الحياة, الدول العربية

"الفلامنغو الوردي".. ينام واقفا على ضفاف بحيرة تونسية

"ينام واقفا" على ساق واحدة، بحسب باحث بيولوجي

Yosra Ouanes  | 14.09.2018 - محدث : 04.10.2018
"الفلامنغو الوردي".. ينام واقفا على ضفاف بحيرة تونسية

Tunisia

تونس/يسرى ونّاس/الأناضول 

بدأت خيوط الفجر تنشقُّ من عتمة الليل الدامس.. وأخذت الشمس تتسلل شيئا فشيئا مرسلة أشعتها الذّهبية لتخرق السكون الذّي خيّم على بحيرة "قربة" الواقعة شرقي تونس.

السماء تزينت بزي الصباح فدغدغت نسماتُه.. "الفلامنغو الوردي" المقيم بهذه البحيرة، ليبدأ هذا الطائر المهاجر نشاطه الصباحي بالتنقل بين ضفتي البحيرة بحثا عن غذائه، علاوة على أنه "ينام واقفا" على ساق واحدة، بحسب باحث بيولوجي

مختالا في مشيته، كان طائر الفلامنغو ويسمى أيضا بالنحام الوردي، يصدر تغريدات منبعثة من حناجره الصغيرة وكأنه جوقة موسيقية متناغمة في حركاتها الرشيقة مرسلة "معزوفات" تنبئ ببداية يوم جديد ملؤه النشاط والحياة.

ويعتبر طائر الفلامنغو الذّي يتميز بعنقه الطويلة ومنقاره المعقوف، من أجمل الطّيور، ويستمد سحره وجماله من اللون الوردي الذّي يغطي جزءا كبيرا من ريشه.

ويعتقد كثيرون أن النحام يولد ورديا إلاّ أن بحوث علوم الأحياء تؤكّد أنه يكتسب لونه الزهري من جراد البحر (الروبيان/ القمبري) والطحالب الغنية بصباغ الطبيعة تعرف 'بالكارونتيات' التّي تعد الغذاء الأساسي له في حين أن صغاره تخرج من البيض بريش رمادي.

ولعلّ ما يميز طائر الفلامنغو عن بقيّة الطّيور، وقفته الشهيرة فهو قادر علَى أن يقف على ساق واحدة ويضع القدم الأخرى تحت جناحه، حتّى أن البعض شبه هذا المشهد برقصة "الفلامنغو" الشهيرة في إسبانيا.

** محمية طبيعية وموطن" للنحام الوردي"

الأناضول التقت يوسف الجربي المنسق العام للجمعية التونسية لحماية الطبيعة والبيئة بقربة، وقال إنّ "سبخة (بحيرة) قربة تعد واحدة من 13 سبخة موجودة في الضفة الشرقية، للوطن القبلي (ولاية نابل) ولكنها أكبرها فهي تمتد على 11 كيلومترا بعَرض يتراوح بين 500 و800 متر".

وتقدر مساحة "السّبخة" بنحو 5 آلاف هكتار كما أنّ نصفها مغمور بالماء وهي لا تجف صيفا، إذ تضخ بها عدة موارد مائية.

ويضيف مُحدّثنا أنّ "المورد الأول للبحيرة هو ماء البحر الذّي يصبّ بها في فصل الشتاء بفعل الهيجان، أما المورد الثاني فهو مورد اصطناعي إذ يضخ بها حوالي 4 آلاف م٣ من الماء يوميا انطلاقا من محطة التطهير الموجودة على بعد 10 كم، والمياه المتأتية من بعض المصانع المختصة في تحويل مادة الطماطم والفلفل التي تصب مياهها بعد تنقيتها في البحيرة."

وبحسب محدّثنا فإن بحيرة قربة مسجلة منذ الثمانينات كمحمية ومنطقة رطبة ذات أهمية عالمية من حيث استيعاب كميات الماء عند هطول الأمطار فهي تمنع الفيضانات عن المنطقة كما أنها تعد محطة لكثير من الطّيور المهاجرة وتساهم في تغذية المائدة المائية".

وتمت تهيئة (تأهيل) المحمية سنة 2002 بالشراكة بين البنك العالمي للتنمية وبنك فرنسا لتنمية بلدان البحر الأبيض المتوسطز

ويتمثّل مشروع التّهيئة في تنظيف السبخة، وإحداث محطة تطهير للمدينة لأن المياه المستعملة كانت تصب في هذا المكان فتؤثّر سلبا في حياة الكائنات التي تعيش بها.

كما تتميز "السبخة" أيضا بغطاء نباتي يحيط بها فنجد عشبة "الحماضة" وهي غنية بمادّة "الصودا"، إضافة إلى نبتة "السمار" (يصنع منها الورق والحصير المنزلي) التي تناقصت بسبب درجة الملوحة المرتفعة بالبحيرة.

** رحلات سنوية بين قارتي أوروبا وإفريقيا

وتحتوي المحمية حاليا على ما يفوق 70 نوعا من الطيور بفضل تضاعف منسوب المياه فيها فيما كانت هذه الطيور لا تتعدى 30 نوعا قبل عملية التّهيئة حين كانت تعاني من الجفاف.

وتعد طيور النحام الوردي التي تعمر لنحو 30 عاما، أبرز أنواع الطيور المميزة للبحيرة التي تضم بين 3500 و 4000 طائر، ولا يبقى في فصل الصيف منْها سوى 800 أو 1000 فقط.

وهي تصنف إلى ثلاثة أقسام فمنها طيور مقيمة تجدها طيلة السنة هنا تعشش، كما تأتي طيور أخرى من أوروبا في فصل الشتاء، أما النّوع الثالث فيجعل من البحيرة محطة له خلال تنقله بين قارتي أوروبا وإفريقيا ويقيم بها نحو أسبوع تقريبا.

من جانبه يقول عماد السّتّي الباحث المختص في البيولوجيا، (اختصاص طيور) ورئيس الجمعية التونسية للحفاظ على الحياة البريّة (مدنية) لمراسلة الأناضول، إنّ "النحام واسمه ايضا باللهجة التونسية البشروش الورِدي يعدّ من الطيور المائية التّي تعيش دائما في المناطق الرطبة ذات المياه المالحة وغير العميقة."

وتابع أن هذا الطائر يعيش على الكائنات الموجودة في هذه السباخ والبحيرات المالحة التي تصنف ضمن اللاّفقاريات توجد بهذا الماء، على غرار الروبيان والطحالب.

وللنحام عادة خاصة بها لتناول غذائها فهي تخلط الرمل الراكد تحت مياه البحيرة بساقيه الطويلتين كما أن له مشط قريب من منقاره يساعده في الأكل، بحسب السّتّي.

وأضاف "ترحل هذه الطيور أواخر الصيف (أيلول) إلى تونس وتقيم بها حتى نهاية فصل الرّبيع قادمة من فرنسا واسبانيا وإيطاليا ولكن الباحثين اكتشفوا منذ عشر سنوات أن هناك نوع من النحام يأتي إلى تونس من تركيا وإيران".

وبحسب الباحث فإن " النحام يعيش طويلا وقد يصل إلى عمر 30 و40 عاما، ولكن معدل أعماره تقدر بـ 25 عاما."

ويتابع في سياق متصل أن "تونس تستقبل سنويا من 40 إلى 45 ألف طائر".

ويفسر الستي الوقفة المميزة للنحام الوردي بأنه "يحاول من خلال ذلك اختزان طاقته وأنه يقف على ساق واحدة كطريقة للنوم ونيل قسط من الراحة."

ويرجح الباحث أن تكون طريقته في الأكل هي الأقرب من رقصة الفلامنغو الإسبانية ذلك أنه يحرك ساقيه بطريقة راقصة كما أن ألوانه شبيهة بأزياء راقصي الفلامنغو.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.