يسيجونها لدرء المستوطنين.. قرية "المفقرة" بسجن اختياري (تقرير)
الفلسطينيون في قرية المفقرة بالضفة الغربية يعيشون منذ عامين تحت حصار واعتداءات المستوطنين بغرض تهجيرهم
Ramallah
الخليل/ قيس أبو سمرة / الأناضول
- الفلسطينيون في قرية المفقرة بالضفة الغربية يعيشون منذ عامين تحت حصار واعتداءات المستوطنين بغرض تهجيرهم- الناشط المحلي معاذ حمامدة: الأهالي اضطروا إلى إقامة سياج حول القرية لحماية الأطفال والمواشي من اعتداءات المستوطنين
- المواطن نعمان شحادة: أهالي المفقرة فقدوا إمكانية الوصول إلى المراعي وأغنامهم باتت محصورة داخل حدود القرية، لا عمل لدينا
بين تلالٍ جرداء جنوبي الضفة الغربية المحتلة، أقام الفلسطينيون في قرية المفقرة بمنطقة مسافر يطا أسوارا من أسلاك شائكة حول بيوتهم، لتحميهم من اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين.
ويقول المواطنون الفلسطينيون إنهم حولوا منازلهم إلى أشبه بسجون، نظرا لعدم توفر حماية رسمية لهم في مواجهة اعتداءات المستوطنين المتكررة.
ويعيش أهالي القرية أوضاعا صعبة منذ أن بدأت إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بدعم أمريكي.
فمنذ نحو عامين، يعاني فلسطينيو المفقرة من تضييقات واعتداءات المستوطنين المتطرفين على أراضيهم ومواشيهم وممتلكاتهم.
ويقولون إن قريتهم التي يقطنها نحو 22 عائلة وتبلغ مساحتها حوالي ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، باتت محاصرة من أربع بؤر استيطانية مقامة في محيطها.
وهذه البؤر هي "خافات فجّاية" و"خافات معون" و"عبدي"، إضافة إلى بؤرة جديدة أقيمت قبل أسابيع، ما جعل حياة الفلسطينيين محفوفة بالخطر.
** محيط مغلق
الناشط المحلي من سكان القرية معاذ حمامدة قال لمراسل الأناضول إن "الحياة تغيّرت كليا بعد السابع من أكتوبر 2023".
وأوضح: "المستوطنون أغلقوا الطرق، ومنعونا من الوصول إلى المراعي والمياه، وحددوا محيطا مغلقا بمسافة 5 كيلومترات حول القرية".
وأضاف: "منذ وصولهم يطالبنا المستوطنون بالرحيل لكننا نرفض، نحن وُلدنا هنا وآباؤنا وأجدادنا عاشوا على هذه الأرض، فكيف نتركها لمن جاء بالأمس؟!".
وذكر حمامدة أن الأهالي اضطروا إلى إقامة سياج حول القرية لحماية الأطفال والمواشي من اعتداءات المستوطنين.
المواطن الفلسطيني زاد بأن الأهالي "يشعرون ببعض الأمان فقط بعد إقامة السياج، بعدما كنا نتعرض للاعتداءات يوميا".
وأردف: "نعيش وكأننا نسجن أنفسنا داخل القرية، حتى نحمي أنفسنا من المستوطنين، لا أحد يحمينا سوى الله، لكننا باقون هنا ولن نرحل".
** معاناة يومية
بدوره قال نعمان شحادة أحد قاطني القرية: اضطررنا لإقامة سياج حول منازلنا، بعد أن طلب المستوطنون منا الرحيل.
وأضاف: "المستوطنون دعسوا مواشينا واعتدوا على أغنامنا، ويدخلون القرية ليلا لترويعنا، ولا أحد يسأل عنا".
وشدد على أن أهالي المفقرة "فقدوا إمكانية الوصول إلى المراعي، وأغنامهم باتت محصورة داخل حدود القرية".
شحادة أردف: "لا عمل لدينا، وحياتنا صارت معاناة يومية بسبب الاعتداءات".
وختم بالقول: "نحن باقون في المفقرة، نموت هنا ولا نرحل منها".
** مسافر يطا
وتقع المفقرة ضمن تجمع مسافر يطا الذي يضم نحو 19 قرية وتجمعا ريفيا أقصى جنوب الخليل، ويواجه سكانه تهديدات مستمرة بالتهجير القسري لصالح التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.
وتعد مسافر يطا من أكثر المناطق الفلسطينية استهدافا من المستوطنين والجيش الإسرائيلي، فمنذ سنوات تتعرض قراها لهدم منازل ومنشآت زراعية، ومنع للبناء، وقيود على حركة الأهالي والرعاة.
وفي العام 2022 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا يسمح للجيش بإخراج نحو ألف مواطن فلسطيني من مسافر يطا، بزعم أنها "منطقة تدريب عسكري".
واعتبرت مؤسسات حقوقية محلية ودولية هذه الخطوة تهجيرا قسريا يخالف القانون الدولي الإنساني.
ويقول الفلسطينيون إن مسافر يطا "آخر ما تبقى من الريف الجنوبي للخليل"، ويخشون أن يؤدي الاستهداف المتواصل إلى اقتلاعهم من أرضهم لصالح توسيع المستوطنات الإسرائيلية المقامة بالمنطقة.
وأكدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية)، في وقت سابق، أن ما يجري في مسافر يطا يمثل سياسة ممنهجة لدفع الفلسطينيين إلى الرحيل القسري.
وشددت على أن "الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين يتقاسمون الأدوار في السيطرة على الأراضي الفلسطينية".
ومنذ أكتوبر 2023 أسفرت الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة عن مقتل ما لا يقل عن 1069 فلسطينيا، وإصابة نحو 10 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألف فلسطيني بينهم 1600 طفل.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تكثف جرائمها في الضفة الغربية المحتلة، ولا سيما عبر التهجير والتوسع الاستيطاني، تمهيدا لضم الضفة إليها.
وتعني هذه الخطوة في حال تنفيذها القضاء على إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، المنصوص عليه في قرارات صدرت عن الأمم المتحدة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
