دولي, الحياة, التقارير

حريق "الروهنغيا" ببنغلاديش.. التهم الخيام دون الأحلام (قصة إنسانية)

لاجئون روهنغيا، بينهم أطفال، يتحدثون للأناضول عن أوضاعهم المزرية بعد أن دمر حريق هائل خيامهم ومدارسهم، لكنهم يظهرون تصميما على تغيير الواقع والعمل من أجل مستقبل أفضل

05.04.2021 - محدث : 05.04.2021
حريق "الروهنغيا" ببنغلاديش.. التهم الخيام دون الأحلام (قصة إنسانية)

Bangladesh

كوكس بازار (بنغلاديش)/ محمد قمر الدين/ الأناضول

رقية بيغوم، واحدة من عشرات الأطفال والمراهقين الروهنغيا في مخيمات اللاجئين بمنطقة كوكس بازار في بنغلاديش الذين فقدوا كل شيء، بما في ذلك الدعم التعليمي، إثر حريق نشب في مخيمهم، يوم 22 مارس/ آذار الماضي، وأدى إلى مصرع 15 شخصا وإصابة أكثر من 500 آخرين، وفق الأمم المتحدة.

بجوار كومة من نفايات خيمتها المدمرة، جلست الفتاة (10 سنوات) ذات الوجه الطويل تحاول بصعوبة قراءة كتابها نصف المحترق الموجود بين يديها الصغيرتين.

تبدو رقية غير مهتمة بالكارثة التي حلت بهم وفقدان خيمة العائلة، إذ تعتبرها مشكلة والديها اللذين يحاولان إعادة بناء الخيمة من تحت الأنقاض.

وقالت الطفلة للأناضول: "لقد تدمر بيتي ومركز التعلم والمواد التعليمية الخاصة بي، لم يتبق لدي إلا هذا الكتاب نصف المحترق الذي أحبه كثيرا وأحاول قراءته".

فقدت رقية وعشرات الأطفال الآخرين مرافقهم التعليمية الأساسية بسبب الحريق، الذي التهم أكثر من عشرة آلاف مأوى، بينها مراكز التعلم والمدارس والمعاهد الدينية الإسلامية والمستشفى ومراكز الرعاية الصحية والمتاجر ومنشآت أخرى عديدة.

** استئناف الدراسة

لكن يبدو أن هذه الكارثة التي دمرت ملاجئ الروهنغيا، لم تدمر أحلامهم، فبعد يومين فقط بدأ اللاجئون الفارون من "الإبادة الجماعية" في بلدهم ميانمار، إعادة بناء الخيام، متمسكين بمستقبل أفضل.

بينما يتصبب عرقا أثناء إعادة بناء خيمته العائلية المتضررة في مخيمات كوكس بازار الرطبة، قال "أبو حياة" (60 عاما) للأناضول: "إن شاء الله، سيعود كل شيء كما كان، وسيستأنف أطفالنا تعليمهم".

كان "أبو حياة" يعمل تاجر أسماك صغير في ولاية راخين غربي ميانمار، ثم زاول العمل نفسه في بنغلاديش التي فر إليها في أغسطس/ آب 2017، من "إبادة جماعية" يمارسها جيش ميانمار ومليشيات بوذية بحق أقلية الروهنغيا المسلمة.

لكن النيران قضت على سوق "بوليبازار"، بما في ذلك متجر "أبو حياة"، وهو يعمل حاليا على إعادة بناء خيمته، كي يؤمن مأوى لعائلته المكونة من ستة أفراد.

وتابع أنه عاد إلى منزله بعد يوم واحد من الدمار، وقضى آخر ليلتين تحت السماء المفتوحة، يأكل من الأطعمة الجافة التي تقدمها وكالات الإغاثة.

حتى محسنة (75 عاما)، وهي والدة "أبو حياة"، منشغلة هي الأخرى في إزالة الأنقاض، لمساعدة ابنها في إعادة بناء الخيام بأغطية من الخيزران والقماش المطلي بالشمع.

وقالت الأم: "يذهب أحفادي الثلاثة إلى مدارس المخيم، وعندما تُستأنف الدراسة، سيتعين علينا شراء كتب ودفاتر وأقلام لهم".

** حياة أفضل

في خيمة مجاورة، كان ياسين عرفات (10 سنوات)، يساعد والديه في إعادة بناء خيمتهم، ويحلم طلاب الصف الرابع بعودة الدراسة، لكن حال ياسين مثل رقية، إذ فقد هو الآخر مدرسته وخيمته وجميع مستلزماته التعليمية.

وقال مفتي أمين مصطفى، مدير أكبر مدرسة دينية في مخيمات الروهنغيا: "هذا ليس جديدا بالنسبة لنا. حتى في بلادنا، تم حرق شعبنا أحياء على يد جيش ميانمار. ما زلنا على قيد الحياة. ونأمل أن يكون لجيلنا القادم حياة أفضل منا".

وأضاف مصطفى للأناضول: "نقوم بالتدريس من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر، ولدينا 712 طالبا و30 معلما، بالإضافة إلى أعضاء هيئة التدريس الآخرين".

ويستدرك مصطفى الذي يحاول إعادة بناء المدرسة على أنقاض الأعمدة المتبقية: "الآن ليس لدينا مكان للمدرسة، إذ دمر الحريق جميع منشآتنا بالكامل".

** تدابير السلامة

ولتجنب مثل هذه الكوارث مستقبلا، يحث اللاجئون الروهنغيا والمدافعون عن حقوق الإنسان السلطات البنغالية على اتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية.

وقال مصطفى: "نأمل أن تزيل الحكومة على الفور جميع الأسوار الشائكة التي أقيمت حول مخيمات الروهنغيا لتفادي الجرائم والتهريب، حيث أصيب العشرات منا خلال كارثة الحريق بسبب هذه الأسوار".

وأضاف أن تركيب المزيد من الكاميرات قد يساعد في منع الجرائم.

كما دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، مؤخرا، الحكومة البنغالية إلى إزالة الأسوار المحيطة بمخيمات "كوكس بازار"، ونشر نتائج تحقيقها بشأن سبب الحريق.

وقال براد آدامز، مدير قسم آسيا في المنظمة: "لدى اللاجئين روايات مروعة عن أنهم كانوا محاصرين داخل سياج من الأسلاك الشائكة بينما اجتاح الحريق مخيمات اللاجئين الروهنغيا".

وخلال زيارته للمخيمات المتضررة، قال وزير الداخلية البنغالي، أسد الزمان خان كمال، مؤخرا، إن الحكومة ستدعم لاجئي الروهنغيا.

وأضاف: "نبذل قصارى جهدنا من أجل سلامة الروهنغيا وعودتهم الآمنة إلى وطنهم ميانمار".

وأفاد بأنه تم تشكيل لجنتي تحقيق لتحديد أسباب الحريق، مشددا على أنه "إذا تم العثور على أي شخص متورط، فسيتم تقديمه للمحاكمة".

وأكد أنه لن يتم إجبار أي شخص على الانتقال إلى جزيرة "بهسان شار" النائية في خليج البنغال.

وحتى الآن، أرسلت الحكومة إلى الجزيرة نحو 14 ألف من الروهنغيا كجزء من عملية لنقل 100 ألف فرد من عديمي الجنسية، وسط معارضة دولية حول قواعد السلامة، لكون الجزيرة معرضة لخطر الفيضانات والعواصف.

وتعتبر ميانمار الروهينغا "مهاجرين غير نظاميين" جاؤوا من بنغلاديش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم".

وفي يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، دمر حريق أكثر من 500 كوخ للروهنغيا، كما نشبت عشرات الحرائق الطفيفة في مخيماتهم، منذ بدء النزوح الجماعي للناجين من "الإبادة الجماعية" في ميانمار عام 2017.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın