دولي, الدول العربية, التقارير

تلويح لودريان بالعقوبات.. هل ينقذ المبادرة الفرنسية في لبنان؟ (تقرير)

- تسعى فرنسا جاهدة منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي، لحجز مكانة لها في الساحة اللبنانية الداخلية. - جميع هذه المساعي تبدو بلا أفق، وسط انسداد داخلي شبه كامل في أفق تشكيل حكومة جديدة.

10.05.2021 - محدث : 15.05.2021
تلويح لودريان بالعقوبات.. هل ينقذ المبادرة الفرنسية في لبنان؟ (تقرير)

Istanbul

بيروت/ ريا شرتوني/ الأناضول

- تسعى فرنسا جاهدة منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي، لحجز مكانة لها في الساحة اللبنانية الداخلية.
- هذا السعي يتجلى في مبادرة رئيسها إيمانويل ماكرون لحل أزمة البلاد السياسية، وزيارات وزير الخارجية جان إيف لودريان، إلى بيروت.
- جميع هذه المساعي تبدو بلا أفق، وسط انسداد داخلي شبه كامل في أفق تشكيل حكومة جديدة.

تسعى فرنسا جاهدة منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي، لحجز مكانة لها في الساحة اللبنانية الداخلية، إن كان من خلال "المبادرة الفرنسية" التي أطلقها رئيسها إيمانويل ماكرون أو من خلال الزيارات المتكررة لوزير خارجيتها جان إيف لودريان للبلاد.

غير أن جميع هذه المساعي تبدو بلا أفق، وسط انسداد داخلي شبه كامل في أفق تشكيل حكومة جديدة، تخلف حكومة حسان دياب، المستقيلة بعد 6 أيام من انفجار المرفأ.

وعبّر مسؤولون لبنانيون مرارا وتكرارا عن تمسك بلادهم بالمبادرة الفرنسية لمعالجة الأزمتين السياسية والاقتصادية، إلا أن وعودهم التي قطعوها أمام فرنسا تظهر غير ما تضمر، ومعاكسة تمامًا للواقع.

وتهدف المبادرة، التي أطلقها ماكرون مباشرةً بعد استقالة حكومة دياب، تشكيل حكومة جديدة من "مستقلين" (غير تابعين لأحزاب)، على أن يتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية.

وقُبيل وصول لودريان إلى لبنان في 6 مايو/أيار الجاري، هدد بلهجة شديدة المسؤولين اللبنانيين، محملا إياهم تداعيات عرقلة تشكيل الحكومة.

وغرد الوزير الفرنسي، قائلا: "لقد اتخذنا إجراءات وطنية (لم يحددها)، وهذه مجرد البداية".

وخيمت الأجواء السلبية على مُجمل لقاءات لودريان في لبنان، التي استمرت يومين، سواء مع المسؤولين أم مع مجموعات وأحزاب المعارضة.

** فشل "المبادرة الفرنسية"

وفي حديث للأناضول، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي منير الربيع، أن "زيارة لودريان أظهرت عدم قدرة فرنسا على إنجاز أي نقطة سياسية على صعيد مبادرتها في لبنان".

وأضاف الربيع: "فشل المبادرة (الفرنسية) هو ما دفع لودريان إلى زيارة بيروت والتعاطي بهذه الطريقة سواء مع القوى السياسية أو من خلال لقائه وتعويله على بعض مجموعات المجتمع المدني".

وأردف: "علما أنه في زيارة الرئيس ماكرون الأخيرة (إلى لبنان آواخر أغسطس الماضي) كان التعويل على القوى السياسية".

واستطرد: "فرنسا بدت وكأنها الأم التي لا تعرف أبناءها وغرقت في الكثير من التفاصيل وغيرت الكثير من مواقفها في مبادرتها منذ إعلان ماكرون ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية وبعدها حكومة اختصاصيين مستقلين وبعدها اختصاصيين يسمونهم الأحزاب".

وحول العقوبات الفرنسية على المسؤولين اللبنانيين، قال الربيع، إنها "تأتي كردة فعل على عدم استجابة القوى اللبنانية إلى المبادرة".

وتابع: "بات الملف اللبناني استحقاقًا فرنسيا داخليا، لذلك تضطر فرنسا إلى اتخاذ مواقف إما شعبوية أو عقابية ضد كل القوى السياسية علّها تنجح بتشكيل حكومة بأي شكل من الأشكال".

وفي 6 مايو الجاري، ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن "فرنسا بدأت تنفيذ إجراءات تقيد دخول أشخاص يعرقلون العملية السياسية في لبنان، أو متورطين في فساد، إلى أراضي فرنسا"، دون تأكيد أو نفي من باريس.

** رسائل فرنسية قاسية

بدوره، أكد النائب المستقيل عن حزب "الكتائب" إلياس حنكش، أن "زيارة لودريان مهمة بالشكل ولاسيما أن فرنسا هي الأكثر حرصًا على لبنان".

وأضاف حنكش للأناضول، أن الزيارة "أودت برسائل قاسية إلى القوى السياسية اليوم ولقاءاته (وزير الخارجية الفرنسي) مع المسؤولين كانت بروتوكولية فقط".

واعتبر أن لقاء المسؤول الفرنسي "مع القوى الثورية هو اعتراف بخيار آخر مقابل الطبقة الحاكمة منذ 30 عاما"، مشددا أن "الحرص على الانتخابات هو بداية للتغيير".

فيما قال محمد نصر الله، النائب عن حركة "أمل" (يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري): "ما رشح عن الزيارة لا يعكس أن المبادرة بلغت الأهداف التي تتوخاها وعلى رأسها تشكيل الحكومة فيبدو أن الأمور لا زالت مكانها".

وزاد: "لا نقول أن المبادرة الفرنسية ماتت وإنما الوقت لا يخدمها كثيرا ولاسيما أنها أطلقت منذ 8 أشهر ولم تعطِ ثمارها حتى الآن"، مشيرا لوجود "علامات استفهام على المبادرة".

وتسعى فرنسا إلى لعب دور في حل أزمة لبنان السياسية، في وقت يتهمها مراقبون بأنها تسعى لتعزيز نفوذها في البلاد خدمة لمصالحها.

** عقوبات واشنطن أكثر إيلاما

من جانبه، أفاد راشد فايد، عضو المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" (يتزعمه سعد الحريري)، للأناضول: "لم يصدر أي أمر رسمي ينعي المبادرة وكل ما يُحكى عن ذلك هو تسريبات معلومات".

وفرق بين العقوبات الأمريكية والفرنسية، قائلا: "أمريكا تُمسك بالدولار وأي مبلغ يُنقل من حساب إلى آخر تعلم به وهي أشد إيلاما، أما فرنسا عقوباتها أضعف، لاسيما إن لم يتضامن معها الاتحاد الأوروبي".

وإن كان هناك بعد تعويل على المبادرة الفرنسية، ذكر أن ذلك مرتبط "بقدرة الممسكين بها واستطاعتهم فرضها على الآخرين".

مسؤولة اللجنة المركزية للإعلام في "التيار الوطني الحر" (يتزعمه صهر رئيس البلاد جبران باسيل)، رندلى جبور، رأت أن "الزيارة أعطيت أكثر بكثير من حجمها ولا أعتقد أنها سجلت أي خرق على تشكيل الحكومة".

وأضافت في حديث للأناضول: "لودريان كما ما أتى ذهب"، مضيفةً: "العقوبات لا تزال في إطار التلويح ولكن هذه السياسة لن تؤدي إلى نتيجة".

واستدركت: "لا زلنا نعول على المبادرة ولاسيما في شقها الإصلاحي، وطالما فرنسا تتمسك بها نقول أنها على قيد الحياة لكن لم تحقق النتائج المرجوة".

** ما قبل الزيارة غير ما بعدها

مسؤول الإعلام في "القوات اللبنانية" (فصيل مسيحي)، شارل جبور، قال للأناضول، إن "هناك استياء فرنسي واضح من ما آلات إليها الأمور".

وأشار أن "ما قبل هذه الزيارة غير ما بعدها، حيث أن مد يد باريس للقوى السياسية اللبنانية قُبِل بعدمه من جانب المسؤولين هنا، لاعتبارات شخصية وحصصية".

وحول مدى جدية العقوبات الفرنسية، أفاد جبور قائلا: "فرنسا تصر على هيبتها ودورها، بالإضافة إلى أنها توجه رسالة إلى الذين أفشلوا المبادرة بأن يعيدوا حساباتهم".

** تراجع دور فرنسا في لبنان

الكاتب والمحلل السياسي طوني بولس، قال إن "لودريان بزيارته أوصل رسالة بفشل المبادرة الفرنسية وإعلان مسار جديد بالتعاطي مع لبنان من خلال العقوبات وعدم الاعتراف بالطبقة السياسية".

وأضاف بولس للأناضول: "صحيح لقاء المسؤول الفرنسي بقوى من ثورة 17 تشرين هو رسالة لكن على أرض الواقع الجميع يدرك بأن هذه المجموعات ليس لديها تمثيلًا شعبيا".

وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، انطلقت احتجاجات شعبية عارمة في لبنان، تنديدا بالفساد وتردي الأوضاع الاقتصادية، إذ امتلأت الشوارع من شمال البلاد إلى جنوبه، حتى البقاع شرقا.

واعتبر المحلل السياسي، أن "الدور الفرنسي في لبنان انكشف بأنه تراجع مقابل الأدوار الجديدة إن كان للولايات المتحدة أو بعض الدول العربية وتركيا وروسيا".

وتابع: "ناهيك عن ضعف الوجود الفرنسي، فإن جماعة حزب الله لن تسلم مسألة تشكيل الحكومة إلى فرنسا".

واستطرد: "يُفضل أن يُقدم ذلك لصالح طاولة المفاوضات الإيرانية الغربية، عبر ربط لبنان بالصفقة الشاملة في المنطقة".

وجراء خلافات سياسية بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، والرئيس ميشال عون، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة، منذ استقالة حكومة دياب.

ويعاني البلد أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية، بينها فرنسا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.