الدول العربية, التقارير, رمضان

"برش رمضان".. إفطار جماعي يتحدى الفقر وكورونا بالسودان (تقرير)

يطلق على المكان المخصص للإفطار الجماعي "برش رمضان". والبرش سجاد شعبي يصنع من سعف النخيل، وإن كان استخدامه حاليا تراجع لصالح السجاد العصري. لكن لا يزال مكان الإفطار يحمل اسمه.

21.04.2021 - محدث : 21.04.2021
"برش رمضان".. إفطار جماعي يتحدى الفقر وكورونا بالسودان (تقرير)

Sudan

الخرطوم/ بهرام عبد المنعم/ الأناضول

-ظاهرة اجتماعية تنتشر في السودان في شهر رمضان، عبر تنظيم إفطارات جماعية في الشارع 
- لا يوجد تاريخ لها، لكن السودانيين يعتبرونها قديمة ورثوها من الأجداد، ونقلها الناس معهم من الأرياف إلى المدن
-الكاتب السوداني: أحمد عبد الله: "برش رمضان" قيمة تكافلية تعزز التآخي والتآلف بين الأهل والجيران الذي يقتسمون زادهم مع بعضهم بعضاً

عادة ما يسارع الناس في معظم البلدان العربية والإسلامية للوصول إلى منازلهم قبيل موعد أذان المغرب، طوال أيام شهر رمضان، لتناول وجبة الإفطار مع عائلاتهم، أما السودانيون فيحرصون عادة، على الخروج بالطعام والشراب إلى الشارع لتناوله في تجمعات كبيرة على الرغم من الفقر وجائحة كورونا.

ويطلق على المكان المخصص للإفطار الجماعي "برش رمضان". والبرش سجاد شعبي يصنع من سعف النخيل، وإن كان استخدامه حاليا تراجع لصالح السجاد العصري. لكن لا يزال مكان الإفطار يحمل اسمه.

وتتضارب الإحصاءات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما يقول تقرير للأمم المتحدة إن 46.5 بالمئة من السودانيين يعيشون دون خط الفقر، تظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء السوداني للعام 2017، أن الفقر تراجع إلى 28 بالمئة.

** موائد على الطرقات العامة

ولا يقتصر "برش رمضان" على شوارع المدن والأرياف، فقط بل يمتد على طول الطرقات العامة، ولاسيما تلك التي تصل بين المدن والقرى، إذ يحرص أهل القرى التي تمر بها تلك الطرقات على تجهيز الإفطار للمسافرين، ويتنافس أهل كل قرية في حشد أكبر عدد من الضيوف.

الميزة التفضيلية والأهم لــ "برش رمضان"، والسبب الأساسي له، هو مشاركة الإفطار مع عابري الطريق الذين حال الزمن بينهم وبين وجهتهم التي يقصدونها.

قبيل موعد الإفطار بدقائق معدودة، يقف الشباب إلى جانب الطرقات السريعة وهم يلوّحون بأياديهم لإيقاف أصحاب السيارات وإقناعهم بالنزول لتناول وجبة الإفطار واحتساء الشاي والقهوة، ومن ثم مواصلة الرحلة.

** ما لذّ وطاب

وفي بداية شهر رمضان، يبدأ الناس في تجهيز المكان المخصص سنويا لتناول الإفطار على جانبي الشوارع الرئيسية أو الفرعية أو الميادين العامة، بتنظيفها وتسويرها بقطع من الحجارة الملونة، أو على هيئة مسجد بمحراب للصلاة.

يبدأ الإفطار بتناول التمر ثم "البليلة" وهي عبارة عن حمّص مخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، مضاف إليها التمر، وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور لدى السودانيين.

ويتناول الصائمون، بعد ذلك، عصير الليمون إذا كان الجو حارا، أو "الشوربة" إذا كان الجو باردا. وتلي ذلك الوجبات العادية، وأشهرها "الويكة"، وهي نوع من "البامية" مع "العصيدة"، وهناك أيضا إدام يسمى بــ "ملاح الروب"، وهو عبارة عن لبن رائب ممزوج بقليل من الفول السوداني. و"القراصة" المصنوعة من القمح مع الإدام.

ويعتبر طبق العصيدة من الوجبات التقليدية عند أهل السودان، ويتكون من خليط عجين الذرة المطهي، ويؤكل مع طبيخ "التقلية" ذات اللون الأحمر، وتتألف مكوناته من "البامية" الجافة المطحونة، وتسمى "الويكة" مع اللحمة المفرومة.

وبعد تناول طعام الإفطار، يحتسي الصائمون الشاي والقهوة، قبل الاستعداد لصلاة التراويح.

وعادة ما يتميز شهر رمضان في السودان بموائد الإفطار الجماعية التي لا تنتهي بالأكل والشرب والصلاة، وإنما تتعدى المسألة إلى مجالس سمر تستمر غالباً حتى وقت متأخر من الليل.

** ميزة تكافلية

يرى الكاتب السوداني أحمد عبد الله أن "برش رمضان"، عادة سودانية متجذرة، ومشبعة بروحانية الشهر الفضيل، وظلت تقاوم الحداثة.

ويشدد، في حديثه لـ "الأناضول"، على أن "برش رمضان" قيمة تكافلية تعزز التآخي والتآلف بين الأهل والجيران الذي يقتسمون زادهم مع بعضهم بعضاً.

أما المواطن محمد آدم اسحق، فيقول إن "الإفطار الجماعي ما زال قائما على الرغم من الظروف الاقتصادية وجائحة كورونا".

ويوضح أن "الإفطار الجماعي يستمر حتى آخر يوم في رمضان".

بدوره، يقول المواطن عبد الكريم يوسف إن "الوضع الاقتصادي الصعب وجائحة كورونا لم يحولا دون تنظيم برش رمضان هذا العام".

ولا يوجد تاريخ لهذه الظاهرة الرمضانية في السودان، لكن الغالبية العظمى من الناس تعتبرها قديمة ورثتها من الأجداد، ونقلها الناس معهم من الأرياف إلى المدن.

وعادة ما يتناول أهل الأرياف طعامهم وشرابهم جماعياً، لطبيعة حياتهم الرعوية والزراعية، لكنهم يتجمعون بشكل أكبر في شهر رمضان، لخصوصية الشهر الكريم.

ويُعتبر "برش رمضان" منتدى السودانيين الأكثر شهرة، إذ يتحول عقب الفراغ من صلاة العشاء إلى جلسة سمر تتسع للصغار والكبار، معاً، وتمضية الوقت بلعب الورق.. انتهاءً بالمناقشات السياسية الحادة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.