الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير

هل ينجح السودان في شطب اسمه من قائمة واشنطن السوداء؟ (تحليل)

تسعى الخرطوم بشتى السبل إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب المدرج عليها منذ 1993، وذلك من خلال جولة الحوار الثانية التي تنطلق "قريبا" مع الإدارة الأمريكية

09.07.2018 - محدث : 09.07.2018
هل ينجح السودان في شطب اسمه من قائمة واشنطن السوداء؟ (تحليل)

Hartum

الخرطوم/ عادل عبد الرحيم / الأناضول

تبدو الخرطوم أكثر استعدادا للاقتراب من الولايات المتحدة الأمريكية؛ بحثا عن علاقة جديدة، بعد سنوات من الخلاف الظاهر، رغم التعاون السابق بين البلدين في ملفات بعينها.

وظل السودان حريص على التعاون مع الإدارة الامريكية والتزامه بشروط واشنطن ومطالبها، لكن ذلك لم يشفع لإزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي العقدة الكبرى بحسب محللين وخبراء سودانيين.

ومع اقتراب بدء الجولة الثانية من الحوار بين البلدين، تباينت الأراء بشأن إمكانية استجابة واشنطن لرفع اسم الخرطوم من القائمة.

والاثنين الماضي، أعلن وزير الخارجية السوداني،الدرديري محمد أحمد، عن زيارة إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، لإطلاق جولة الحوار الجديدة.

والسودان مدرج على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية لما تعتبرها "دولاً راعية للإرهاب"، المدرج عليها منذ عام 1993؛ بسبب استضافته زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن.

**مطلب سوداني
وكيل خارجية السودان، عبد الغني النعيم، يقول للأناضول إن "الخرطوم تمضي في طريق المرحلة الثانية (من الحوار)، والتي نهدف فيها إلى إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية المعنية بالإرهاب".

وأضاف أن بلاده تسعى أيضا إلى "الارتباط الإيجابي البناء مع الولايات المتحدة، بناءً على ما تحقق من تطور مهم في علاقاتنا وفقاً لخطة المسارات الخمسة، والتي عززت الجدية والمصداقية والثقة بين البلدين".

ودخلت علاقات البلدين في مرحلة جديدة، منذ السادس من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، حينما ألغى الرئيس الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، العقوبات على السودان، لكنه أبقى عليه في قائمة الدول الراعية للإرهاب المدرج بها منذ 1993.

ورفع العقوبات جاء بناءً على خمس مسارات، من بينها تعاون الخرطوم مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، والمساهمة في تحقيق السلام بجنوب السودان، إلى جانب الشأن الإنساني المتمثل في إيصال المساعدات للمتضررين من النزاعات.

ومنذ ذلك الحين، توافدت على السودان وفود أمريكية؛ لبحث قضايا متعلقة بحقوق الإنسان والحريات الدينية، وأوضاع اللاجئين في البلاد، وكذلك قضية دارفور والنازحين فيها، وقضايا الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر.

**قرارت غير مؤثرة
وأصدرت الإدارة الأمريكية مؤخرا، قرارات لصالح الخرطوم، وهو ما دفع الحكومة السودانية والحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) إلى الترحيب بها.

ففي 29 يونيو/حزيران الماضي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية، ممثلة في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك)، قرارًا يقضي بالسماح بتمويل كافة الصادرات من المنتجات والأجهزة والمعدات الزراعية والطبية للسودان.

كما أصدرت الخارجية الأمريكية، في ذات اليوم، تقريرها السنوي عن مكافحة الاتجار في البشر، وأشارت فيه إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها السودان في هذا الإطار، وفي مكافحة الهجرة غير المشرعية.

القيادي في الحزب الحاكم، وزير الصحة بولاية الخرطوم، مأمون حميدة، اعتبر أن قرار الخزانة الأمريكية "ليس ذا أثر على القطاع الصحي في البلاد".

وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية "سونا"، الخميس، إنه "لا يمثل شيئا إضافيا أو تغييرا حقيقيا في الخدمات الطبية؛ تشخيصيا أو علاجيا".

وعزا حميدة ذلك إلى "تمكن السودان من شراء كافة المعدات الطبية وأفضلها، من الدول الأروبية وبعض الدول الأسيوية".

**قرارات خجولة
بعض الخبراء نظر إلى القرارات الأمريكية بأنها "خجولة، ولا ترقى لأن تعبر عن موقف أمريكي حقيقي، يأذن باقتراب السودان من إزالة اسمه من قائمة واشنطن السوداء".

وظل السودان حبيس هذا القائمة لحوالي 25 عاماً ، ما يعني استمرار قيود عليه تشمل حظر تلقيه المساعدات الأجنبية، أو بيع السلاح إليه، إلى جانب قيود على بنود أخرى.

ويرى المدير السابق لإدارة الأمركيتين بوزارة الخارجية، السفير الرشيد أبوشامة، أنه من الصعوبة في الوقت الراهن أن يرفع اسم السودان.

لكن أبوشامة، في حديثه للأناضول، أشار إلى "تجاوب الحكومة السودانية للمطلوبات الأمريكية وتعاونها بشكل كبير في تنفيذها".

وأضاف: "هناك عقبة أمام ذلك، وهي أن قرار رفع العقوبات مرتبط بإحالة ملف دارفور من مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وكان مجلس الأمن الدولي أحال في قراره الذي صدر عام 2005، ملف النزاع في دارفور، إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ للنظر في شأن ارتكاب قوات حكومية وأخرى متمردة جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الإنسانية.

ومنذ 2003، يشهد إقليم درفور نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة

وأوضح السفير السوداني "أن ضغوطات اللوبي المسيحي اليهودي في الكونغرس الأمريكي، وبعض الدول الأوربية مثل فرنسا، قد تساهم في عدم رفع اسم السودان من القائمة".

وأشار إلى أن "أقصى ما يمكن أن يتحقق هو أن تزال العقوبات المفروضة بقرارات، مثل تسهيل التعاملات المالية البنكية وخلافه، ما يمهد في المساعدة لمفاوضات مستقبلية".

**تعدد المطالب
إقدام الإدارة الأمريكية على رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، خلال جولة الحوار المقبلة، ليس بالأمر اليسير لدى المحللين السودانيين، وغير متوقع قريبا، وذلك باعتبار أن واشنطن طالما دفعت دائما بطلبات متغيرة مع كل مرحلة.

وفي هذا الإطار، يقول الكاتب والمحلل السياسي، عبد الرحمن الأمين ، إن "الولايات المتحدة لها مطلوبات إضافية، خلاف ماتحقق في الجولة الأولى من الحوار بين البلدين".

وضرب أمثلة على ذلك تتعلق بـ"ملف حقوق الإنسان، والحد من انتهاكات الحريات الدينية، وتهيئة مناخ يسمح بحرية التعبير، وكذلك طي صفحة الحرب وتحقيق السلام".

وأضاف في حديثه للأناضول: "هذه مطلوبات مقدور عليها، باعتبار أن بعضه لاتوجد فيه مشكلة، كالحريات الدينية".

لكنه قال إنه على صعيد حقوق الإنسان، فهناك تصرفات فردية تسىء للحالة بشكل عام في البلاد.

وفي 19 أبريل/ نيسان الجاري، نقلت وسائل إعلام عن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون التشريعية، ماري ووترز، قولها إنها ستركز على المطالبة بمزيد من التقدم في مجال حقوق الإنسان والحرية الدينية، في المرحلة الثانية.

وكان القائم بالأعمال الأمريكي لدى السودان، أستيفن كوستيس، قد أعلن الشهر الماضي من الخرطوم، "إنطلاقة المرحلة الثانية من الحوار بين البلدين قريبا"، دون تحديد.

وفي مضمار هذه المرحلة، رأى الأمين أن "وجود حل سياسي شامل في البلاد، يحقق السلام والاستقرار، وهو الكفيل برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ودون ذلك لن يحدث".

وأردف: "أي حوار مع واشنطن سيكون مارثونيا، والمطلب السوداني بإزلته من القائمة لن يتحقق قريبا".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.