اقتصاد, الدول العربية, التقارير, تونس

تونس.. قانون جديد لاقتناء السيارات ينعش الآمال ويثير التحفظات (تقرير)

- الامتياز الجبائي يتيح للعائلات التونسية توريد أو اقتناء سيارة مرة واحدة بشروط خاصة

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 12.12.2025 - محدث : 12.12.2025
تونس.. قانون جديد لاقتناء السيارات ينعش الآمال ويثير التحفظات (تقرير)

Tunisia

تونس / عادل الثابتي/ الأناضول

- الامتياز الجبائي يتيح للعائلات التونسية توريد أو اقتناء سيارة مرة واحدة بشروط خاصة
- تحديد سقف الدخل بـ10 أضعاف الأجر الأدنى للاستفادة من الامتياز و14 ضعفاً للزوجين
- نسبة المستفيدين لا تتجاوز 10 بالمئة من السيارات الموردة سنوياً وفق ما نصت عليه المادة 55
- وزيرة المالية: حماية احتياطي العملة الصعبة أولوية ولا بد من نصوص ترتيبية لتنفيذ الفصل

** الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي للأناضول:

- الامتياز "جذاب في ظاهره" لكنه شديد التعقيد وقد يكون محدود الأثر على أرض الواقع
- غالبية العائلات المستهدفة غير قادرة فعلياً على توريد سيارة رغم الامتياز الجبائي
- الفصل أقرب إلى "سراب تشريعي" يلهث خلفه المواطن دون أن يصل إليه

** النائب ثامر مزهود، نائب رئيس لجنة التخطيط والنقل بالبرلمان، للأناضول:

- الامتياز ضروري للعائلات في ظل ارتفاع أسعار السيارات إلى 70 و80 ألف دينار
- الأداءات المرتفعة عند التوريد بلغت 250 بالمئة وجعلت السيارة خارج متناول الطبقة المتوسطة

وافق البرلمان التونسي في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، على فصل جديد ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، يمنح امتيازا جبائيا للعائلات المقيمة يسمح لها بتوريد أو اقتناء سيارة جديدة أو مستعملة بشروط محددة، وذلك في إطار مسعى تشريعي لتحسين قدرة المواطنين على امتلاك سيارة في ظل ارتفاع الأسعار وضعف خدمات النقل العمومي.

وجاء الامتياز الجبائي، المضمن في المادة 55 من قانون الموازنة، ليتيح للعائلة التونسية فرصة الحصول على سيارة مرة واحدة في حياتها، سواء بالتوريد أو بالشراء من السوق المحلية، شريطة توفر مجموعة من المعايير المرتبطة بالدخل وعمر السيارة وحجم الحصة السنوية للتوريد.

** امتياز جبائي للعائلات

وتنص المادة على أن الاستفادة من الامتياز تمنح مرة واحدة فقط، وأن عمر السيارة عند اقتنائها لا يجب أن يتجاوز ثماني سنوات، كما يمنع تمكين أي عائلة تمتلك سيارة يقل عمرها عن 8 سنوات من هذا الامتياز.

كما حددت المادة سقف الدخل للاستفادة، بحيث لا يتجاوز الدخل الصافي للعائلة عشرة أضعاف الأجر الأدنى المضمون (520 دينار/173 دولار)، وللزوجين مجتمعين 14 ضعفا.

وتضمنت المادة بندا يحدد نسبة الانتفاع بالامتياز بما لا يقل عن 10 بالمئة من مجموع السيارات المرخص بتوريدها سنويا، فيما أسندت مهمة تنفيذ الفصل إلى وزارتي المالية والتجارة والبنك المركزي، في أجل أقصاه 6 أشهر لإصدار النصوص التطبيقية.

** تحفظ حكومي

ورغم تمرير الفصل، عبرت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، عن جملة من التحفظات، مؤكدة أن التشريع العام التونسي "لا يمنح المواطن حق التوريد" وأن تفعيل الفصل يتطلب مراسيم وقوانين ترتيبية.

وأضافت أن "آليات التوريد، وإخراج العملة الصعبة، وشروط الشحن، وتنظيم العملية" تمثل تحديات جوهرية للدولة.

وشددت الوزيرة على أن البلاد تواجه "حاجة ملحة للحفاظ على العملة الصعبة"، معتبرة أن الأولوية يجب أن تذهب لقطاعات الطاقة والحبوب والتوريد الحيوي، في إشارة إلى مخاوف من أن يؤدي الإجراء إلى ضغوط إضافية على الميزان الخارجي.

** امتياز "صعب التحقيق"

ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الفصل الجديد، رغم جاذبيته الظاهرية، قد يكون محدود الأثر.

وقال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إن الامتياز "يبدو إنجازا مهما للعائلات التونسية في ظاهره، لكنه في الواقع شديد التعقيد وصعب التنفيذ".

وأوضح الشكندالي للأناضول، أن عددا كبيرا من العائلات التي ينطبق عليها شرط الدخل "لا تملك القدرة المالية الفعلية على توريد سيارة" حتى مع الامتياز الضريبي، إضافة إلى القيود المتعلقة بنسبة 10 بالمئة من السيارات الموردة سنويا، وهو ما يجعل عدد المستفيدين "محدودا للغاية".

وأضاف أن هذه القيود تجعل الفصل "أقرب إلى حلم قد لا يتحقق"، وأنه "لن يؤثر على التوازنات المالية للدولة ولا على الميزان التجاري" نظرا لضآلة عدد العائلات القادرة على استيفاء كل شروطه، قائلا: "الفصل سيظل سرابا يلهث وراءه المواطن دون أن يصل إليه".

** حاجة اجتماعية واقتصادية

في المقابل، دافع عدد من البرلمانيين عن الفصل، معتبرين أنه يستجيب لحاجيات اجتماعية ملحة.

وقال نائب رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والنقل، ثامر مزهود (حركة الشعب)، إن كتلته صوتت لصالح الفصل "لما فيه من إيجابيات للعائلات التونسية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السيارات داخل السوق المحلية".

وأوضح مزهود للأناضول أن أسعار السيارات العادية لم تعد في متناول المواطنين، إذ تتراوح بين 70 و80 ألف دينار (23.3–26.6 ألف دولار)، نتيجة الأداءات المرتفعة التي تصل إلى 200 و250 بالمئة عند التوريد سواء عبر الوكلاء أو من قبل التونسيين بالخارج، ما جعل "اقتناء سيارة أمرا شبه مستحيل للطبقة المتوسطة".

وأضاف أن ضعف خدمات النقل العمومي، خصوصا في المدن الكبرى، يدفع العائلات للاعتماد على السيارة الخاصة لتأمين تنقلاتها اليومية.

وتابع: "العائلات التي لها أطفال وتسافر بين العمل والمدرسة لا يمكنها الاعتماد على نقل عمومي رديء وغير منتظم".

** آليات التنفيذ وإشكالية العملة الصعبة

وبخصوص الانتقادات التي ترى أن الفصل غير قابل للتطبيق، أكد مزهود أن القانون يتضمن آليات واضحة، مثل السماح للعائلات بالحصول على سيارات في شكل "هبة" من أقارب بالخارج، أو الاستفادة من "المنحة السياحية" المخصصة للتونسيين، بالإضافة إلى إمكانية منح البنك المركزي رخصا خاصة لإخراج العملة الصعبة.

وأضاف أن "العملية ستتم داخل الحصة السنوية للتوريد"، وبالتالي "لن يكون هناك خطر على الاقتصاد أو على حركة الواردات".

وأشار إلى أن مخاوف "إغراق السوق" أو "تعطيل المرور" التي يثيرها بعض المعارضين "غير دقيقة"، لا سيما وأن نسبة السيارات المشمولة بالامتياز لا تتجاوز 10 بالمئة من السيارات الموردة سنويا.

** سوق السيارات في تونس

وبحسب معطيات الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات التابعة لمنظمة الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية)، بلغ عدد السيارات المروجة في السوق التونسية خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 حوالي77 ألفا 112 سيارة، بزيادة قدرها 12.7 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء عام 2010 إلى أن 19 بالمئة فقط من العائلات التونسية تمتلك سيارة خاصة، ما يعكس حجم الطلب الاجتماعي على وسيلة نقل فردية في ظل محدودية خدمات النقل العمومي.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.