الحليب مفقود والموت حاضر بغزة.. الرضيعة جوري تلحق بكندة ونضال (تقرير)

الرضيعة جوري المصري لفظت أنفاسها لتلحق بكندة الهمص (10 أيام) ونضال شراب (5 أشهر) الذين فقدوا حياتهم خلال 24 ساعة جراء التجويع الإسرائيلي

غزة / جمعة يونس / الأناضول

لم تكمل الرضيعة الفلسطينية جوري المصري شهرها الثالث، حتى أودى بها الجوع لتكون واحدة من ضحايا الحصار الإسرائيلي الذي يخنق قطاع غزة.

ومساء الخميس، لفظت الرضيعة أنفاسها الأخيرة بمدينة دير البلح وسط القطاع، بعدما فشلت عائلتها في تأمين نوع خاص من الحليب العلاجي كانت بحاجة إليه، وسط انعدام المستلزمات الطبية والغذائية، ومواصلة تل أبيب إغلاق المعابر بالتزامن مع الإبادة التي ترتكبها بحق الفلسطينيين هناك.

وعانت الرضيعة جوري، مثل باقي الأطفال بغزة، ويلات الحرب منذ ولادتها فاضطرت أسرتها إلى النزوح تحت القصف الإسرائيلي، وعاشت أيامها القليلة في ظروف قاسية من نقص الغذاء والرعاية، في بيئة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.

** صحة جيدة

ولدت جوري بصحة جيدة، دون أمراض مزمنة أو تشوهات خلقية، لكنها احتاجت إلى نوع من الحليب العلاجي غير متوفر في غزة منذ أسابيع، نتيجة الحصار الإسرائيلي.

وقال والدها، محسن المصري، بنبرة يغلبها الانكسار، إنه بحث في كل مكان دون أن يجد الحليب لطفلته.

وأضاف في حديث للأناضول: "ابنتي ماتت جوعا، دون ذنب".

وأوضح أن طفلته كانت بصحة طبيعية، لكن حالتها تدهورت بسرعة جراء سوء التغذية.

** حليب مفقود

وأشار الوالد إلى أن جوري كانت بحاجة إلى حليب علاجي غير متوفر في القطاع، ومع استمرار نفاده، تدهورت حالتها وأصبحت "هيكلا عظميا، وجسدا هزيلا، ووجها شاحبا".

وقال: "كانت تحتضر بصمت، ونحن عاجزون أمامها".

وأضاف: "هذه جرائم حرب حقيقية ترتكب بحق أطفالنا الرضّع، الذين يموتون جوعا واحدا تلو آخر".

لم تكن مأساة جوري معزولة؛ فمع وفاتها، ارتفع عدد الرضع الذين توفوا بسبب الجوع خلال أقل من 24 ساعة إلى ثلاثة، بعد وفاة الرضيعة كندة الهمص (10 أيام)، والرضيع نضال شراب (5 أشهر)، وكلاهما شيع من مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي القطاع.

** تحذيرات طبية

هذه الحالات المؤلمة جاءت بعد تحذيرات متكررة أطلقتها مستشفيات في غزة، كان أبرزها في 19 يونيو/ حزيران الجاري، حين أعلنت قرب نفاد حليب الأطفال بالكامل، ما ينذر بـ"كارثة إنسانية وشيكة" تهدد حياة مئات الرضّع.

لكن التحذيرات لم تلق استجابة دولية، وبقيت سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة، إذ تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الفائت جميع المعابر، وتمنع دخول أي إمدادات غذائية أو طبية، ما تسبب في دخول غزة مرحلة المجاعة الكاملة، بحسب تقارير أممية.

** انهيار صحي

وإلى جانب الجوع، يعاني القطاع من انهيار شبه تام في النظام الصحي، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمستشفيات، ونفاد الأدوية والمستلزمات، ما حول مرافق الصحة إلى أماكن عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية.

في هذا السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في آخر إحصاء له في 25 مايو/ أيار الماضي، وفاة 242 شخصا بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من الأطفال الرضّع وكبار السن.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة نحو 189 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.