المعابر.. كلمة السر الإسرائيلية في البحث عن نصر مفقود (تقرير)

رأى خبراء أن تصدّر المعابر الحدودية في قطاع غزة للمشهد العام خلال الأيام الأخيرة، يعني أن الحرب دخلت في بعد "استراتيجي أمني" جديد؛ تهدف إسرائيل من خلاله إلى تحقيق عدة أهداف، في مقدمتها تحقيق "نصر مفقود".

عمان/ ليث الجنيدي/ الأناضول

** المحلل العسكري والاستراتيجي هشام سليمان خريسات:
- أهمية السيطرة على المعابر، من وجهة نظر إسرائيل، هي منع تهريب السلاح والذخائر، وهروب قادة حماس، وإجبار الحركة على الاستسلام
- قيادات إسرائيل تحاول إطالة أمد الأزمة، بما يضمن لها تحقيق أكبر دمار داخل القطاع قبل الوصول لأي اتفاق مع حماس

** المحلل الاستراتيجي عامر السبايلة:
- إغلاق معبر رفح والسيطرة عليه تعني إحكام السيطرة الأمنية الإسرائيلية من الداخل والخارج
- إسرائيل تخطط لرسم الخارطة الأمنية التي تحقق لها التدرج بالضم؛ عبر تفريغ رفح من الكتلة السكانية

رأى خبراء أن تصدّر المعابر الحدودية في قطاع غزة للمشهد العام خلال الأيام الأخيرة، يعني أن الحرب دخلت في بعد "استراتيجي أمني" جديد؛ تهدف إسرائيل من خلاله إلى تحقيق عدة أهداف، في مقدمتها تحقيق "نصر مفقود".

والثلاثاء، اجتاح الجيش الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، ضمن ما زعم أنها عملية "محدودة النطاق" متواصلة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

ويعتقد الخبراء أن إسرائيل تحاول استغلال الوقت قبيل التوصل لأي اتفاق مع حركة حماس، بحيث تخضع المعابر لسيطرتها وتخرج رفح عن الخدمة؛ بما يتيح لها تحقيق أهداف في إطار بعد استراتيجي مستقبلي.

فبالتزامن مع السيطرة على معبر رفح، أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم، جنوبي القطاع، وتضيق الخناق على معبر إيريز (بيت حانون)، فيما يوجد معبرين آخرين مغلقان وهما معبر المنطار (معبر كارني) الشرقي المستخدم فقط لعبور البضائع، ومعبر صوفا شمالاً وهو مغلق من حوالي 20 عاما.

وقال الجيش الإسرائيلي قبل نحو أسبوع، إن الولايات المتحدة مستمرة في بناء ميناء عائم مؤقت على شواطئ قطاع غزة، بمساحة تقدر بأكثر من 281 دونما، وأشار إلى احتمال أن يعمل "بكامل طاقته" بحلول مايو/أيار المقبل.

وتزداد المخاوف من ذلك الميناء والأهداف الحقيقية لإنشائه، ففي الوقت الذي تقول فيه الولايات المتحدة أنه لتسهيل دخول المساعدات وبإشراف إسرائيل، تعرقل الأخيرة إدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في القطاع الذي يعيش أهله مجاعة بسبب نقص المتطلبات الأساسية للحياة، وهو ما يرجح تسهيل فكرة "التهجير" للفلسطينيين من قطاع غزة".

** قادة حماس

المحلل العسكري والاستراتيجي هشام سليمان خريسات، قال في حديثه للأناضول: "إن الدخول إلى غزة براً يتم عبر 5 معابر، والتي منها ما هو مخصص للبضائع ومنها ما هو معد للمسافرين، وكلها الآن مغلفة".

واعتبر أن "أهمية السيطرة على المعابر، من وجهة نظر إسرائيل، هي منع تهريب السلاح والذخائر، وهروب قادة حماس، وإجبار الحركة على الاستسلام".

واستدرك " كما أن السيطرة على المعابر يعني التحكم بسلع الحياة والدواء، وتجويع غزة، ومنع العلاج والدواء، والسيطرة على دخول الهيئات الدولية".

وشدد على أن كل ذلك "سيجبر حماس على التفاوض، بالتزامن مع الهجمات التي تشنها إسرائيل والضغط العسكري".

ورجّح خريسات أن تكون العمليات برفح "بطيئة جداً"، مرجعاً ذلك إلى أن "قيادات إسرائيل تحاول إطالة أمد الأزمة، بما يضمن لها تحقيق أكبر دمار داخل القطاع قبل الوصول لأي اتفاق مع حماس".

ولفت إلى أن "حماس ستنتظر توسع عملية الجيش الإسرائيلي، وستلجأ إلى إبعادهم عن المعابر والنقاط القتالية من خلال تفجير الأنفاق ونصب الكمائن، ونشر القناصين في جميع أنحاء رفح".

وبين أن "حماس تستعد لحرب عصابات، قد تستغرق عقودا؛ بسبب فارق الأسلحة والقوات، وأعتقد أنها ستحل قواتها وتحولهم إلى ذئاب منفردة (مصطلح عسكري)، وتترك لهم حرية اختيار الأهداف".

وتوقع بانهم "سيستدرجون بعض وحدات الجيش الإسرائيلي إلى مبانٍ وأزقة، ومن ثم خطفهم والمساومة عليهم بوقف إطلاق نار فوري دون شروط".

**السيطرة الأمنية

من جانبه، أشار المحلل الاستراتيجي عامر السبايلة، إلى أن "الهدف الأساسي لإسرائيل حاليا هو محور فيلادلفيا، لأنها جغرافية ممتدة مع سيناء، وبالتالي فإن إغلاق معبر رفح والسيطرة عليه تعني إحكام السيطرة الأمنية الإسرائيلية من الداخل والخارج".

وأكد في حديث للأناضول على أن "البعد الأمني هو فقط في معبر رفح؛ لكثير من الاعتبارات، فهناك قناعة إسرائيلية أمنية بأنه دون السيطرة على محور فيلادلفيا بالكامل، لا يمكن منع تدفق دخول السلاح لحركة حماس".

وأضاف "لا يمكن لإسرائيل أن تقول بأنها انتهت من غزة إلا عبر هذه العملية، وبعد ذلك سيكون معبر كرم أبو سالم لغايات إنسانية وبالحدود الدنيا، مع تفعيل عمل الميناء العائم في ذات الوقت؛ لتلبية الحاجات الإنسانية، وإظهار التركيز على الجانب الإنساني".

ولم يستبعد السبايلة "اللجوء المبدئي للهجرة الطوعية عبر الميناء العائم، في ظل الضغوطات التي يتعرض لها أهالي القطاع؛ للبحث عن ملاذ آمن، خاصة مع غياب أفق للوصول إلى حل قريب".

وأردف "بعد السيطرة على معبر رفح والمعابر الأخرى، فإن إسرائيل ستدفع بالأهالي إلى الانتقال والاستجابة لطلباتها، بما يتيح لها رسم الخارطة الأمنية التي تحقق لها التدرج بالضم؛ عبر تفريغ رفح من الكتلة السكانية".

وختم بالقول: "إسرائيل وضعت نفسها في النقطة الأهم، فهي كسرت المحظورات فيما يتعلق باجتياح رفح في توقيت مرتبط بالمفاوضات، بمعنى أنها جعلت اجتياح رفح أمراً وارداً، ومن جهة ثانية ستربط أي تعثر للمفاوضات باستمرار العملية الحالية".

وسبق أن أعلنت حماس، الاثنين، قبولها بمقترح اتفاق مصري قطري، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زعم أنه "لا يلبي متطلبات" تل أبيب، وأعلن تمسكه باستمرار العملية العسكرية في رفح.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تشن إسرائيل حربا على غزة، خلفت نحو 113 ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.