الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, ليبيا

البرلمان الليبي يخفق في تمرير الموازنة ومجلس الدولة يبحث البديل (تحليل)

أطلق مجلس النواب الليبي رصاصة الرحمة على مشروع قانون الموازنة، لكن الأسوأ من ذلك أن الوصول إلى انتخابات 24 ديسمبر يبتعد أكثر فأكثر، في ظل إصرار خليفة حفتر، على إيصال حكومة الوحدة إلى حافة السقوط، ما يعني العودة مجددا إلى مربع الانقسام.

16.07.2021 - محدث : 16.07.2021
البرلمان الليبي يخفق في تمرير الموازنة ومجلس الدولة يبحث البديل (تحليل)

Istanbul

إسطنبول/ الأناضول

- مليشيات حفتر هددت النواب بإطلاق النار في الهواء لمنع الإفراج عن الموازنة
- مجلس الدولة يتفق مع المصرف المركزي وهيئات سيادية على منح ميزانية شهرية مؤقتة للحكومة
- تعطيل البرلمان للموازنة سيؤدي لانقسامه مجددا وتعطيل الانتخابات بحجة غياب النصاب
 

أطلق مجلس النواب الليبي رصاصة الرحمة على مشروع قانون الموازنة، لكن الأسوأ من ذلك أن الوصول إلى انتخابات 24 ديسمبر يبتعد أكثر فأكثر، في ظل إصرار خليفة حفتر، على إيصال حكومة الوحدة إلى حافة السقوط، ما يعني العودة مجددا إلى مربع الانقسام.

ولم يبق أمام حكومة الوحدة الوطنية سوى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، الذي اجتمع الخميس، لمناقشة الملف الليبي، خاصة وأن موعد إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل أصبح محل شك عميق.

** طبرق ليست آمنة للنواب

قبيل انعقاد جلسة مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق)، الثلاثاء، رفعت بعض الأصوات الموالية لحفتر تحذيرات للنواب، واصفة التصويت لصالح تمرير الموازنة بـ"الخيانة" (لحفتر).

وتقول النائب أسماء الخوجة، في تصريح صحفي، إن "النار أُطلقت بالقرب من مقر البرلمان، وسمعنا تهديدات للنواب من خارج القاعة".

ولفتت الخوجة، أنه لو أُقرّت الموازنة "لكان من المحتمل أن يتعرّض بعض النواب للأذى".

فالنواب كانوا تحت ضغط وتهديد شديدين من مليشيات حفتر، رغم أن طبرق يفترض أنها تحت نفوذ عقيلة صالح رئيس البرلمان، ما يدل على وجود تواطؤ من الأخير في إفشال تمرير الموازنة.

حيث لم تعرض الموازنة على النواب كما كان مقررا الثلاثاء، وإنما تم التحجج بعدم حصول الجلسة على النصاب القانوني المقدر بـ120 نائبا، في حين أن عدد المجتمعين لم يتجاوز 82 نائبا.

وعلق النائب من الشرق "زياد دغيم"، على عدم الإفراج عن الموازنة، بأن "تحديد نصاب الـ120 لإقرار ها كلام حق أريد به باطل، وهو مخالف للمصلحة العامة والمقصد من فلسفة التشريعات".

وطالب دغيم، في تصريح لمراسل الأناضول، رئيس اللجنة التشريعية بكشف محاضر جلسات البرلمان التي أُقرت الموازنات السنوية السبع السابقة، ليعرف الشعب بكم صوت اعتمدت.

في إشارة إلى أن مجلس نواب طبرق، اعتمد الموازنة الحكومة المؤقتة الموالية لحفتر، بعدد يقل كثيرا عن 120 نائب، بل وصل به الأمر أن يعقد اجتماعات بأقل من 30 نائبا بعد هجوم حفتر على طرابلس في 2019.

ولم تُثر اللجنة التشريعية للبرلمان حينها مسألة النصاب القانوني للجلسات، ما يعكس لجوئها لحجة الـ120 نائبا ما هي سوى مبرر قانوني لإسقاط الموازنة وبالتالي، إضعاف الحكومة، وتكريس الانقسام، ما يجعل تنظيم الانتخابات في موعدها أصعب من أي وقت مضى.

** ميزانية الأمر الواقع

أمام عجز مجلس النواب عن الإفراج عن الموازنة، تحت تهديدات مليشيات حفتر، التي أطلق عناصرها النار، خارج مقر اجتماع النواب، لجأ المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) برئاسة خالد المشري، لخيار بديل، سبق وأن اعتمده في عهد حكومة الوفاق الوطني (2016 -2021).

حيث اتفق المشري، مع محافظ المصرف المركزي "الصديق الكبير" وبحضور رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان محمد الشنطي، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، على منح الميزانية للحكومة شهرا بشهر وفق قاعدة (1/12).

فسيناريو حكومة الوفاق والبرلمان، يتكرر مع حكومة الوحدة، باستثناء تفصيل صغير، أن الأخيرة حصلت على اعتماد مجلس النواب على عكس الأولى، أما بقية الأمور فمزيد من المماطلات والعراقيل والانقسامات.

وستضطر حكومة الوحدة لاتباع نفس أسلوب حكومة الوفاق في الحصول على ميزانية شهرية من المصرف المركزي، ما يعني أنها ستكون تحت رحمة الأخير.

وهذه الأزمة تكشف مدى فطنة المشري، الذي رفض إتمام توزيع المناصب السيادية إلا بعد توحيد المؤسسة العسكرية، وإلا لكان منصب محافظ البنك المركزي من نصيب "أحد رجال حفتر"، وحينها لن يكون بإمكان الحكومة الحصول على "الميزانية الشهرية المؤقتة" من "المركزي" بعد تعطيلها من البرلمان.

ومن الناحية القانونية، يوضح الباحث الاقتصادي نجم عبدالله أوحيدة، أن قاعدة 1/12، التي تعرف أيضا بـ"اعتمادات شهرية مؤقتة"، تمثل "آلية للصرف تُتبع عادةً من قبل الحكومات، ومنصوص عليها في قوانينها، وذلك فقط في الحالات التي لا تُقَر فيها الميزانية الجديدة، قبل بدء السنة المالية لأي ظرف كان".

** الطريق نحو الانقسام

مثلما عجز مجلس النواب عن إقرار الموازنة لغياب النصاب، فلن يتمكن من إقرار القاعدة الدستورية (أخفق ملتقى الحوار لحد الآن في الاتفاق عليها) ولا قوانين الانتخاب، لنفس الأسباب، بل إن عدد النواب قد يتقلص إلى ما دون (النصف +1) ناهيك عن بلوغ سقف 120.

حيث قالت النائبة خوجة إن "أغلب النواب أصيبوا باليأس والإحباط، وبعضهم قرّر عدم حضور أي جلسة أخرى".

فليس من المستبعد أن يقاطع أغلب نواب المنطقة الغربية مجدد جلسات البرلمان في طبرق، خاصة وأنهم يمثلون نحو نصف النواب، المقدر عددهم فعليا بحوالي 170 من إجمالي 200 رسميا.

وهذا الأمر سيكرس انقسام البرلمان، وسيجعل من تنظيم الانتخابات أمرا صعبا، فلا يمكن تنظيم الانتخابات دون قاعدة دستورية وقوانين الانتخابات، التي حتما ستمر عبر مجلس النواب.

وفي مناورة من شأنها إثارة مزيد من الخلاف مع المنطقة الغربية، أصدر عقيلة صالح، قرارا بتشكيل لجنة برلمانية لصياغة مقترحات قوانين الانتخابات، بالتعاون مع البعثة الأممية ومفوضية الانتخابات، مع إقصاء المجلس الأعلى للدولة في طرابلس.

كما أن حفتر ماضي في سياسة "أَلعب أو أُفسد اللعب"، حيث يضغط عبر أنصاره في مجلس النواب لعرقلة عمل الحكومة، لإجباره خصومه على القبول بترشحه للرئاسيات دون التخلي عن جنسيته الأمريكية أو نزع بزته العسكرية، مع تخصيص ميزانية لمليشياته دون الخضوع لسلطة المجلس الرئاسي، باعتباره القائد الأعلى للجيش.

يبقى هناك أمل صغير في أن يتمكن مجلس الأمن الدولي، بما فيه الدول الداعمة لحفتر، في ممارسة ضغوط على الأخير لوقف عرقلته لعمل الحكومة وللعملية السياسية، ولو اضطرهم لفرض عقوبات عليه وعلى عقيلة صالح، إذا كانوا يريدون فعلا تنظيم الانتخابات في موعدها.

غير أن قلة من الليبيين متفائلون بشأن إمكانية تدخل مجلس الأمن بشكل فاعل لمعاقبة المعرقلين، وذكرهم بالاسم، على ضوء جلسات سابقة سادها الانقسام، رغم أن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، سيكون حاضرا في نيويورك.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.