"القدس الدولية": الأقصى يعيش أخطر فتراته بسبب انتهاكات إسرائيل

جراء تغطية نتنياهو على الاعتداءات التي تشنها أذرع الاحتلال، وفق تقرير مؤسسة "القدس الدولية" الذي يوثق أبرز الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد خلال 7 أشهر الأولى من 2025

بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول

قالت مؤسسة "القدس الدولية"، الخميس، إن المسجد الأقصى يعيش واحدة من "أخطر" فتراته بسبب تغطية حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو على "شتَّى أصناف الاعتداءات التي شنَّتها أذرع الاحتلال على المسجد الأقصى".

ونظمت المؤسسة (غير حكومية) مؤتمرا موسعا في العاصمة اللبنانية بيروت، لإطلاق تقريرها السنوي الـ 19 "عين على الأقصى" في الذكرى السادسة والخمسين لإحراق المسجد الأقصى المبارك، ووثق التقرير أبرز الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية التي طالت المسجد خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025.

وحضر المؤتمر عدد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية واللبنانية، وسفراء العديد من الدول العربية، وممثلون عن المرجعيات الروحية، وعدد من القنوات الإعلامية، والمهتمين بالقضية الفلسطينية.

ووفق التقرير الذي اطلعت عليه الأناضول، فإن "خطوات الاحتلال الإسرائيلي سارت منذ بداية عام 2025 في خطين متوازيين هما: مواصلة حرب الإبادة والتجويع والفوضى في قطاع غزة، واستمرار حرب تصفية الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى".

وأوضح أن "الجامع المشترك بين هذين الخطين وجود قناعة صهيونية بأن الوقت قد حان لحسم الصراع نهائيا، وإزالة كل العقبات والتهديدات والمنغصات من وجه كيان الاحتلال، ليواصل طريقه نحو أطول بقاء ممكن".

ولفت إلى أن "المتطرفين الصهاينة يرون أن غزة بما تمثل من مقاومة، والقدس والأقصى بما يمثلان من رمزية، يشكلان أبرز العقبات في طريق الحسم الذي يبتغي الاحتلال تنفيذه".

وكشف تقرير "عين على الأقصى" لعام 2025 أن ثمة تطورات خطيرة تتعلق بمخططات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المسجد الأقصى.

وتابع: "شكلت حكومة اليمين المتطرف، والصهيونية الدينية، والمتشددين بقيادة نتنياهو غطاء لشتَّى أصناف الاعتداءات التي شنتها أذرع الاحتلال على المسجد الأقصى".

وخلال المؤتمر قال المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمود: "إننا نعيش في أحد أصعب الظروف التي مرت بها القضية الفلسطينية".

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل ضمن 3 مسارات "هي إبادة الشعب الفلسطيني للتخلص من التهديد الذي يمثله صموده في أرضه وتمسكه بحقوقه، والقضاء على المقاومة علاوة على إخضاع المنطقة العربية والإسلامية بأسرها لهيمنة الاحتلال الصهيوني".

واستعرض رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في المؤسسة هشام يعقوب، أبرز خلاصات التقرير مشيرا إلى وجود "تطورات سلبية في المستويات السياسية، والأمنية، والدينية، والقانونية الإسرائيلية، ما أدى إلى تطورات ميدانية تهويدية بالغة الخطورة".

وأوضح أن هذه التطورات "كلها تصب في هدف تنفيذ جريمة إحلال ديني وثقافي وديموغرافي في المسجد الأقصى".

وحذر من أن الأقصى "لم يعد فعليًا مكانًا مقدسًا خالصًا للمسلمين، بل صار مكانًا مشتركًا بين المسلمين واليهود، والحقيقة الأقسى أن كفة الهوية اليهودية المختلقة المستجدة ترجح شيئًا فشيئًا على كفة الهوية الإسلامية الأصيلة"، على حد قوله.

وشدد على أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالاقتحامات والطقوس الرمزية، بل تجاوز ذلك إلى تنظيم حفلات ورقص وغناء ورفع الأعلام داخل الساحات.

وأضاف يعقوب أن الاحتلال أدخل أيضا أدوات طقوس يهودية، وصولًا إلى تقديم قرابين حيوانية في مشهد وصفه بـ"الأخطر منذ احتلال المسجد".

وحذر من أنّ "الهوية الإسلامية للأقصى باتت مهددة بالذوبان لصالح هوية يهودية مصطنعة، قد تفرض في المستقبل دخول المسلمين كزوار يدفعون رسومًا للاحتلال".

أما على الصعيد الثقافي والعمراني، فأشار التقرير وفق يعقوب إلى محاولات الاحتلال المستمرة لتشويه رمزية المسجد وإغراق محيطه بالمشاريع التهويدية.

وأوضح يعقوب أنّ سلطات إسرائيل وسّعت نطاق الحفريات في محيط القصور الأموية وساحة البراق، واستولت على أراضٍ ومبانٍ في البلدة القديمة ومحيطها.

وعلى الصعيد الديموغرافي، كشف يعقوب أن أعداد المقتحمين للمسجد بلغت نحو 38,875 مقتحمًا خلال فترة الرصد، بزيادة 36 في المئة عن العام الماضي، مع تسجيل قفزات نوعية في أعيادهم الدينية.

ومؤسسة القدس الدولية هي منظمة عربية مستقلة وغير ربحية، مقرها في لبنان، تهدف إلى العمل على إنقاذ مدينة القدس والمحافظة على هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وتثبيت سكانها وتعزيز صمودهم، في إطار مهمة تاريخية لتوحيد الأمة بكل أطيافها الدينية والفكرية والثقافية والعرقية من أجل إنقاذ القدس عاصمة فلسطين، وفق المنظمة.

ويؤكد الفلسطينيون أن الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى تأتي ضمن مساع مكثفة لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد، وطمس هويتها العربية والإسلامية، متمسكين بالمدينة عاصمة لدولتهم المنشودة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال المدينة عام 1967، أو بضمها عام 1980.

وبموازاة حرب الإبادة بقطاع غزة، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1015 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت 62 ألفا و192 قتيلا، و157 ألفا و114 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 271 شخصا، بينهم 112 طفلا.