أمستردام/ سلمان آقسنقر/ الأناضول
مقرر الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية مايكل لينك للأناضول:
- اعتراض إسرائيل سفينة المساعدات "مادلين" انتهاك للقانون البحري والدولي
- العقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية نكسة خطيرة لمسار العدالة الدولية
حذّر المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، مايكل لينك، من استمرار الاحتلال غير القانوني والإبادة الجماعية في قطاع غزة، وشدد على أنه ما لم تُفرض "عقوبات حقيقية" على إسرائيل، فإن انتهاكاتها للقانون الدولي لن تتوقف.
وفي مقابلة مع الأناضول، علّق لينك على هجوم إسرائيل على سفينة "مادلين" التي كانت تنقل مساعدات إنسانية إلى غزة، كما تناول العقوبات الأمريكية المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية، والوضع المأساوي المستمر في القطاع.
- انتهاك صارخ
ووصف لينك اعتراض إسرائيل سفينة المساعدات "مادلين" بأنه انتهاك للقانون البحري الدولي، موضحًا أن السفينة جذبت اهتمام المجتمع الدولي بسبب طاقمها التطوعي ومهمتها الإنسانية في إيصال الغذاء والدواء إلى أهالي غزة.
وأضاف: "تتصرّف إسرائيل وكأن لها الحق الحصري في تحديد ما ومن يدخل غزة. وبحسب ما فهمته، فقد تم توقيف السفينة في المياه الدولية، وهذا يُعد خرقًا للقانون البحري الدولي".
وأشار لينك إلى أن تحرك السفينة "أثار وعيًا واسعًا" في الدول الغربية حيال الجرائم الإسرائيلية في غزة.
وقال: "كان هناك 12 متطوعًا على متن السفينة خاطروا بحياتهم لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة. نسمع الكثير من الكلام من القادة الغربيين، لكننا لا نرى أفعالًا حقيقية".
وكانت البحرية الإسرائيلية اختطفت، فجر الاثنين، العاشر من يونيو الجاري، 12 ناشطا دوليا من السفينة "مادلين" بعد قرصنتها في المياه الدولية، وهي في طريقها إلى غزة تحمل مساعدات إنسانية.
وفي اليومين التاليين، أبعدت إسرائيل 4 نشطاء وقّعوا على تعهد بعدم العودة إلى إسرائيل، فيما رفض الثمانية الباقون التوقيع. ثم أعلنت الخميس ترحيل 6 نشطاء آخرين.
- الجنائية الدولية
وفيما يتعلّق بفرض الولايات المتحدة عقوبات على قضاة ومدّعين في المحكمة الجنائية الدولية، قال لينك إن هذه الإجراءات "تمثل نكسة خطيرة لمسار العدالة الدولية الذي بدأ مع محاكمات نورمبرغ قبل 80 عامًا".
ومحاكمات نورمبرغ أجرتها قوات الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة قادة ألمانيا النازية وقادة آخرين متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف: "من غير المقبول أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على أول محكمة جنائية دائمة في العالم، لمجرد أنها تحقق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها واشنطن في أفغانستان أو إسرائيل في فلسطين. هذا يُعد انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي".
وتابع: "القانون الدولي من أعظم المصالح المشتركة التي نتقاسمها كبشر. والهجوم عليه يعني الوقوف في الجانب الخاطئ من التاريخ والعدالة والضمير".
وفي 6 يونيو الجاري أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، فرض عقوبات على 4 قضاة من المحكمة الجنائية الدولية بزعم "انتهاكهم سيادة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل".
واتهم اثنين من القضاة بالسماح بـ"تحقيق لا أساس له" ضد موظفين أمريكيين في أفغانستان، والآخرين بإصدار "أمر اعتقال غير شرعي" بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
- بريطانيا وغزة
وانتقد لينك موقف الحكومة البريطانية، مشيرًا إلى أنها فرضت عقوبات على وزيرين إسرائيليين متطرفين، لكنها لم تتخذ أي إجراء فعّال لوقف حرب الإبادة على غزة.
وقال: "ما يحدث في غزة، والذي يصفه كثير من الخبراء بأنه إبادة جماعية، لن يتوقف بإجراءات شكلية كتلك. من يلفت الانتباه إلى هذه الجرائم هم مواطنون عاديون يتحركون بوازع من ضمائرهم الحية".
وتابع: "بريطانيا، إلى جانب كندا وفرنسا، أصدرت بيانًا مشتركًا ضد إسرائيل، وفرضت عقوبات على وزيرين متطرفين، لكن ذلك جاء متأخرًا جدًا وبصورة محدودة. ما يجري في غزة نتيجة سياسة دولة كاملة، لا مجرد تصرف فردي لوزيرين".
وفي 10 يونيو الجاري أعلن وزراء خارجية بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج ، في بيان مشترك، عن فرض عقوبات وتدابير أخرى تستهدف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، "بسبب تحريضهما على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية".
ووفق صحيفة "التايمز" البريطانية، تشمل العقوبات تجميد أصول الوزيرين، ومنعهما من دخول البلاد، ومنع المؤسسات المالية من إقامة علاقات معهما.
- ثمن حقيقي
وأكد لينك أن استمرار الاحتلال غير الشرعي والإبادة الجماعية في غزة لن يتوقّف إلا إذا تم إرغام إسرائيل على دفع "ثمن حقيقي"، مضيفًا: "إسرائيل تفسر الصمت الغربي على أنه تفويضٌ غير معلن للاستمرار في ما تقترفه".
وشدد لينك على أن قادة الغرب لم يتخذوا أي خطوات فعلية لوقف الجرائم المرتكبة في غزّة رغم مقتل أكثر من 55 ألف فلسطيني، ووقوع مئات الآلاف في مواجهة الجوع والمجاعة.
وتابع: "لقد صرخ العالم عاليًا في آذان هؤلاء القادة، لكنهم ما زالوا يرسمون خطوطًا وردية على الرمال. لذلك، لا يمكننا الآن أن نتوقع منهم رسم خطوط حمراء".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تزال توفّر 70 بالمئة من الأسلحة المصدّرة إلى إسرائيل، وتواصل استخدام حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن الداعية إلى وقف إطلاق النار.
وختم حديثه بالقول: "لن تفهم إسرائيل أن لتحدي قرارات الأمم المتحدة وانتهاك القانون الدولي ثمنًا حقيقيًا، ما لم تُفرض عليها عقوبات حقيقية وفعالة".
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 184 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.