بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول
أعلن الرئيس اللبناني جوزاف عون، الجمعة، جاهزية بلاده لترسيم الحدود مع سوريا، وإمكانية إنشاء لجنة لهذا الغرض، لافتا إلى أن حل النزاع بشأن مزارع شبعا الحدودية يمكن تأجيله لمرحلة لاحقة.
جاء ذلك خلال استقباله وفدا من جمعية "إعلاميون من أجل الحرية" (خاصة) برئاسة رئيسها الإعلامي أسعد بشارة، وفق بيان للرئاسة اللبنانية.
وعن العلاقات الثنائية، رأى عون أن وتيرتها "بطيئة لكنها تسير نحو الأفضل"، لافتا إلى أن "لبنان يطالب بتفعيل الاتفاقية القضائية بين البلدين لمعالجة ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية".
وخلال زيارة رسمية إلى بيروت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التقى وزير العدل السوري مظهر الويس، نظيره اللبناني عادل نصار، حيث ناقشا صياغة اتفاقية تعاون قضائي بين البلدين.
ويبلغ عدد السجناء السوريين في لبنان نحو 2300 شخص، عدد كبير منهم لا يزال قيد الاحتجاز على خلفية دعمهم للثورة السورية (2011 - 2024)، أو مشاركتهم في إيصال مساعدات أو دعم لوجستي لفصائل معارضة قاتلت نظام المخلوع بشار الأسد.
وبشأن المسائل الحدودية، كشف الرئيس عون أن فرنسا سلمت لبنان خرائط متعلقة بالحدود مع سوريا، قائلا: "نحن جاهزون للترسيم متى قررت دمشق ذلك، واللجنة اللبنانية مستعدة لذلك".
وأضاف أن ملف مزارع شبعا "سيُترك للنهاية"، مع إمكانية إنشاء لجنتين منفصلتين لترسيم الحدود البحرية والبرية.
وتُعد مزارع شبعا من أبرز المناطق المتنازع عليها بين سوريا ولبنان، حيث بقيت تحت سيطرة إسرائيل التي انسحبت من جنوب لبنان عام 2000، باعتبارها أراضي سورية، بينما تصر بيروت على أنها لبنانية.
وتتكون الحدود اللبنانية السورية من جبال وأودية وسهول دون علامات أو إشارات تدل على الحد الفاصل بين البلدين، اللذين يرتبطان بـ6 معابر حدودية برية على طول نحو 375 كلم.
ومنذ استقلال لبنان وسوريا عن الانتداب الفرنسي (1920-1946)، ظل ترسيم الحدود بين البلدين ملفا مؤرقا للطرفين وتنتج عنه من حين لآخر توترات دبلوماسية واشتباكات مسلحة، فضلا عن مشاكل التهريب بين الجانبين.
وإبان الانتداب عمدت فرنسا إلى تقسيم مناطق البلدين وفقا لسياساتها الاستعمارية راسمة ما سمته آنذاك "دولة لبنان الكبير (1920)" وسوريا، ما أدى إلى تداخل الحدود ونشوب الخلافات التي لم تفلح لجان مشتركة من الجانبين في وضع حلول لها.
وفي الشأن الداخلي، قال عون إنه "في المفهوم العسكري الصرف، عندما يخوض أي جيش معركة ويصل فيها إلى طريق مسدود يتم بعد ذلك الاتجاه إلى خيار التفاوض".
وتساءل عون: "هل لبنان قادر بعد على تحمل حرب جديدة؟ وما هي خياراتنا أمام عدو يحتل أرضنا ويستهدفنا كل يوم ولديه أسرى من أبنائنا؟".
وبشأن تطبيق قرار حصرية السلاح بيد الجيش شمالي نهر الليطاني، أشار عون إلى أنه والحكومة "كانا أول من تحدث واتخذ القرار بهذا الشأن".
وأضاف: "بدأنا التنفيذ منذ عام، وما تحقق ليس سهلا كما يعتقد البعض، وقد دفع الجيش ثمن ذلك من دماء ضباطه وعناصره، خصوصاً أن التعامل مع ذخائر مجهولة التخزين يشكل خطرا ويتطلب خبرات متخصصة".
وتابع: "الجيش لا يركز جهوده في الجنوب فقط، بل ينتشر في كل المناطق اللبنانية ويقوم بمهامه كاملة. المهم أن القرار قد اتُّخذ ويجري تطبيقه وسنواصل التنفيذ".
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح ومن ضمنه ما يملكه "حزب الله" بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة وتنفيذها قبل نهاية 2025.
لكن الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، قال في أكثر من مناسبة، إن الحزب يرفض ذلك، ويطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية.
وفي مؤشر على اتجاه إسرائيلي للتصعيد، قالت هيئة البث العبرية الرسمية، مساء الخميس، إن الجيش "استكمل إعداد خطة بالأسابيع الأخيرة، لشن هجوم واسع ضد مواقع تابعة لحزب الله، إذا فشلت الحكومة والجيش في لبنان بتنفيذ تعهدهما بتفكيك سلاح الحزب قبل نهاية عام 2025".
وخلال الأسابيع الأخيرة صعدت إسرائيل عمليتها العسكرية تجاه الأراضي اللبنانية بما يشمل عمليات قصف مكثفة لمناطق شرق وجنوب البلاد، إضافة لتنفيذ عمليات اغتيال لعناصر تدعي أنهم من "حزب الله".
وقتلت إسرائيل أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين، خلال عدوانها على لبنان الذي بدأته في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قبل أن تحوله في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة.
كما عمدت إلى خرق اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 4500 مرة، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، فضلا عن احتلالها 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.