رام الله / قيس أبو سمرة / الأناضول
أثناء قيامه بنزهة قريبة من قريته غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية وخلال أدائه الصلاة.الشاب أويس همام للأناضول:
- هاجمني المستوطنون أثناء الصلاة وبدأوا بضربي على جميع أنحاء جسدي قبل اختطافي
- ضربوني بأعقاب البنادق ورشقوني بالحجارة ثم جروني على الأرض حتى فقدت الوعي
- رغم كل ما مررت به، بقي في داخلي يقين بأنني سأنجو، كان أمري بالله كبيرا
همام والد أويس للأناضول:
- تعرض ابني لضرب مبرح على يد المستوطنين وبعد ذلك تسلمه الجيش وواصل ضربه وتعذيبه حتى صباح اليوم التالي
- كان صائما ولم يسمحوا له حتى بشربة ماء.
- يعاني أويس من آثار سموم بجسده ناتجة عن الضرب الشديد وهو تحت المراقبة الطبية.
على سرير العلاج في مجمع فلسطين الطبي برام الله وسط الضفة الغربية، يحاول الشاب أويس همام استجماع أنفاسه وهو يروي ما مر به خلال ساعات من اختطافه وتعذيبه، الخميس، على يد مستوطنين إسرائيليين قرب منطقة جبل الريسان غربي المدينة.
تبدو آثار الاعتداء واضحة على وجهه وجسده المتورم، بعد تعرضه للضرب المبرح لساعات، بينما يتحدث بصوت متعب لكنه ثابت، في محاولة لإعادة سرد ما جرى معه لحظة بلحظة.
** خطف وتعذيب
ويقول أويس (28 عاما) من قرية بني حارث إلى الغرب من مدينة رام الله، إن مجموعة من المستوطنين حاصرته عندما كان يصلي وهو في نزهة قريبة من قريته.
ويضيف بصوت متعب وهو يتحدث للأناضول: "خرجت في نزهة قصيرة قرب عين الماء في منطقة الريسان القريبة، وبينما كنت أؤدي ركعتين من الصلاة، فوجئت بمجموعة من المستوطنين تقترب مني بسرعة، أحاطوا بي من كل الاتجاهات وبدأوا بضربي على جميع أنحاء جسدي".
ومن شدة الضرب لم يعد جسد أويس يقوى على الوقوف، قبل أن ينقل بالقوة إلى أعلى الجبل وهناك تعرض لاعتداء أشد قسوة.
ويتابع روايته: "بعدما انهالوا علي بالضرب، حملوني وخطفوني إلى أعلى الجبل، وهناك بدأ الضرب المتواصل والشتم والإذلال والاحتقار".
ويشير الشاب الغارق في آثار الجروح، إلى أنه لم يعد قادرا على المقاومة والوقوف من شدة الألم، لافتا إلى أنه تعرض لفقدان في الوعي خلال تعرضه للتعذيب.
ويأتي الاعتداء على أويس في سياق تصعيد غير مسبوق لهجمات المستوطنين على الطرقات والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي تتم غالبا تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وفق منظمات حقوقية فلسطينية.
وخلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية ما مجموعه 2144 اعتداء، بينها 621 اعتداء نفذه المستوطنون و1523 نفذها الجيش.
** أملي بالله كبيرا
ويشير أويس إلى أن المستوطنين، عقب اختطافه، قيدوا يديه بقوة وضربوه بلا توقف، مستخدمين أعقاب البنادق، قبل أن يجروه على الأرض ويرشقوه بالحجارة.
ويلفت إلى أن بعض المعتدين كانوا جنودا متنكرين بلباس المستوطنين.
ويتحدث أويس عن التحقيق الذي تعرض له أثناء الاعتداء، قائلا: "كانوا يستجوبونني ويشتمون ديني، ومن ثم يمارسون ضربا عنيفا طال جميع أنحاء جسدي حتى سال الدم من كل مكان".
ويتابع: "رغم كل ما مررت به، بقي في داخلي يقين بأنني سأنجو، كان أمري بالله كبيرا أن يهيئ لي مخرجا، وهذا ما حدث بالفعل".
ويقول أويس إنه نُقل في ساعات الصباح داخل مركبة كان المستوطنون يتنقلون بها بين الطرقات لفترة قبل أن يتركوه في منطقة قريبة، مضيفا: "في الصباح أخذوني بالسيارة وراحوا يلفّوا بي على الطرق، ثم ألقوني جانبا وغادروا.. بعدها توجهت مباشرة إلى المستشفى".
وتشهد الضفة الغربية والقدس منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تصعيدا واسعا في اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي، ترافقت مع ارتفاع ملحوظ في عمليات القتل والاعتقال والهدم في الضفة خلال العامين الماضيين.
** اختفاء أويس
وفي ظل وضعه الصحي الصعب، يكمل والده همام باقي فصول الاعتداءات ويقول إن العائلة فوجئت باختفاء أويس، قبل أن تتلقى اتصالا من المخابرات الإسرائيلية تبلغهم فيه باحتجازه.
وأضاف في مقابلة مع الأناضول: "اتصلوا بنا وقالوا إنا ابنكم محتجز لديهم بعدما أمسكه مستوطنون وهو يسير على الجبل".
ويضيف: "تعرض ابني لضرب مبرح على يد المستوطنين أعلى الجبل. وبعد ذلك تسلّمه الجيش الإسرائيلي، وواصل الجنود ضربه وتعذيبه حتى صباح اليوم التالي. كان صائما ولم يسمحوا له حتى بشربة ماء".
ويتابع الأب: "عاد الضابط واتصل مرة أخرى ليقول إنهم سلّموه للسلطة الفلسطينية، وطلب مني الانتباه إليه وألا يقترب من المنطقة"، لكنه حمد الله أن ابنه عاد له وهو على قيد الحياة.
ويتحدث همام عن الوضع الصحي لابنه في المستشفى، قائلا: "هو الآن تحت المراقبة الطبية، حيث يعاني من آثار سموم بجسده ناتجة عن الضرب الشديد وتأثيره على العضلات".
ويضيف: "عثر الأطباء على نوع من السموم بسبب قوّة الضرب، فبدأوا بإعطائه المحاليل والجلوكوز، وإن شاء الله يتعافى تدريجيا".
ويؤكد الأب أن معنويات ابنه ما تزال مرتفعة رغم ما مرّ به، قائلا: "المعنويات عالية والحمد لله".
وفي بيانات سابقة، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من أن اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية، التي تتم غالبا تحت حماية الجيش الإسرائيلي، تأتي ضمن "سياسة ممنهجة" لحكومة بنيامين نتنياهو بهدف إرهاب السكان وتهجيرهم قسريا.
وفي 18 نوفمبر الماضي، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار، تحذريهم من "انفجار وشيك" للأوضاع بالضفة الغربية ، جراء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، مشيرين إلى أن الجيش فقد السيطرة على الأرض.
وحذر المسؤولون من أن "تآكل سلطة الجيش في الضفة الغربية تحت ضغط وزراء اليمين المتطرف ونواب الائتلاف يخلق وضعا أمنيا متقلبا قد ينفجر في أي وقت".
المسؤولون شددوا على أن "الجهات الخارجة عن القانون التي تؤذي الفلسطينيين (المستوطنون) وجنود الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، تتلقى دعما من القادة الإسرائيليين الذين يخلقون بيئة متساهلة تمكنهم من التصرف بحرية".