خلاف الحكومة و"اتحاد الشغل" بتونس.. تحسين شروط أم تصادم؟ ( تقرير)
تشهد تونس توترا متزايدا بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطات الحكومية، وسط اتهامات متبادلة بالتحريض والتصعيد، واستعدادات لتنظيم مسيرة احتجاجية بالعاصمة الأسبوع المقبل.

Tunisia
تونس / عادل الثابتي / الأناضول
** السكرتير الوطني لحزب مسار 25 جويلية، بدر الدين الغرسلاوي:- هناك تصعيد مقصود من الاتحاد العام للشغل غايته ليست مصلحة العمال والمواطنين
- الوضع الاقتصادي سببه إضرابات الاتحاد، والحكومات المتعاقبة ساهمت بتغول الاتحاد
** الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري:
- البلاد ليست بحاجة للتصادم أو حرب أهلية
** أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، مهدي مبروك:
- الاتحاد لن يذهب في مواجهة قصوى إنما سيتخير أشكالا خفيفة من المواجهة
- السلطة ذاهبة في تحييد وتقليم أظافر الاتحاد
تشهد تونس توترا متزايدا بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطات الحكومية، وسط اتهامات متبادلة بالتحريض والتصعيد، واستعدادات لتنظيم مسيرة احتجاجية بالعاصمة الأسبوع المقبل.
وأعلنت الهيئة الإدارية للاتحاد - أكبر النقابات في البلاد - في بيان الاثنين أنها أقرت تنظيم تجمّع وطني في ساحة محمد علي بالعاصمة، يعقبه مسيرة سلمية باتجاه شارع الحبيب بورقيبة، في 21 أغسطس/آب، احتجاجاً على ما قالت إنه "اعتداء نفذه مناصرون للرئيس قيس سعيد" على مقر الاتحاد الخميس الماضي.
وأوضحت الهيئة أنها في حالة انعقاد دائم "لمتابعة المستجدات واتخاذ القرارات المناسبة، وتحديد تاريخ الإضراب العام تبعا لقرار المجلس الوطني المنعقد في 7 و8 و9 سبتمبر/أيلول 2024"، وذلك في حال استمرار "ضرب الحوار الاجتماعي، وعدم تطبيق الاتفاقيات الموقعة، وتواصل سياسة انتهاك الحق النقابي والاعتداء على الاتحاد".
كما جددت تحميل السلطة "مسؤولية التجييش والتحريض ضد الاتحاد"، متهمة مجموعات من "أنصار السلطة" بالتخطيط المسبق للاعتداء على المقر.
** الاتحاد: لا نريد التصادم
الناطق باسم الاتحاد سامي الطاهري قال في تصريحات للصحفيين بينهم مراسل الأناضول، إن "القضية قضية شرف وكرامة، والنقابيون لا يقبلون المساس بشرفهم ولا نقبل أن نتهم بهذه الاتهامات من قبل أيا كان سواء رأس السلطة أو حكومة أو أطراف سياسية أو مجموعات مدونين يحاولون تشويه الاتحاد".
وأضاف: "ككل تونسي يمس في عرضه، لا يقبل وينتفض، وحقنا كنقابيين أن ندافع عن كرامتنا وشرفنا وعرضنا".
وأكد الطاهري أن "البلاد ليست بحاجة للتصادم أو حرب أهلية"، مذكرا بدور الاتحاد في "إنقاذ تونس" عامي 2012 و2013 من أزمة مشابهة، ورافضا العودة إلى سيناريوهات الفوضى أو السماح بترهيب المواطنين في الشارع من قبل "أشخاص تم شحنهم من قبل رأس السلطة".
** اتهامات بالتسييس
من جانبه، اعتبر بدر الدين الغرسلاوي، السكرتير الوطني لحزب مسار 25 جويلية الموالي للرئيس سعيد، أن الاتحاد "يتعمد التصعيد" ولا يتحرك لمصلحة العمال أو المواطنين، مشيراً إلى أن "الشعارات التي رفعت ضد الرئيس خلال الهيئة الإدارية الأخيرة للاتحاد دليل على انحرافه نحو العمل السياسي".
وأضاف: "المساس بشخص الرئيس أمر مرفوض. ندعو للفصل بين العمل النقابي والسياسي، لأن العمل النقابي غايته تحسين ظروف العمال".
ورأى الغرسلاوي أن تصريحات قيادات الاتحاد بعدم الرغبة في التصعيد "تناقضها الأفعال التي تكشف عن غايات خفية هدفها إسقاط الدولة وضرب الرئيس".
كما اعتبر أن "ما وصل إليه الوضع الاقتصادي (هو) بفعل إضرابات الاتحاد مسؤولية الدولة لأن الحكومات المتعاقبة منذ 2011 ساهمت في تغول الاتحاد ولم تقم سوى بتشريع التعددية النقابية دستوريا ولكن واقعيا هي تتعامل مع نقابة واحدة هي الاتحاد العام التونسي للشغل وتمنحها الامتيازات".
وأشار إلى أن من بين 700 ألف موظف حكومي هناك 500 ألف منخرطون في الاتحاد تقتطع اشتراكاتهم آليا، معتبرا الأمر "شبه إجباري"، ومطالبا بوقف الاقتطاع واسترجاع أكثر من 60 مقرا مملوكا للدولة يستغلها الاتحاد "دون وجه حق".
كما دعا إلى "محاسبة الفاسدين" داخل الاتحاد، مؤكدا وجود "ملفات قضائية ضد قيادات في الاتحاد بتهم فساد مالي وإداري لم تنظر فيها المحاكم".
وعبر الغرسلاوي عن رفضه اللجوء للتظاهر في الشارع لحل الخلافات النقابية، كما حدث في 7 أغسطس/آب عندما تظاهر أنصار الرئيس أمام مقر الاتحاد، قائلا: "العنف لا يولد إلا العنف، ويجعل الاتحاد في موقع الضحية بدل محاسبته".
ودعا إلى "تفعيل التعددية النقابية بحلول عملية وقانونية وإدارية لحل الأزمة النقابية التي لا تحل بالإضرابات العامة والعنف".
** تحييد الاتحاد
بدوره، يرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، مهدي مبروك، أن الاتحاد "في وضع ضعف" ولن يذهب إلى مواجهة قصوى، بل سيلجأ إلى "أشكال خفيفة من المواجهة"، متوقعا أن تعمل السلطة على "تحييد وتقليم أظافر الاتحاد".
وأشار مبروك إلى أن أغلب الإضرابات التي نفذها الاتحاد كانت في قطاعات التعليم والنقل والصحة، معتبرا أن النظام يخشى أن تتحول هذه التحركات إلى سلسلة إضرابات واسعة لإعادة طرح "معركة الحقوق والحريات".
وقال مبروك: "الاتحاد الآن يخوض مطالب قطاعية لجر الحكومة للتفاوض والاعتراف به كممثل للعمال".
وتابع: "لحظة الاختيار بين الحياة والموت بالنسبة للاتحاد لم ترد بعد، لأن الاتحاد إذا خاض معركة وجود لا يمكنه أن يخوضها دون العودة إلى المعركة السياسية، أي استئناف الحديث عن الشأن الوطني".
وأوضح أن الاتحاد يخوض حاليا "معركة وجود تحت لافتة اجتماعية" لإجبار الحكومة على التفاوض والاعتراف به ممثلا للعمال، لكنه لم يدخل بعد في "معركة وجود سياسية"، والتي قد تبدأ إذا "بادر النظام بإنهاء الاقتطاع أو محاسبة أعضاء من المكتب التنفيذي ( بتهم الفساد)".
مشيرا إلى أن "معركة الوجود بالمعنى السياسي غير واردة وتقتضي الاقتراب من السياسيين المعارضين".
وحذر مبروك من أن الرئيس سعيد "يرد بقوة" على أي شعارات ضده، متوقعا "إجراءات مؤلمة" قد تستهدف الاتحاد قريبا، في ظل خيارين أمام السلطة: إما تركه ليستعيد قوته، أو تقليص نفوذه عبر إجراءات مثل وقف الاقتطاع أو استهداف قياداته.
واستبعد مبروك قدرة الاتحاد على رد فعل قوي "ما لم يعد المكتب التنفيذي تموضعه ويعيد قراءة علاقته بالشأنين الوطني والاجتماعي، ويعيد بناء حزامه السياسي".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021 اتخذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية شملت حل مجلس النواب والمجلس الأعلى للقضاء، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، ثم إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتصف قوى سياسية هذه الإجراءات بأنها "تكريس لحكم فردي مطلق"، بينما تراها أطراف أخرى "تصحيحا لمسار الثورة" التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011.
بينما ذهب سعيد، الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إلى أن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.