أيسر العيس/ الأناضول
أعلنت الرئاسة الفلسطينية، الخميس، بدء الجيش اللبناني تسلم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وذلك في إطار تطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة.
وفي 5 أغسطس/ آب الجاري، أقر مجلس الوزراء اللبناني حصر السلاح بما فيه سلاح الفصائل الفلسطينية و"حزب الله" بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك خلال الشهر الجاري وتنفيذها قبل نهاية 2025، وهي الخطوة التي رفضها الحزب، ملوّحا بأنها قد تتسبب في "حرب أهلية".
وبعدها بيومين، أعلنت الحكومة تأييدها للخطوات المقترحة في "الورقة الأمريكية"، التي تشمل حصر السلاح بيد الدولة ونشر الجيش اللبناني جنوب البلاد، وهو تأييد جاء عقب زيارة المبعوث الأمريكي توماس باراك إلى بيروت الشهر الماضي، لبحث مضمون الورقة.
وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الخميس، إن "دولة فلسطين تعلن بأنه تم الاتفاق مع الدولة اللبنانية على البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية للجيش اللبناني كعهدة لديه".
وأضاف أبو ردينة، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، أن "الجهات الفلسطينية المختصة قامت بتسليم الدفعة الأولى من السلاح الموجود في مخيمي برج البراجنة (في بيروت) والبص (بمدينة صور/ جنوب) للجيش اللبناني، على أن تستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعا".
وأوضح أن الخطوة جاءت "بناء على البيان الرئاسي الصادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والرئيس اللبناني جوزاف عون، في 21 أيار/ مايو الماضي، عقب جلسة المباحثات الرسمية بينهما والتي عقدت في العاصمة بيروت".
وبيّن أبو ردينة، أن الجانبين "اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية".
الجانبان أكدا أيضا، وفق متحدث الرئاسة، "التزامهما بتوفير الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حياة كريمة دون المساس بحقهم في العودة، أو التأثير في هويتهم الوطنية".
وقال أبو ردينة، إن الجانبين "شددا على التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وإنهاء أي مظاهر مخالفة لذلك، وأهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه".
وتابع: "الرئيسان أكدا أهمية حفظ الأمن والأمان لأبناء شعبنا في المخيمات، وصولا لحالة أمنية مستقرة بالتنسيق الكامل بين الأجهزة المختصة في الجمهورية اللبنانية ودولة فلسطين".
وفيما لم يسم متحدث الرئاسة الفلسطينية الفصائل التي وافقت على تسليم سلاحها أو بدأت بتسليم السلاح بالفعل، جرى توزيع بيان في بيروت ممهور بتوقيع "الفصائل الفلسطينية في لبنان" دون ذكر أسماء أي منها أيضا، تضمن رفضا لتسليم السلاح طالما "بقي الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين".
وقال البيان إن ما تم تداوله عن "نوايا لتسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وخاصة في مخيم برج البراجنة، عاري تمامًا عن الصحة ولا يمتّ إلى الواقع بصلة".
وأضاف أن "ما يجري داخل مخيم برج البراجنة هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة فتح، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات".
وتابع البيان: "نحن الفصائل الفلسطينية في لبنان، إذ نؤكد حرصنا الدائم على أمن واستقرار مخيماتنا وجوارها، فإننا نعيد التشديد على التزامنا الكامل بالقوانين اللبنانية واحترامنا لسيادة الدولة ومؤسساتها، مع الحرص على تعزيز العلاقات الأخوية بين شعبنا الفلسطيني وأهلنا في لبنان".
وأكمل: "كما نؤكد أن سلاحنا باقٍ ما بقي الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين، ولن يُستخدم إلا في إطار مواجهة العدو الصهيوني حتى يتحقق لشعبنا حقه في العودة والحرية وإقامة دولته المستقلة على أرضه".
ويرى مراقبون أنه مع ربط ما جاء في البيان الأخير بعدم تسمية أبو ردينة، لفصائل بعينها قامت بتسليم سلاحها، يمكن استنتاج أن هناك فصائل ترفض تسليم سلاحها، ولا تريد أن تذكر ذلك علنا أو أن لحظة الإعلان لم تحن بعد، لاعتبارات ما، قد يكون من بينها مراقبة ما سيحدث عند نزع سلاح "حزب الله".
وفي وقت سابق الخميس، أعلن رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني (حكومية) السفير رامز دمشقية، أن المرحلة الأولى من تسليم أسلحة المخيمات الفلسطينية ستبدأ اليوم، انطلاقًا من مخيم برج البراجنة، حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح وتُوضَع في عهدة الجيش اللبناني.
وأضاف دمشقية، في بيان: "ستشكّل عملية التسليم هذه الخطوة الأولى، على أن تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات".
فيما أفاد مراسل الأناضول، بأن آليات عسكرية تابعة للجيش اللبناني ترافقها عناصر من الاستخبارات، دخلت مخيم برج البراجنة وبدأت عملية تسلم السلاح من الفصائل الفلسطينية، حيث شوهدت شاحنة صغيرة قيل أنها تحمل أسلحة.
كما رحب كل من رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، والمبعوث الأمريكي بـ"انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني"، وقال الأخير: "تهانينا للحكومة اللبنانية وحركة فتح (دون تسمية فصائل أخرى) على اتفاقهما بشأن نزع السلاح الطوعي في مخيمات بيروت".
ويتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 493 ألف شخص، يعيشون في ظروف صعبة داخل مخيمات تُدار أمنيا من جانب الفصائل الفلسطينية، بموجب تفاهمات غير رسمية تعود إلى "اتفاق القاهرة" لعام 1969.
ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيما معترفا بها لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ولا يدخل الجيش ولا القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات، بينما يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها.