الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير

سعيد يبدأ زيارته الأولى لمصر.. هل يسعى إلى موازنة المحاور؟ (تحليل إخباري)

رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي" عدنان منصر للأناضول: ـ الزيارة تندرج ضمن سعي الرئيس التونسي منذ وصوله الرئاسة لبناء التوازن في العلاقات بين المحاور

09.04.2021 - محدث : 10.04.2021
سعيد يبدأ زيارته الأولى لمصر.. هل يسعى إلى موازنة المحاور؟ (تحليل إخباري)

Tunisia

تونس / ماهر جعيدان / الأناضول

رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي" عدنان منصر للأناضول:

ـ الزيارة تندرج ضمن سعي الرئيس التونسي منذ وصوله الرئاسة لبناء التوازن في العلاقات بين المحاور
ـ ملف ليبيا ومساندة المسار الانتقالي في هذا البلد سيكون حاضرا أيضا على أجندة مباحثات سعيد والسيسي
ـ مصر بحاجة إلى دعم تونس العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن في قضية "سد النهضة"

وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس، للأناضول:

ـ زيارة سعيد إلى مصر "مهمة لأن الظرف الذي نمر به في العالم العربي صعب جدا"
ـ مشاورات سعيد والسيسي ستشمل الوضع الصعب الذي نعيشه بالمنطقة العربية ومواضيع مثل مكافحة الإرهاب

بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد، الجمعة، زيارة رسمية إلى مصر تستمر 3 أيام، هي الأولى له منذ توليه منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

وتأتي الزيارة ضمن مساعي سعيد، منذ وصوله الرئاسة، إلى بناء توازن في علاقات بلاده بين المحاور بالمنطقة، وتعتبر مهمة أيضا لمصر التي تتطلع لدعم تونس، العضو العربي الوحيد حاليا بمجلس الأمن، في موقفها من أزمة "سد النهضة"، وفق ما أفاد به خبيران تونسيان، للأناضول.

والخميس، أعلنت الرئاسة التونسية، في بيان، أن هذه الزيارة "تندرج في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلا عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر".

فيما قالت الرئاسة المصرية، في بيان الجمعة، إنه "سيتم عقد لقاء قمة مصرية تونسية السبت بقصر الاتحادية، شرقي القاهرة، للتباحث حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل".

وأضاف أن المباحثات ستتطرق أيضا إلى "سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك في كافة المجالات، خاصة على المستوى الأمني والاقتصادي والاستثماري".

** توازن في العلاقات

وحول أهمية الزيارة، ذكر رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي" (غير حكومي)، عدنان منصر، للأناضول، أن "زيارة سعيد لمصر تم الإعداد لها منذ بضعة أسابيع بصفة مبكرة؛ حيث كانت هناك دعوة متبادلة بين الرئيسين".

وأضاف منصر: "هذه الزيارة تندرج ضمن سعي الرئيس التونسي، منذ وصوله للرئاسة، لبناء التوازن في العلاقات بين المحاور؛ حيث ظهر ذلك أثناء زيارة الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) إلى تونس أواخر 2019، وزيارة سعيد إلى الدوحة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020".

وزاد: "سعيد يحتاج إلى هذه الزيارة لإثبات أنه ليس خاضعا لمحور سياسي بعينه".

** الملف الليبي

"ملف ليبيا ومساندة المسار الانتقالي في هذا البلد" سيكون حاضرا أيضا على أجندة مباحثات الرئيس سعيد ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب ما يرى منصر.

وقال المحلل السياسي التونسي إن بلاده: "فقدت الكثير من أهمية دورها في ليبيا، خلال السنوات الأخيرة؛ حيث ظهر ذلك مع الرئيس السابق الباجي قائد السبسي (2014 ـ 2019)، واستمر مع سياسة قيس سعيد، التي اتسمت بالغياب عن ليبيا".

ومؤخرا، شهدت الأزمة الليبية انفراجة عقب تمكن الفرقاء من التصديق على سلطة انتقالية موحدة، تسلمت مهامها في 16 مارس/ آذار الماضي.

ويأمل الليبيون أن تساهم السلطة الموحدة في إنهاء سنوات من الصراع المسلح، جراء منازعة مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، للحكومة المعترف بها دوليا على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.

ومتفقا مع سابقه، قال وزير الخارجية التونسي الأسبق، الخبير الساسي أحمد ونيس، للأناضول: "سيتطرق الرئيسان (سعيد والسيسي) قطعا لمستقبل ليبيا، ولا شك أنهما سيبحثان مستقبل النظام الليبي".

وأضاف: "في اعتقادي أن المشاورات بين مصر وتونس ستتضمن كذلك الوضع الصعب الذي نعيشه في المنطقة العربية، وكذلك مواضيع مثل مكافحة الإرهاب، والإسلام السياسي، وإعادة السلام في بلدان الساحل الإفريقي".

واعتبر زيارة سعيد إلى مصر "مهمة"؛ لأن "الظرف الذي نمر به في العالم العربي صعب جدا؛ فمنذ عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017 ـ 2021) و الأمور لم تتحسن في المشرق العربي وحتى إدارة جو بايدن (التي وصلت الحكم في يناير/كانون الثاني الماضي) لم تركز على قضايا العالم العربي".

أما عن شؤون المغرب العربي، فقال ونيس: "في اعتقادي أن قضية إعادة بناء المغرب العربي بعيدة عن اهتمامات مصر، التي تفضل أن تكون دول المغرب العربي مستقلة عن بعضها وتفاوضها بشكل ثنائي وعلى انفراد".

واتحاد المغرب العربي، منظمة إقليمية تأسست عام 1989، بمدينة مراكش المغربية، ويتألف من 5 دول تقع بالجزء الغربي من العالم العربي، هي: الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا.

وواجه الاتحاد منذ تأسيسه عراقيل لتفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية؛ حيث لم تُعقد أي قمّة على مستوى القادة منذ قمة 1994 التي استضافتها تونس، وسط دعوات من أطراف مغاربية مؤخرا لإعادة تفعيله.

** قضية سد النهضة

مصر، أيضا، بحاجة إلى دعم تونس في قضية "سد النهضة"، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل؛ ما يجعل هذا الملف مطروحا على أجندة زيار سعيد، بحسب منصر.

وأوضح المحلل التونسي: "من وجهة نظر مصرية، تونس هي ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن وممثلة المجموعة الإفريقية، وهناك أمور تنذر بالانفجار حول سد النهضة".

وأردف: "هناك سعي مصري لإعادة تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن من أجل إلزام إثيوبيا بوقف أعمال قد تضر بالمصالح السودانية والمصرية، ومن هنا تأتي أهمية تونس لمصر؛ كون الأولى دولة عضوا بالمجلس، وتمثل المجموعة العربية داخله".

وفي 9 مارس الماضي، رفضت إثيوبيا مقترحا سودانيا، أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية، تضم الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحادين الأوروبي والإفريقي، لحلحلة المفاوضات المتعثرة حول سد النهضة على مدار 10 سنوات.

وتصر أديس أبابا على ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/ تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق.

فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي يحافظ على منشآتهما المائية، ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل‎، البالغتين 55.5، و18.5 مليار متر مكعب، على الترتيب.

ومؤخرا، حذر الرئيس المصري، من مخاطر نشوب صراع بالمنطقة بسبب سد "النهضة".

وفي هذا الصدد، قال ونيس: "قضية سد النهضة الإثيوبي مثار نزاع مع السودان ومصر، وهي قضية حيوية في المنطقة لا يمكن استسهالها".

واستطرد: "يمكن أن تستظهر تونس تضامنا في مسألة مياه النيل وهذا ما يدفع مصر لكسب تعاطف الأولى، التي هي عضو غير دائم في مجلس الأمن".

وخلال زيارته للقاهرة، في مارس الماضي، أعرب وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، عن دعم بلاده "لموقف مصر التفاوضي بشأن سد النهضة".

وقال إن تونس تتطلع "لتسوية الخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا من خلال الحوار (حول أزمة السد) وبما يُفضي إلى اتفاق يخدم مصالح الدول الثلاث في تحقيق التنمية وضمان أمن المنطقة"، وفق بيان للخارجية التونسية آنذاك.

** الملف الاقتصادي

وبحسب مراقبين، سيكون الملف الاقتصادي حاضرا في مباحثات الزعيمين خاصة أن تونس تعاني اقتصاديا بشكل كبير، وأن آفاق تطوير التعاون بين البلدين في هذا الخصوص كبيرة.

وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار التونسي علي الكعلي، في تعليقه على الزيارة، أن آفاق حجم التبادلات التجارية والاستثمارات بين بلاده ومصر تبقى واعدة، والنتائج قابلة للتطور، رغم أن حجمها دون الطموحات والإمكانيات المتاحة.

وأوضح الكعلي، في تصريحات لوكالة الأنباء المصرية الخميس، أنه على المستوى التجاري، بلغت صادرات تونس إلى مصر عام 2019 قرابة 60 مليون دولار، في حين سجلت الواردات ما يناهز 500 مليون دولار.

وأضاف أن الاستثمارات المصرية في تونس بلغت حوالي 2.5 مليون دولار، والاستثمارات التونسية في مصر بلغ حجمها قرابة 35 مليون دولار بنهاية 2019، وهي استثمارات تنشط في جملة من القطاعات على غرار الخدمات والسياحة والصناعات الغذائية والاتصالات وغيرها.

وتعتبر زيارة سعيد إلى مصر الثالثة لرئيس تونسي إلى مصر، بعد زيارة أجراها الراحل الباجي قائد السبسي سنة 2015، التقى خلال السيسي.

فيما زار الرئيس التونسي الأسبق محمد منصف المرزوقي، مصر في يوليو/ تموز 2012، والتقى نظيره الراحل محمد مرسي، وألقى خلالها محاضرة في القصر الجمهوري حول ثورات الربيع العربي.

وكان السيسي سارع للتواصل مع سعيد، للاطمئنان على سلامته، بعد وصول "طرد مشبوه" إلى قصر الرئاسة التونسية، أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي.

ويرى منصر أن "مصر تحتاج أيضا الخروج من العزلة" التي فرضتها التطورات السياسية فيها خلال السنوات الأخيرة؛ ومن هنا تتضح الأهمية التي توليها القاهرة لزيارة الرئيس التونسي إليها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.