"صندوق الخليل".. شريان أمريكي لتمويل الاستيطان الإسرائيلي (تقرير)
"صندوق الخليل" أسسه الحاخام إتسحاق بيخمان عام 1979 ومقره في بروكلين بمدينة نيويورك الأمريكية
Israel
خالد يوسف/ الأناضول
- "صندوق الخليل" أسسه الحاخام إتسحاق بيخمان عام 1979 ومقره في بروكلين بمدينة نيويورك الأمريكية- الصندوق أبرز منظمة أمريكية تمول جمعيات داعمة للاستيطان والفصل العنصري في مدينة الخليل
- يتكتم بشدة على مصادر تمويله والجهات التي يمولها في الخليل.. ومن الداعمين له جولدمان ساكس وإيرفينغ موسكوفيتش
- ترامب رفع عقوبات فرضتها وزارة الخزانة على الصندوق لجمعه تبرعات لمستوطنين ارتكبا اعتداءات بحق فلسطينيين
- هآرتس: الصندوق قدّم 1.7 مليون دولار لحركة الاستيطان في الخليل عام 2019
في خفاء وتكتم تمول منظمات أمريكية التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس المحتلة.
هذه المنظمات أغلبها صهيوأمريكية، وتصنَّف نفسها على أنها "خيرية"، وتجمع تبرعات ضخمة في الولايات المتحدة، لاسيما من اليهود.
ومن أبرزها "صندوق الخليل" (Hebron Fund)، وهو يوفر التمويل لتغذية ودعم المستوطنات والمستوطنين الإسرائيليين.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
وفي غياب تام لرقابة أمريكية رسمية، يعمل "صندوق الخليل" خلف ستار، مدعيا ومنظمات أخرى "الخيرية"، بينما يدعم بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الإطار التالي تحاول الأناضول فتح "صندوق الخليل":
** من بروكلين
"صندوق الخليل" أسسه الحاخام إتسحاق بيخمان عام 1979 (توفي 2016)، وبات أكبر ممول لحركة المستوطنين في الخليل.
وهذه الحركة تشمل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والدينية بالخليل، وفقا للموقع الإلكتروني العبري "الخليل" في 1 مايو/ أيار 2016.
ومقر الصندوق في حي بروكلين بمدينة نيويورك الأمريكية، وهو من أبرز المنظمات الأمريكية الممولة للاستيطان، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2015.
وأوضحت الصحيفة أن الصندوق يرسل الدعم المالي معفيا من الضرائب لصالح مشروع الاستيطان في الضفة الغربية، وتحديدا مدينة الخليل (جنوب).
** أهداف استيطانية
يدعي "صندوق الخليل" أنه "منظمة مساعدة قانونية تعمل في إطار القانون"، بحسب "هآرتس".
فيما قدّم موقع "جايد ستار" التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لمحة عن الطبيعة الاستيطانية لعمل الصندوق.
وقال إن "الصندوق يدعم المشاريع الإنسانية والطبية والأمنية والتعليمية والثقافية في المجتمعات اليهودية بالخليل وجميع أنحاء إسرائيل".
وزاد بأن "الهدف الرئيس من الصندوق هو حشد الدعم والتأييد الكامل للاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وأرض إسرائيل".
وفي 1948 أُقيمت إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة، ثم احتلت بقية الأراضي الفلسطينية، وترفض الانسحاب وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وبحسب موقع "الخليل" فإن "بيخمان كان فخورا برؤية جميع أبنائه وأحفاده يكبرون ويستقرون في إسرائيل".
ويوضح ذلك أن الأمر لا يقتصر على تمويل الاستيطان فحسب، بل يمتد لغرس أفكار كاذبة عن أن مدينة الخليل حق للمستوطنين وأبنائهم.
ويقيم أكثر من 700 ألف مستوطن في مئات المستوطنات بالضفة الغربية، وهم يرتكبون اعتداءات يومية بحق المواطنين الفلسطينيين بهدف تهجيرهم قسريا.
** تكتم شديد
ويتكتم "صندوق الخليل" على المصادر التي تموله والجهات التي يمولها، وفقا لـ"هآرتس".
لكن الصحيفة ذكرت أنه قدّم مساعدات مالية لآلاف المستوطنين الإسرائيليين، بينهم مدنيون وضباط شرطة وجنود.
وعامة، يمول الصندوق منظمات تدعم الفصل العنصري والاستيطان في الخليل.
وأجبر المستوطنون فلسطينيين على العيش في مناطق عرقية منفصلة وصغيرة، ودشنوا حواجز لفصلهم عن بعضهم بعضا، وإجبارهم على النزوح الجماعي من بيوتهم.
وفي 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع عقوبات كانت مفروضة على "صندوق الخليل"، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في اليوم نفسه.
وتمثل هذه الخطوة دعما رسميا أمريكيا صريحا للاستيطان، عبر إطلاق يد إحدى أبرز المنظمات الأمريكية الممولة له، وهو "صندوق الخليل".
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية فرضت في أبريل/ نيسان 2024 عقوبات على منظمتي "صندوق الخليل" و"شلوم عسيريش" لجمعهما آلاف الدولارت لصالح المستوطنين الإسرائيليين ينون ليفي وديفيد حاي حسداي
وفي فبراير/ شباط من ذلك العام، فرضت واشنطن عقوبات على ليفي وحسداي، لارتكابهما أعمال عنف بحق فلسطينيين في الضفة.
** ملايين الدولارات
عادة ما يرفض الرئيس التنفيذي للصندوق دان روزنشتاين الإجابة عن أسئلة حول أنشطته أو الجهات المانحة والمستفيدة من التبرعات.
غير أن "هآرتس" قالت إنه حوّل بين 2009 و2013 نحو 4.5 ملايين دولار إلى مستوطنات الخليل، عبر جمعية تجديد المستوطنات اليهودية بالخليل.
واستثمر جزءا من الأموال في بناء حدائق وملاعب ومكتبات، بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لمستوطني الخليل.
وبين 2017 و2019، جمع الصندوق حوالي 2.4 مليون دولار تبرعات، وفي 2019 منح 1.7 مليون دولار لحركة الاستيطان في الخليل، وفقا للصحيفة.
** جهتان معروفتان
ورغم حرصه على التكتم، إلا أن تقارير إعلامية أجنبية تحدثت عن جهتين أمريكيتين تتبرعان لـ"صندوق الخليل"، هما مجموعة "جولدمان ساكس" ومؤسسة "إيرفينغ موسكوفيتش".
و"جولدمان ساكس" مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أمريكية، ومن أشهر المؤسسات المصرفية في العالم، ومقرها في مانهاتن بنيويورك.
وتبرعت المجموعة بـ18 ألف دولار عام 2012.
وإجمالا، تبرعت المجموعة لمستوطنات الخليل وحدها بـ2.25 مليون دولار حتى 2016 فقط، بحسب "هآرتس" في 11 أبريل/ نيسان 2016.
أما "إيرفينغ موسكوفيتش" فهي مؤسسة لرجل أعمال يهودي معروف بدعمه المستوطنات وشراء أراضي وعقارات الفلسطينيين بالقدس الشرقية المحتلة.
وتبرعت المؤسسة لـ"صندوق الخليل" بنحو 300 ألف دولار في 2017.
** تمويل الإرهاب
ولا يقتصر تمويل الصندوق على المستوطنات، إذ يدعم مستوطنين يرتكبون جرائم إرهابية بحق المواطنين الفلسطينيين.
ففي 2024 تبرع بحوالي 140 ألف دولار لينون ليفي وديفيد حاي حسداي، اللذين فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات بحقهما في ذلك العام.
وتلقت منظمة "هونينو" (Honenu) الإسرائيلية 600 ألف شيكل (نحو 186 ألف دولار)، أي 20 بالمئة من دخلها الأساس عام 2014، من جهات أمريكية مانحة، وخاصة "صندوق الخليل".
و"هونينو" منظمة يمينية متطرفة أُست عام 2001، وتقدم المساعدة القانونية والمالية لعائلات المستوطنين والعسكريين الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم عنف بحق الفلسطينيين.
كما دفع الصندوق جزءا من راتب مناحيم ليفني، أحد أعضاء "الحركة السرية اليهودية" الذين قتلوا فلسطينيين في ثمانينيات القرن الماضي.
وبين 2010 و2012 أُدين ليفني بقتل ثلاثة طلاب فلسطينيين وإصابة رئيسي بلديتين فلسطينيتين، وحُكم عليه بالسجن المؤبد، لكن أُطلق سراحه بعد 6 سنوات فقط.
ومن العائلات الإسرائيلية التي استفادت من منظمة "هونينو" المتطرفة، عائلة عامي بوبر، الذي قتل 7 عمال فلسطينيين عام 1990 في محطة حافلات.
كما قدّم الصندوق دعما ماليا لأعضاء منظمة "بات عاين" السرية، الذين حاولوا تفجير مدرسة للبنات بالقدس الشرقية عام 2002.
وقدّم كذلك تبرعات لعائلة إيجال عامير قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين (1922-1995) لانخراطه في عملية سلام مع الفلسطينيين، وفقا لـ"هآرتس".
وبموازاة حربها للإبادة الجماعية في قطاع غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدعم أمريكي، كثفت إسرائيل جرائمها في الضفة الغربية المحتلة.
ومن بين هذه الجرائم اعتداءات يرتكبها الجيش ومستوطنون بحق مواطنين فلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم وتوسيع الاستيطان، تمهيدا لضم الضفة إليها إسرائيل.
وقتل الجيش الإسرائيلي ومستوطنون بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أكثر من 1092 فلسطينيا، وأصابوا نحو 11 ألفا، إضافة لاعتقال أكثر من 21 ألفا، وفقا بمعطيات رسمية.
ومن شأن ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل أن ينهي إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، المنصوص عليها في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.
وبالإضافة إلى احتلالها فلسطين، تحتل إسرائيل منذ عقود أراضي في الجارتين سوريا ولبنان وتوسع رقعة احتلالها في البلدين من حين إلى آخر.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
