
Kayseri
قيصري/ أسماء كوجك شاهين/ الأناضول
أستاذة تاريخ الفن التركية أصلي صاغير أوغلو:- أفراد القبائل التركمانية نقشوا أختامهم الخاصة التي تدل على قبائلهم على شواهد القبور
- مقابر القبائل التركية الأولى تُعد من أبرز الأمثلة على شواهد القبور التاريخية
تحت ظلال شجرة حور أسود معمّرة، يبلغ عمرها نحو ثمانية قرون، في منطقة "دوه لي" بولاية قيصري التركية (وسط)، تقف شواهد قبور تاريخية لفرسان من قبائل تركية، حاملة أختام تلك القبائل، التي تشكل بصمة حضارية ورسالة تاريخية من أزمنة متعاقبة.
وفي مقبرة تقع على بعد 43 كلم من مركز قضاء "دوه لي"، وتحديدًا في حي "جطال أولوق"، تصطف شواهد قبور تعود إلى قبائل الأوغوز التركية (التركمان) مثل "قارغن"، و"بايندر"، و"أيمُر"، و"سالور"، و"ألقا أولي"، إلى جانب شواهد مزخرفة تعود للعهد العثماني، لتشكل لوحة تاريخية نادرة تثير اهتمام الزوار والباحثين.
ويستمر أهالي المنطقة بدفن موتاهم في هذه المقبرة حتى يومنا هذا، رغم القِدم الكبير للموقع وأهميته التاريخية.
وقالت أستاذة تاريخ الفن في كلية الآداب بجامعة أرجييس بمدينة قيصري، أصلي صاغير أوغلو، عن هذا الموقع الفريد، إن الأتراك حافظوا على تقاليد دفن الموتى منذ العصور القديمة، وإن شواهد القبور تمثل "صك ملكية" للأراضي التي يرقد فيها الموتى.
- مشهد مذهل
وأوضحت صاغير أوغلو، في حديث للأناضول، أنها علمت بوجود هذه المقبرة عن طريق الباحث التركي في مجال الثقافة والتاريخ، نذير أوتكن، وأنها عندما زارت المكان، فوجئت بـ"مشهد مذهل يقف شاهدًا على العمق التاريخي للمنطقة".
وتابعت: "في ظلال الشجرة المعمّرة، استقبلتني شاهدتا قبر، وكان على إحداها نقش لعلامة أو ختم، وبعد إجراء الأبحاث، تأكدنا من أن هذه العلامة تعود إلى أحد أختام القبائل التركية".
وفي معرض وصفها لوجود شاهدة قبر داخل الشجرة الأثرية، قالت صاغير أوغلو: "لم أرَ من قبل مثل هذا المشهد، وأعتقد أنه لا يوجد مثال مشابه لذلك، ربما ليس فقط في تركيا، بل حتى في العالم".
وأردفت: "بما أن الشاهدة موجودة داخل الشجرة الأثرية، التي تبلغ من العمر أكثر من 750 عامًا، وتم تسجيلها رسميًا كأثر طبيعي، توصلنا إلى قناعة بأن شواهد القبور أقدم من الشجرة نفسها".
وأضافت صاغير أوغلو أن القبائل التركمانية التي كانت تنوي الانتقال من منطقة كيليكيا إلى كابادوكيا، اتخذت من منطقة "جطال أولوق" قاعدة مؤقتة لهم، وأن وجودهم يمكن الاستدلال عليه من خلال هذه الشواهد.
وأشارت إلى أن أفراد القبائل التركمانية قاموا بنقش أختامهم الخاصة التي تدل على قبائلهم على شواهد القبور.
وأضافت: "يمكننا رؤية هذه الأختام أيضًا على السجاد، واللباد، والمفارش. وقد تمكنا من تحديد شاهدتين لقبيلة ألقا أولي وشاهدتين لقبيلة إيمُر".
وتعود شاهدة القبر الموجودة داخل الشجرة الأثرية لقبيلة قارغن، فيما تعود أكثر الشواهد بالولاية لقبيلة سالور، بحسب صاغير أوغلو.
- حماية المقبرة
وأشارت أن صاغير أوغلو إلى أن مقابر القبائل التركية الأولى تُعد من أبرز الأمثلة على شواهد القبور التاريخية.
وأشارت إلى أن منطقة أخلاط بولاية بيتليس التركية (جنوب شرق) مكان استثنائي بفضل زخارفه وتقاليد إقامة الشواهد، وهي تحتل مكانة مميزة للغاية.
و"بعد مقبرة أخلاط التاريخية، يمكننا القول إن هذا المكان يُعد أيضًا من أهم المقابر التاريخية في الأناضول، ليس فقط بسبب شواهد القبور المختومة، بل أيضًا بسبب التقاليد المرتبطة بالأحجار القائمة والرموز التاريخية وطريقة نصب الشواهد"، حسب المصدر نفسه.
وحذرت صاغير أوغلو من استمرار أهالي المنطقة في دفن موتاهم في هذه المقبرة.
وأوضحت أن استمرار عمليات الدفن قد يؤدي إلى تآكل وتدمير هذه المعالم التاريخية الفريدة، داعية إلى وقف عمليات الدفن الجديدة لحماية هذا التراث.
ولفتت إلى أنها، بدعم من بلدية "دوه لي"، نفذت في عام 2021 مشروعًا بحثيًا امتد على مدار 68 يومًا، بمشاركة طلاب البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
وأوضحت أنهم قاموا بتنظيف 437 شاهدة قبر من الطحالب، وإزالة التكلسات عبر التنظيف الميكانيكي، وأعدوا جردًا كاملًا لهذه الشواهد ونشروا مقالات علمية حولها.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.