أفريقيا, أخبار تحليلية

رئاسيات النيجر.. مرشح المعارضة قد يُحدث المفاجأة (تحليل)

- محمد بازوم مرشح الحزب الحاكم ضَمِن دعم أقوى منافسيه في الدور الأول، والرئيس الأسبق محمن عثمان يراهن على تجمعاته الحاشدة في الجنوب لإحداث المفاجأة

21.02.2021 - محدث : 21.02.2021
رئاسيات النيجر.. مرشح المعارضة قد يُحدث المفاجأة (تحليل)

Istanbul

إسطنبول/ الأناضول

تحشد المعارضة في النيجر قواها خلف الرئيس الأسبق محمن عثمان، لهزيمة مرشح الحزب الحاكم، وزير الداخلية محمد بازوم، في الدور الثاني من الرئاسيات، المقرر تنظيمها الأحد، لكن المهمة لا تبدو سهلة وإن ليست مستحيلة.

فعثمان حصل على 16.98 بالمئة من الأصوات فقط محتلا المرتبة الثانية أمام 29 مرشحا في الدور الأول، الذي جرى في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

كانت معركة انتخابية قوية شهدت مشاركة شعبية واسعة بلغت نسبة 69.67 بالمئة، حيث أدلى 5.2 مليون ناخب بأصواتهم من إجمالي 7.4 ملايين ناخب مسجل (عدد السكان يفوق 23 مليون نسمة).

** تحالف الأوزان "الثقيلة" للمعارضة

ويدعم عثمان، وزير الخارجية السابق، المرشح إبراهيم يعقوب، الذي احتل المرتبة الخامسة في الدور الأول بنسبة 5.38 بالمئة.

وسبق ليعقوب أن دعم إيسوفو في رئاسيات 2016، وكافأه الأخير بمنصب وزير الخارجية، لكنه في 2018 أجبره على الاستقالة، بعد أن عارض حزبه إصلاح القانون الانتخابي، معتبرا أنه "لا يضمن إجراء انتخابات شفافة، ولا نزيهة".

وإلى جانب يعقوب، يقف رئيس الوزراء الأسبق هما أمادو، زعيم حزب "لومانا" أكبر أحزاب المعارضة خلف عثمان، بعد أن نافس في رئاسيات 2016 الرئيس المنتهية ولايته محمد يوسوفو.

وانضم الرئيس السابق سالو جيبو، الذي قاد آخر انقلاب في البلاد عام 2010، إلى حلف المعارضة، حاملا لواء "التغيير".

ورفع الحلف الرباعي للمعارضة ممثلا في عثمان ويعقوب وأمادو وجيبو، شعار "معا لهزيمة بازوم".

ورغم الثقل السياسي لكل من عثمان وأمادو ويعقوب وجيبو، إلا أن تحالفهم قد لا يكون كافيا لهزيمة بازوم، بعد أن راهنوا على انقسام الحزب الحاكم بين الأخير وإيسوفو، وهو ما لم يحدث.

لكنهم خلال حملتهم الأخيرة تمكنوا من حشد الآلاف من أنصارهم في المدن التي زاروها بحسب فيديوهات وصور نشرتها وسائل محلية ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، ما يوحي بأن عثمان لن يكون لقمة سائغة في فم بازوم.

** خطة بازوم المضادة

لا يبدو بازوم من النوع الذي يترك ثغرات لأي مفاجآت غير سارة، خاصة في ظل تكتل أبرز منافسيه في تحالف ضده.

فرغبته للفوز بشكل كاسح في الدور الثاني للرئاسيات، دفعه للتحالف مع رئيسي الوزراء سيني عمرو، الحاصل على المرتبة الثالثة في الدور الأول بـ8.95 بالمئة من الأصوات، وألبادي أبوبا الذي حلّ رابعا في السباق الرئاسي بـ7.07 بالمئة.

وحسابيا، بإمكان بازوم، الحاصل على 39.30 بالمئة من الأصوات في الدور الأول، حسم الجولة الثانية بنسبة تفوق 55 بالمئة.

غير أن الأمور ليست محسومة بهذه البساطة، فبإمكان الناخبين تغيير آرائهم لصالح هذا المرشح أو ذاك، أو عدم الالتزام بتوصيات من صوتوا لهم في الدور الأول، ما يجعل الأمور مفتوحة على عدة احتمالات.

لكن بازوم يملك ورقة قوية أخرى في يده، فحزبه فاز في آخر انتخابات برلمانية بـ81 مقعدا (47.36 بالمئة)، بفارق 61 مقعد عن أقرب منافسيه، والرئيس القادم يحتاج أن يكون مدعوما من غالبية برلمانية لتنفيذ برنامجه الانتخابي.

وحليفاه سيني عمرو وألبادي أبوبا، فاز حزباهما بـ13 مقعدا لكل منهما، مما يعني أنا بازوم حسم الأغلبية البرلمانية قبل أن يدخل معركة الرئاسيات

وحزب عثمان لا يملك سوى 7 مقاعد، وحتى حليفه الأكبر حزب "لومانا" حصل على 20 مقعدا فقط، ما سُيعقد مهمته إن فاز بالانتخابات الرئاسية.

** تيلابيري.. معقل داعش نقطة انطلاق الحملات الانتخابية

كان ملفتا أن عثمان، الذي انتخب رئيسا في 1993 قبل أن يطيح به انقلاب عسكري في 1996، بدأ حملته الانتخابية للدور الثاني من مدينة تيلابيري، التي تعد أسخن منطقة في البلاد لوقوعها بالمثلث الحدودي الملتهب مع مالي وبوركينا فاسو، والذي غزاه مسلحون تابعون لتنظيم داعش الإرهابي في الصحراء الكبرى.

وأعنف مجزرة ارتكبها إرهابيو داعش في تيلابيري، وقعت في 2 يناير/كانون الثاني الماضي، وقتل فيها 100 شخص بقريتين في المقاطعة، بالتزامن مع إعلان نتائج الدور الأول من الرئاسيات الحالية.

فعثمان أراد إعطاء رسالة دعم للمواطنين وتحدي للمسلحين، ولم يتخلف بازوم طويلا عن تيلابيري، إذ نشط بها تجمعا في اليوم الثاني من الحملة الانتخابية التي بدأها من العاصمة نيامي.

واستعادة الأمن يمثل هاجس الكثير من سكان النيجر خاصة في تيلابيري، والمرشحان الرِئاسيان يدركان أهمية هذا التحدي بالنسبة للناخبين.

ويأمل السكان أن تجري هذه الانتخابات في أمان ولا تتكرر مجزرة تيلابيري، خصوصا بعد مقتل 8 أشخاص في بوركينافاسو، الجمعة، قرب الحدود من النيجر، في آخر يوم من الحملة الانتخابية.

إذ ينتشر عناصر "داعش في الصحراء الكبرى" بمنطقة تيلابيري غربا، بينما تنشط عناصر بوكو حرام في الجنوب الشرقي للبلاد، خاصة بمقاطعة ديفا.

** فرنسا حاضرة في قلب الانتخابات

لطالما حاولت فرنسا لعب دور في صناعة الرؤساء بمستعمراتها السابقة جنوب الصحراء، والنيجر إحدى هذه البلدان التي تقع في قلب مناطق نفوذها، وتتواجد بها قاعدتان عسكريتان فرنسيتان بنيامي وماداما.

وعملية برخان الفرنسية، التي تضم 5 آلاف و100 جندي، تنشط في منطقة الحدود الثلاثة، يهمها مسبقا معرفة من سيكون الرئيس القادم في النيجر، لعلاقة ذلك بحربها على الجماعات المسلحة في منطقة الساحل.

خاصة بعد إعادة فرنسا النظر في قرارها بالانسحاب من منطقة الساحل الإفريقي بعد إشارات من واشنطن بإمكانية دعمها في حربها بالمنطقة، كما أن تشاد قررت أخيرا إرسال 1200 من قواتها إلى المثلث الحدودي بعد تسوية مطالبها المالية.

وفي هذا السياق، استقبل السفير الفرنسي لدى النيجر ألكسندر غارسيا، بمقر السفارة في نيامي، المرشحان الرئاسيان بازوم وعثمان، في 6 و7 فبراير الجاري، بدل أن يتنقل إلى مقرهما، ما يعكس حجم النفوذ الفرنسي بالبلاد.

وهذا ما يفسر الانتقادات التي يوجهها مواطنون في النيجر لباريس، واتهامها بالتدخل في توجيه الانتخابات الرئاسية ببلادهم، حيث تظاهر العشرات منهم، نهاية يناير الماضي، أمام السفارة الفرنسية لدى بروكسل.

وقبلها بأيام نظمت الجالية النيجرية في الولايات المتحدة الأمريكية احتجاجات مماثلة ضد التدخل الفرنسي في العملية الانتخابية النيجرية، بحسب صفحة "أخبار النيجر"، التي أوردت صورا عن احتجاجات بروكسل.

ورفع المتظاهرون في بروكسل لافتات تصف التدخل الفرنسي في انتخابات بلادهم بأنه "استعمار جديد" وفي إحدى اللافتات كتبوا "النازية الفرنسية" و"انتخابات حرة في النيجر".. للتعبير عن رفضهم لأي دور فرنسي في صناعة رئيس البلاد المقبل.

واختتمت الحملة الانتخابية مساء الجمعة، بتقدم بازوم على الورق بخطوات عن منافسه عثمان، الذي قد يُحدث المفاجأة بالنظر إلى حجم الحشود التي استقبلته في عدة مدن ومقاطعات مثل ديفا (جنوب شرق) ودوسو (جنوب غرب) ومارادى (جنوب).

لكن الرهان الأكبر لهذه الانتخابات عدم وقوع حوادث أمنية كبيرة أو رفض أحد الأطراف لنتائجها، ما قد يهدد الاستقرار السياسي الهش، في ظل استمرار التهديد الإرهابي الوجودي للبلاد غربا وشرقا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın