بأداة تمويل جديدة.. تركيا في قلب معادلة الدفاع الأوروبية (تقرير)
الاتحاد الأوروبي أطلق أداة جديدة لتمويل استيراد معدات دفاعية بشكل مشترك من دول غير أعضاء في الاتحاد مثل تركيا

Brussels Hoofdstedelijk Gewest
بروكسل / سلن فالينتي / الأناضول
- الاتحاد الأوروبي أطلق أداة جديدة لتمويل استيراد معدات دفاعية بشكل مشترك من دول غير أعضاء في الاتحاد مثل تركيا- الأداة دخلت حيّز التنفيذ في 29 مايو الماضي تحت ضغوط الحرب الروسية الأوكرانية وسياسيات الإدارة الأمريكية
- رئيس برنامج الدفاع والأمن والفضاء بمعهد الشؤون الدولية بإيطاليا أليساندرو ماروني: الشراكة بين شركتي بايكار التركية وليوناردو الإيطالية نموذج يحتذى به والأداة الجديدة تتيح تكراره
- الباحث المتخصص في شؤون تركيا والقوقاز وآسيا الوسطى آدم ميخالسكي: تتيح الأداة الجديدة دمج القدرات التركية في المشاريع الدفاعية الأوروبية
ضمن مساعٍ أوروبية لتعزيز الصناعات الدفاعية، أطلقت بروكسل أداة التمويل الجديدة "العمل الأوروبي من أجل الأمن" (SAFE)، لتمكين الشركات الأوروبية من عقد شراكات أوسع، تشمل تركيا.
وتعد الشراكة بين شركتي "بايكار" التركية و"ليوناردو" الإيطالية نموذجا واعدا للتعاون بين أنقرة وبروكسل.
وبتزامن ذلك مع استعداد الطرفين لعرض طائراتهما المسيّرة في معرض باريس للطيران الأسبوع المقبل، ما يعكس الدور المتزايد الذي يمكن أن تضطلع به تركيا في تعزيز أمن القارة الأوروبية.
ومع اقتراب قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمدينة لاهاي الهولندية يومي 24 و25 يونيو/ حزيران الجاري، يواصل الاتحاد الأوروبي حشد جهوده لتقوية بنيته الدفاعية المشتركة، ضمن رؤية 2030 الاستراتيجية.
ودخلت أداة التمويل الجديدة حيّز التنفيذ في 29 مايو/ أيار الماضي، ضمن رؤية دفاعية أوسع للاتحاد الأوروبي.
ويأتي ذلك في ظل ضغوط فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/ شباط 2022، والسياسيات التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (تراجع الدعم العسكري)، ما عجّل بخطوات الأمن الجماعي الأوروبي.
وبموجب هذه الأداة، ستتاح لدول الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ودول المنطقة الاقتصادية الأوروبية، مثل النرويج وليختنشتاين وآيسلندا، الحصول على قروض تصل إلى 150 مليار يورو، لتمويل استيراد معدات دفاعية بشكل مشترك.
كما يُسمح للدول المرشحة لعضوية الاتحاد والدول الشريكة، مثل المملكة المتحدة، بالمشاركة في هذه العمليات.
ويشترط ألا تقل نسبة الأجزاء المنتجة داخل أوروبا (الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والنرويج وليختنشتاين وآيسلندا) عن 65 بالمئة من القيمة الإجمالية لأي منتج دفاعي.
أما الـ35 بالمئة المتبقية، فيمكن أن تُغطّى من دول غير عضو في الاتحاد، مثل تركيا والمملكة المتحدة.
وبين 19 مارس/ آذار (تاريخ اقتراح المفوضية الأوروبية للأداة) و27 مايو/ أيار الماضيين (تاريخ اعتمادها بالأغلبية في مجلس الاتحاد)، بذلت اليونان جهودا دبلوماسية مكثفة في بروكسل لاستبعاد تركيا من الاستفادة من الأداة.
لكن هذه المحاولات سلطت الضوء على الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لدور تركيا في أمن أوروبا، لا سيما في ظل تطور أنقرة المتسارع في الصناعات الدفاعية، وكونها عضوا فعالا في "الناتو".
وتُعد شراكة "بايكار" التركية و"ليوناردو" الإيطالية مثالا حيا على التعاون، إذ تعتزم الشركتان عرض تقنياتهما في معرض باريس للطيران، أحد أبرز المعارض المتخصصة في العالم.
ومن المنتظر أن تكشف "بايكار" خلال المعرض عن أنظمة متقدمة في الطائرة الهجومية "أقنجي"، والطائرة المسيّرة "بيرقدار تي بي 3"، والصاروخ الذكي المصغر "كمانكش 1".
** مشاورات تركية أوروبية
وعقد نائب وزير الخارجية التركي السفير زكي ليفنت جمركجي مؤخرا اجتماعا مع نائب الأمين العام لجهاز العمل الخارجي الأوروبي لشؤون السلام والأمن والدفاع تشارلز فريس، ما أعاد تسليط الضوء على دور تركيا في منظومة الأمن الأوروبية.
وقال فريس، عبر منصة "إكس": "سعيد باستضافة نائب الوزير جمركجي في الجولة السابعة من المشاورات غير الرسمية بشأن السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".
وأوضح أن المحادثات تناولت ملفات الأمن الإقليمي وأوكرانيا ومبادرات الاتحاد الدفاعية الجديدة، فضلا عن التعاون مع "الناتو"، والعلاقات مع تركيا.
** نموذج يحتذى به
ووصف رئيس برنامج الدفاع والأمن والفضاء بمعهد الشؤون الدولية بإيطاليا أليساندرو ماروني شراكة "بايكار – ليوناردو" بأنها "نموذج يحتذى به" في التعاون الأوروبي التركي.
وقال ماروني في تصريح للأناضول: "الركيزة الأساسية لنجاح هذه الشراكة هي التكامل الحقيقي".
وتابع: "الطائرات المسيّرة ليست من مجالات التخصص التقليدي للصناعة الإيطالية، في حين حققت تركيا تقدما كبيرا واكتسبت خبرة تشغيلية واسعة، خاصة في أوكرانيا".
ماروني أضاف أن "الجانب التركي يتمتع أيضا بقدرات إنتاجية منخفضة التكاليف، بينما يعاني القطاع الصناعي الدفاعي في أوروبا من ارتفاع الكلفة".
وزاد أن "لدى تركيا رؤية واضحة للإنتاج المتسلسل، مما يعزز فرص التعاون".
وشدد على أن "هذه الشراكة فرصة مهمة لتعزيز التعاون الدفاعي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، كدولة قوية داخل الناتو، بما يسهم في دعم استقلالية الاتحاد الاستراتيجية".
ومضى قائلا إن "استخدام الأداة الجديدة قد يتيح تكرار هذا النموذج مستقبلا".
لكنه حذّر من أن هذه "العملية قد تستغرق وقتا نتيجة الحاجة لتنظيمات مالية دقيقة، قد يمتد لأشهر".
وأشار إلى أن المفوضية الأوروبية أدرجت بندا يسمح مؤقتا بتجاوز قواعد الميزانية كجزء من استراتيجية 2030، إذ أبدت 16 دولة رغبتها في الاستفادة من هذا الاستثناء.
وبموجب قواعد الاتحاد، لا يُسمح للدول أن يتجاوز عجز ميزانيتها 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو ديون تتخطى 60 بالمئة من الناتج، إلا في حالات الطوارئ.
ومن بين الدول التي أعربت اعتزامها زيادة إنفاقها الدفاعي دون الالتزام بهذه القيود: ألمانيا وبولندا وبلجيكا وبلغاريا والتشيك والدنمارك.
وكذلك إستونيا واليونان وكرواتيا ولاتفيا وليتوانيا والمجر والبرتغال وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا.
ويعكس ذلك اهتماما متزايدا باستخدام الأداة الجديدة لاستيراد المعدات الدفاعية.
** دور تركي متصاعد
"باتت تركيا تلعب دورا متزايدا في منظومة الأمن الأوروبية".. هكذا بدأ الباحث في مركز الدراسات الشرقية بوارسو والمتخصص في شؤون تركيا والقوقاز وآسيا الوسطى آدم ميخالسكي حديثه للأناضول.
وأرجع ميخالسكي ذلك إلى "موقع تركيا الاستراتيجي ومساهمتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي".
وزاد أن "أداة (SAFE) لا تستبعد دولا من خارج الاتحاد، مثل تركيا، التي عززت تعاونها مع الصناعات الدفاعية الأوروبية مؤخرا".
وتابع أن "الشراكة بين ليوناردو وبايكار تُعد مثالا على هذا التعاون. وإذا بلغت نسبة الإنتاج الأوروبي في هذه الطائرات 65 بالمئة، فستكون مؤهلة للشراء ضمن الأداة الجديدة، ما يشجع دول الاتحاد على اقتنائها".
ميخالسكي أردف أنه "مع تطور الصناعات الدفاعية التركية، توفر الأداة الأوروبية الجديدة فرصة لدمج القدرات التركية في المشاريع الدفاعية الأوروبية".
وخص بالذكر في هذا السياق "المجالات التي تعاني فيها أوروبا من فجوات، مثل المقذوفات والصواريخ، إذ تتمتع تركيا بخبرة بارزة من خلال شركات مثل روكيتسان، وآركا ديفنس، وآسيلسان".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.