز الأولويات المشتركة بين الحلفاء".
بينما قال وزير الدفاع السعودي، عبر منصة "إكس"، عن لقائه مع مستشار الرئيس الأمريكي: "استعرضنا العلاقات الثنائية بين بلدينا، وناقشنا التطورات الأخيرة، إلى جانب جهودنا الرامية إلى تعزيز السلام".
**جهود واشنطن والرياض
وفي ختام الزيارة مساء الاثنين، قال وكيل الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد، إن البرهان أعرب عن "شكر السودان وتقديره للجهود الكبيرة والقيمة التي يبذلها ولي العهد وحكومته الرشيدة من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان".
كما أعرب البرهان عن "تقديره الكامل لعزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانخراط في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب بالبلاد بمشاركة السعودية".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعرب البرهان عن شكره لولي العهد السعودي لحديثه -خلال زيارته واشنطن- مع ترامب عن السودان.
وقال البرهان آنذاك إن حديث ولي العهد السعودي "أوضح الصورة الحقيقية لما يدور في السودان" .
وأشاد بمبادرة وجهود ولي العهد السعودي لتحقيق السلام في السودان، وقال إنه سيتعاطى معها بما يتيح إنهاء الحرب بـ"الطريقة المثالية التي تريح كل السودانيين" .
وسبق أن بذلت السعودية والولايات المتحدة جهود وساطة مشتركة بين الطرفين، لكنها لم تفلح في إنهاء الحرب، التي تسببت أيضا في مجاعة ضمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
فبعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع في أبريل/ نيسان 2023، توصل الطرفان لاتفاق هدنة بمدينة جدة السعودية في 11 مايو/ آيار من ذات العام، برعاية الرياض وواشنطن، تضمّن بنودا بينها الالتزام بحماية المدنيين وانسحاب "الدعم السريع" من المنشآت المدنية، وهو ما لم تلتزم به الأخيرة.
لكن قبل أيام، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تولي ترامب شخصيا ملف إنهاء الحرب في السودان، ما أثار توقعات باحتمال تحقيق اختراق قريبا.
** تصعيد على الأرض
التحركات الإقليمية والدولية بحثا عن مسار سلمي لحل الأزمة السودانية تأتي في وقت تشهد فيه ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان، اشتداد المعارك وتبادل الهجمات، ما فاقم من الأوضاع الإنسانية للمدنيين في المنطقة.
والثلاثاء، قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان إن "تصاعد العنف والحصار في كردفان يؤدي إلى محاصرة المدنيين، وتدمير الخدمات الأساسية، وزيادة مخاطر المجاعة والنزوح، وتقييد المساعدات المنقذة للحياة بشكل كبير".
وأضاف المكتب الأممي في إفادة رسمية: "تتزايد الاحتياجات في ولاية شمال دارفور (غرب) بشكل كبير، مما يُرهق المجتمعات المحلية مع تزايد النزوح من الفاشر بشمال دارفور، حيث تقطعت السبل بالمدنيين دون دعم، وهناك حاجة ماسة إلى الوصول الآمن".
وأشار إلى تكثيف الدعم لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للمدنيين المصابين أو النازحين بسبب تصاعد العنف في منطقتي كردفان ودارفور.
**معادلة أوسع
عن الزيارة للسعودية وتوقيتها، رأى المحلل السياسي عثمان فضل الله، أنه "في هذه المرحلة لم يعد الملف السوداني إنسانيا محضا، إنما جزء من معادلة أوسع تشمل أمن البحر الأحمر، وتوازنات النفوذ الإقليمي، ومستقبل السلطة في الخرطوم".
وفي حديثه للأناضول، أشار فضل الله إلى أن تواجد البرهان بالسعودية في هذا التوقيت "لا يمكن عزله عن واقع الميدان بولايات كردفان".
وأضاف "تواجه كردفان وضعا معقدا، حيث إن المعارك مستمرة ولا حسم لطرف على حساب الآخر، والخطوط تماس، ولا توجد قدرة لأي طرف على الادعاء بسيطرة كاملة".
ووفق فضل الله، فإن هذا التطور جعل زيارة البرهان ولقاءه بولي العهد السعودي لها بعدا مهما فالحرب لم تعد مجرد صراع على الأرض، بل صراع مع الزمن، فكل يوم يضيف كلفة سياسية جديدة على طاولة التفاوض.
وفي سبتمبر/ أيلول 2025، طرحت الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، خطة تدعو إلى هدنة إنسانية بالسودان لمدة 3 أشهر، تمهيدا لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة.
ورغم مواصلة "الدعم السريع" ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتوسيع رقعة سيطرتها بولايات دارفور وكردفان (جنوب)، أعلن قائدها محمد حمدان "حميدتي"، قبل أسابيع، موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.
بينما تحفظ البرهان، على خطة الرباعية التي قدمها مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس، لأنها "تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها" التي احتلتها.
لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها لا تمانع التفاوض وفقا لخريطة طريق قدمتها الخرطوم للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب "قوات الدعم السريع" من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
