دولي, اقتصاد, التقارير

ماذا ينتظر العالم إذا أغلق مضيق هرمز؟ (تقرير)

- هرمز يقع بين إيران من الشمال والإمارات وسلطنة عمان من الجنوب ويربط بين الخليج العربي شمالا وخليج عمان وبحر العرب جنوبا

Hussien Elkabany  | 18.06.2025 - محدث : 18.06.2025
ماذا ينتظر العالم إذا أغلق مضيق هرمز؟ (تقرير)

Istanbul

حسين القباني/ الأناضول

- هرمز يقع بين إيران من الشمال والإمارات وسلطنة عمان من الجنوب ويربط بين الخليج العربي شمالا وخليج عمان وبحر العرب جنوبا
- المضيق يعبر منه نحو 40 بالمئة من النفط المنقول بحرا في العالم و20 بالمئة من الغاز المسال و22 بالمئة من السلع الأساسية
- قيادي بالحرس الإيراني قال إن بلاده تدرس إغلاق المضيق وذلك في ظل عدوان إسرائيلي على بلاده قد تنضم إليه الولايات المتحدة
- الخبير بالاقتصاد الدولي عامر الشوبكي: تكلفة تلغيم هرمز ستنفجر بوجه العالم والمنطقة. وأسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار وتصل إلى 130 دولارا لو أغلق الحوثيون مضيق باب المندب
- الخبير باقتصاديات الطاقة نهاد إسماعيل: إغلاق هرمز سيناريو كارثي للاقتصاد العالمي والإقليمي وحتى إذا ارتفع سعر برميل النفط إلى 200 دولار فلن تستفيد منه دول "أوبك" الخليجية بسبب عدم إمكانية التصدير
- مدير البحوث الاقتصادية المختص بشؤون الطاقة بالمركز العالمي للدراسات التنموية بلندن الدكتور صادق الركابي: آثار تلغيم أو إغلاق هرمز ستكون كارثية وسيمثل إعلانا عن بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي عنوانها: أمن الطاقة
‎- نائب رئيس الأركان الأردني السابق الفريق متقاعد قاصد محمود: إيران قادرة على إغلاق هرمز لكنه خيارا انتحاريا وقد توظف أحد حلفاءها بالمحور (يقصد الحوثيين) لهذا الأمر.. وأمريكا سترد عسكريا إذا تم إغلاقه

أصبح مضيق هرمز الاستراتيجي لإمدادات النفط والطاقة والشحن الدولي في شمال إيران، أحد الأوراق التي تدرس طهران استخدامها ضمن الرد على العدوان العسكري الإسرائيلي الراهن.

وثمة تقديرات أمريكية بأن تلغيم أو تفخيخ المضيق بات مطروحا كرد محتمل، حال انضمت واشنطن إلى تل أبيب في التصعيد الحالي غير المسبوق.

وبدعم أمريكي، بدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بمقاتلات جوية، فقصفت مباني سكنية ومنشآت نووية وقواعد صواريخ واغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا.

وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد بسلسلة هجمات بصاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، وخلفت ما لا يقل عن 24 قتيلا ومئات المصابين، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة، وفق مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي.

وتعتبر تل أبيب وطهران العاصمة الأخرى العدو الأول لها، ويعد عدوان إسرائيل الراهن على إيران الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا من "حرب الظل"، عبر تفجيرات واغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح.

أولا: الموقع

يقع مضيق هرمز بين إيران من الشمال والإمارات وسلطنة عمان من الجنوب، ويربط بين الخليج العربي شمالا وخليج عمان وبحر العرب جنوبا.

يبلغ عرضه 50 كيلومترا، و34 كيلومترا عند أضيق نقطة، وعمقه 60 مترا، فيما يصل عرض ممري الدخول والخروج نحو 10.5 كيلومترا، بينما يبلغ طوله 161 كيلومترا.

ثانيا: الأهمية

هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها استقبالا للسفن، ويحمل أهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى لدول الخليج العربي والشرق الأوسط.

المعبر يربط الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط بالأسواق الرئيسية في مناطق آسيا والمحيط الهادي وأوروبا وأمريكا الشمالية.

وحسب تقديرات غير الرسمية، تعبر المضيق من 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميا، محمّلة بنحو 40 بالمئة من النفط المنقول بحرا في العالم، إضافة إلى 22 بالمئة من السلع الأساسية بالعالم.

ووفق تقديرات حديثة لوكالة بلومبرغ، فإن نحو 16.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات مرت عبر المضيق في 2024.

وهذا الوضع يجعل هرمز شريانا لا غنى عنه في تجارة الطاقة العالمية، إذ تمر أيضا عبره كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، معظمها من قطر، بما يشكل أكثر من خُمس الإمدادات العالمية، وفق الوكالة.

وتستقبل آسيا 80 بالمئة من النفط الخام والمكثفات التي تغادر الخليج العربي عبر المضيق، خاصة الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.

وبلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام والمكثفات نحو 11.2 مليون برميل يوميا، قرابة نصفها (أي 5 ملايين برميل يوميا) أتت من الخليج، حسب شركة "كبلر" (Kpler) لبيانات الشحن العالمية.

ورغم تقليص اعتمادها على واردات النفط منذ 2018 مع زيادة إنتاجها المحلي، إلا أن واشنطن تستورد نحو 0.7 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات من دول الخليج عبر هرمز.

ويمثل ذلك حوالي 11 بالمئة من الواردات الأمريكية من النفط الخام والمكثفات، حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

وتعتمد السعودية والإمارات والكويت والعراق وقطر، وجميعها أعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، على هرمز في عبور معظم صادراتها من النفط.

وكذلك تعتمد عليه إيران، رغم تدشينها محطة تصدير في "جاسك" عند الطرف الشرقي منه في يوليو/ تموز 2021.

ثالثا: التهديد

السبت، نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن القيادي بالحرس الثوري اللواء إسماعيل كوثري إن إغلاق هرمز قيد الدراسة، وطهران ستتخذ القرار الأفضل بحزم.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمريكيين، الأربعاء، إنه إذا انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل في حربها ضد إيران، فستفخخ الأخيرة وتنزرع ألغام بالمضيق.

وأضافوا أن هذه الخطوة ستهدف إلى "منع الملاحة الدولية عبره، وحصار السفن الحربية الأمريكية في الخليج، وتوجيه ضربة لأسواق الطاقة العالمية".

ووفق تقرير لموقع "نيوبايس" البريطاني مؤخرا، "تملك إيران 6 آلاف لغم بحري، وهي قادرة على زرع 100 لغم يوميا، ما سيغلق هرمز فورا، ويعيق حركة السفن الحربية الأمريكية، ويؤثر على نقل النفط والغاز"

وتحدث التقرير، الذي لم تعلق عليها طهران، عن "قدرة غواصات "كيلو" الإيرانية على تنفيذ حملة تلغيم طويلة الأمد، وسط غياب فوري لأي قدرة دولية فعالة على إزالة الألغام بسرعة وانسحاب شركات التأمين من تغطية أي عبور في المنطقة".

ولم يسبق أن أغلقت إيران المضيق، لكن في 2011 هددت بمنع إبحار السفن عبره؛ ردا على عقوبات فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب برنامجها النووي.

وفي أبريل/ نيسان 2024، احتجز الحرس الثوري الإيراني، سفينة شحن مرتبطة بإسرائيل في المضيق، بعد أيام من تهديد طهران بإغلاقه أمام حركة السفن، ردا على قصف يعتقد أنه إسرائيلي لقنصليتها بسوريا.

وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراض في فلسطين وسوريا ولبنان.

رابعا: التوقعات

الخبير بالاقتصاد الدولي الدكتور عامر الشوبكي قال للأناضول إنه إذا تم تلغيم المضيق وإغلاقه، فسترتفع أسعار النفط فورا فوق 100 دولار للبرميل، وقد تصل إلى 130 دولارا لو تزامن ذلك مع إغلاق باب المندب من جانب جماعة الحوثي اليمنية.

وتابع: إغلاق هرمز يعني صدمة مزدوجة لأسواق الطاقة العالمية وقفزة في معدلات التضخم حول العالم، مما سيجبر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على تأجيل خفض سعر الفائدة، ويربك حسابات بنوك مركزية أخري.

ورجح أن هذا التصعيد سيجعل الحرب شاملة، ويجعل الولايات المتحدة ودول أخرى تتدخل عسكريا لحماية طريق الإمدادات؛ لأن الجميع سيتضرر من آسيا إلى أوروبا وإفريقيا على مستوى النفط والغاز، السلعين الاستراتيجيين.

** سيناريو كارثي

ووفق الخبير بالاقتصاد الدولي واقتصاديات الطاقة الدكتور نهاد إسماعيل فإنه "من المستبعد أن تغلق إيران هرمز، فصادرتها النفطية ستتوقف، والصين التي تستورد معظم النفط الإيراني لن ترحب بالخطوة".

وتابع إسماعيل للأناضول: كما أن ""خطوة كهذه قد تجبر الولايات المتحدة على تدخل عسكري مباشر، عبر الأسطول الأمريكي الخامس المتواجد بالبحرين، لكن يبقى إغلاق هرمز ورقة قوية بيد إيران".

ورجح أن أسعار النفط في حال إغلاق المضيق "سترتفع إلى فوق 100 دولار للبرميل، وهناك تكهنات من بنوك استثمارية واستشارية، مثل جي بي مورغان، بأن تصعد إلى 130 دولارا".

و"إذا أدى الإغلاق إلى انقطاع كامل، يتوقف الإمدادات النفطية كليا من الخليج، من إيران والعراق والكويت والإمارات وقطر ومن أكبر منتج ومصدر للبترول وهي السعودية، فسترتفع الأسعار إلى 150 دولارا لخام برنت القياسي"، حسب إسماعيل.

ورأى أن "هذا سيناريو كارثي للاقتصاد العالمي والإقليمي، وحتى إذا ارتفع السعر إلى 200 دولار فلن تستفيد منه دول أوبك الخليجية بسبب عدم إمكانية التصدير".

وزاد: "وإذا تم استهداف السفن والناقلات في خليج عمان والبحر الأحمر، فستكون الكارثة الاقتصادية مزدوجة".

واستطرد: "وسيرتفع التضخم وتكلفة إنتاج الصناعات التي تعتمد على الطاقة مثل البتروكيماويات والمنتجات البلاستيكية والسماد والزجاج ومواد البناء والسيارات والأغذية".

** تضاعف أسعار النفط

مدير البحوث الاقتصادية المختص بشؤون الطاقة بالمركز العالمي للدراسات التنموية بلندن الدكتور صادق الركابي قال للأناضول إن "تلغيم أو إغلاق هرمز سيجعل العالم أمام مفترق طرق وسيشكل صدمة فورية للأسواق".

وتابع: "من المتوقع أن تقفز أسعار النفط إلى مستويات تتراوح بين 120 و150 دولارا، وتتضاعف أسعار الغاز المسال".

وحذر من أن "الآثار ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي، حيث سترتفع تكاليف الشحن، وتتسع موجات التضخم، وقد تدخل بعض الاقتصادات الكبرى في ركود".

واعتبر أن "الإغلاق الكامل لمضيق هرمز لن يكون مجرد إجراء عسكري، بل إعلان عن بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي عنوانها: أمن الطاقة".

‎الركابي دعا إلى اتخاذ تدابير عاجلة تستبق تلك الخطوة عبر "تنويع مصادر الطاقة في أوروبا وآسيا، والاعتماد على الطاقة المتجددة والغاز المسال، والتحرك الدبلوماسي السريع لتخفيف حدة التصعيد عبر وسطاء إقليميين ودوليين".

‎** رد عسكري

أما نائب رئيس الأركان الأردني السابق الخبير العسكري والاستراتيجي الفريق متقاعد قاصد محمود فقال للأناضول إن "إغلاق المضايق أمر كبير جدا من حيث القيمة الاستراتيجية"

وأردف: "ومعروف أنه اعتداء على المصالح الدولية، ويبرر لأي دولة قوية أن ترد عسكريا".

وأضاف أن "إيران قادرة على إغلاق هرمز، ولكن أراه خيارا انتحاريا، وهي ليست دول مجنونة، وقد تلجأ لتوظيف أحد حلفاءها بالمحور (يقصد الحوثيين) لهذا الأمر (كما حدث منذ عام بالبحر الأحمر)".

و"إغلاق هرمز ليس بالضرورة عبر تلغيمه، ولكن يمكن بالسيطرة العملياتية واستخدام الصواريخ في نطاقه، وهذا متوقع لو تدخلت واشنطن"، حسب محمود.

وختم بأن "إغلاق هرمز سياسيا واستراتيجيا صعب الحدوث، لكن ممكن ضمن التصعيد العسكري، وسترد عليه أمريكا خاصة أن لديها قوة بالمنطقة (الأسطول الخامس)".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.