Yemen
اليمن/ الأناضول
- رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قال إن "الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي تقويض لسلطة الحكومة الشرعية وتهديد خطير للاستقرار".
رغم اتفاق للتهدئة بوساطة سعودية في محافظة حضرموت شرقي اليمن، يقود المجلس الانتقالي الجنوبي حملة تصعيد ضد الحكومة الشرعية، وذلك في سياق صراع نفوذ على المحافظة.
وبدأ التوتر الميداني حين أعلن المجلس الانتقالي إطلاق عملية عسكرية باسم "المستقبل الواعد"، الأربعاء الماضي، سيطر خلالها على مساحات واسعة من حضرموت بينها حقول النفط ومدينة سيئون الحيوية التي تحوي مطارا دوليا.
وجاءت تلك السيطرة بعد مواجهات محدودة خاضتها قوات "الانتقالي" ضد قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وضد قوات "حلف قبائل حضرموت"، وهو كيان خاص بأبناء المحافظة.
وعقب الأحداث وبوساطة محلية ورعاية سعودية، أعلنت السلطة المحلية بحضرموت "الوقف الفوري للتصعيد العسكري والأمني والإعلامي والتحريضي، واستمرار هدنة بين الطرفين إلى أن تنتهي لجنة الوساطة من أعمالها والوصول إلى اتفاق كامل بين الطرفين".
ورغم ذلك لا تزال الأوضاع متوترة وسط مطالبة الحكومة بانسحاب قوات "الانتقالي".
** تصعيد ومطالبات
ولليوم الثاني، يستمر اعتصام مفتوح لأنصار "الانتقالي" في حضرموت ومحافظات أخرى، بدأ أمس الأحد، لمطالبة المجتمع الدولي بما أسماه "تحقيق استقلال الجنوب"، ومطالبات بتغيير محافظ المحافظة.
واعتبر المجلس أن الهدف من الاعتصام هو "استكمال تطلعات شعبنا في الجنوب بشكل عام وحضرموت بشكل خاص للمطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي".
وشدد على أن الاعتصام سيبقى مستمرا "على مدار الساعة وطوال الأيام حتى يتم تحقيق هذه المطالب".
وفي السياق، شهدت مدينة المكلا عاصمة حضرموت، الاثنين، مظاهرة لأنصار المجلس الانتقالي أمام منزل المحافظ سالم الخنبشي، للمطالبة بتغييره.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بـ"الاستقلال"، ورددوا هتافات من بينها "تغيير المحافظ واجب".
** "تهديد خطير"
وعقب الأحداث، اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي المجلس الانتقالي بـ"اتخاذ إجراءات أحادية تشكل تهديدا مباشرا لوحدة القرار الأمني والعسكري"، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
ولبحث تطورات الوضع، عقد العليمي في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، اجتماعا مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية)، وبحضور رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، حسب "سبأ".
وأبلغ العليمي السفراء بأن "الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي، تمثل خرقا صريحا لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهديدا مباشرا لوحدة القرار الأمني والعسكري، وتقويضا لسلطة الحكومة الشرعية، وتهديدا خطيرا للاستقرار، ومستقبل العملية السياسية برمتها".
وأشاد بـ"الدور المسؤول الذي اضطلعت به السعودية في رعاية جهود التهدئة بمحافظة حضرموت، بما في ذلك التوصل إلى اتفاق يضمن عمل المنشآت النفطية، ومنع انزلاق المحافظة إلى مواجهات مفتوحة".
وفي الوقت ذاته، أعرب العليمي عن أسفه لـ"تعرض هذه الجهود إلى تهديد مستمر نتيجة تحركات عسكرية أحادية الجانب، أبقت مناخ التوتر، وعدم الثقة قائما على نطاق أوسع".
وحذر من التداعيات الاقتصادية والمعيشية الخطيرة لأي اضطراب خصوصا في محافظتي حضرموت والمهرة، قائلا إن ذلك قد يعني "تعثر دفع مرتبات الموظفين، ونقص الوقود لمحطات الكهرباء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، ونسف كل ما تحقق من إصلاحات اقتصادية، وإضعاف ثقة المانحين بالحكومة الشرعية".
كما حذر من أن "سقوط منطق الدولة في اليمن لن يترك استقرارا يمكن الاستثمار فيه، لا في الجنوب ولا في الشمال، مجددا دعوته إلى تحمل المسؤولية الجماعية، لمنع انزلاق البلاد إلى مزيد من التفكك والفوضى".
** "استجابة لمطالب شعبية"
في المقابل، اعتبر رئيس الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي أنيس الشرفي، أن "الإجراءات الجارية في حضرموت والمهرة تأتي في إطار الاستجابة لمطالب شعبية واسعة، وانطلاقا من مسؤولية المجلس في تعزيز الأمن وتجفيف منابع التهريب والتصدي للأنشطة التخريبية، التي وثّقتها تقارير أممية ودولية".
وجاء حديث الشرفي خلال لقائه الاثنين، مدير مكتب المبعوث الأممي في عدن بِرت سكوت، ومسؤول القسم السياسي هديل سمير، حسب الموقع الإلكتروني للمجلس.
وأضاف الشرفي: "الجماهير الجنوبية التي تملأ الساحات اليوم ليست مجرد جمهور مناصر، بل هي صاحبة القرار وصاحبة الشرعية السياسية، وهي التي تحدد اتجاهات المشهد وتمنح القيادة تفويضها".
وأشار إلى أن تلك الجماهير "تعبر بوضوح عن إرادتها في استعادة دولة الجنوب العربي، وأن المجلس الانتقالي يُصغي لهذه الإرادة ويحترمها، ويتعامل معها بوصفها المحدد الأول لأي مسار سياسي وتفاوضي".
وأعرب عن "استعداد المجلس للعمل جنبا إلى جنب مع القوى الفاعلة في مواجهة ميليشيات الحوثي التي تمثل التهديد الأخطر للسلم الإقليمي والأمن القومي العربي".
** اتفاق برعاية سعودية
وفي محاولة لاحتواء التوتر، أعلنت السلطة المحلية في حضرموت، الأربعاء، في بيان "وصول وفد عسكري سعودي رفيع المستوى، كان في استقباله محافظ المحافظة سالم الخنبشي، في مطار الريان بمدينة المكلا الساحلية".
وعقب لقاءات عقدها الوفد السعودي مع الأطراف المتنازعة أعلنت السلطة المحلية في بيان نشرته الوكالة اليمنية الرسمية (سبأ) "التوصل إلى اتفاق تهدئة مع "حلف قبائل حضرموت"، يضمن استئناف الإمدادات النفطية في المحافظة".
وذكر البيان أن "الاتفاق تضمّن الوقف الفوري للتصعيد العسكري والأمني والإعلامي والتحريضي، واستمرار الهدنة بين الطرفين إلى أن تنتهي لجنة الوساطة من أعمالها والوصول إلى اتفاق كامل بين الطرفين".
كما يتضمن الاتفاق "انسحاب قوات الحلف بدءا من الثامنة من صباح الخميس، إلى المحيط الخارجي للشركة بمسافة لا تقل عن كيلومتر واحد، وعدم اعتراض الدخول والخروج من وإلى الشركات للمعنيين بأعمال مدنية وعسكرية داخل الشركات".
جدير بالذكر أن "حلف قبائل حضرموت" تأسس عام 2013، وينادي بالحكم الذاتي للمحافظة، ولا يتبع. للمجلس الانتقالي الجنوبي ولا للحكومة.
بينما تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، وينادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله وإعادة الأوضاع إلى ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية.
ودخل جنوب اليمن وشماله في وحدة طوعية في 22 مايو/أيار 1990، غير أن خلافات بين قيادات الائتلاف الحاكم حينها وشكاوى قوى جنوبية من "تهميش وإقصاء" أدت إلى عودة الدعوات للانفصال لا سيما مع اندلاع الحرب الأهلية الحالية.
