الدول العربية, التقارير

أطفال خارج إطار الزواج.. جدل النسب يتفجر من جديد في المغرب

ملف عاد ليثار بقوة من جديد في المغرب، عقب إلغاء محكمة استئناف في المملكة حكما أوليا يقضي بنسب طفلة مولودة خارج إطار الزواج لوالدها البيولوجي.

25.10.2017 - محدث : 25.10.2017
أطفال خارج إطار الزواج.. جدل النسب يتفجر من جديد في المغرب

Rabat

الرباط / خالد مجدوب / الأناضول

صدور أول حكم قضائي في المغرب يقضي بنسب طفلة مولودة خارج إطار الزواج إلى والدها، ثم إلغاء الحكم في الاستئناف، فجّر الجدل من جديد حول ملف شائك تتقاطع عنده العديد من المعطيات بالغة الحساسية في المملكة.

ففي أبريل / نيسان الماضي، أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة أقصى شمالي المغرب، أول حكم قضائي في تاريخ البلاد، يقر بحق طفلة مولودة خارج إطار الزواج بالانتساب إلى والدها.

وفي أكتوبر / تشرين الأول الجاري، ألغت محكمة الاستئناف في المملكة هذا الحكم.

وما بين التاريخين، طفا ملف "أبوة الأطفال خارج إطار الزواج" إلى واجهة الجدل من جديد بالمملكة.

** بين البعد الإنساني والخصوصية الدينية

8 أشهر فصلت بين الحكم الأولي والاستئنافي، غير أنها كانت كافية لتزلزل المنابر الحوارية في مختلف وسائل الإعلام بالمملكة.

جدل وضع في الواجهة معارضين لما يعتبرونه "ضربا للخصوصية الدينية وللأعراف"، وشقا ثانيا يدافع عن "حق أطفال لا ذنب لهم" في الحصول على نسب، مستحضرين "البعد الإنساني" للمسألة.

ورغم الأهمية الاجتماعية المحورية لهذا الملف الشائك، إلا أنه غالبا ما يظل مركونا في زاوية يخشى الكثيرون بالمملكة الاقتراب منها، لما يثيره الموضوع من حساسيات على مختلف الأصعدة.

إلا أن سيدة مغربية مقيمة في مدينة طنجة كسرت الصمت المخيم ـ ظرفيا ـ على الموضوع، حيث لجأت إلى المحكمة لإثبات نسب مولودتها، فكان أن تصدّر الملف اهتمام الرأي العام المحلي من جديد.

علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع في المغرب، يرى أن "ردود الفعل من قبل مكونات المجتمع المغربي تجاه الموضوع متضاربة".

وقال في حديث للأناضول، إنه "في الوقت الذي ترفض فيه بعض الأطراف قرار محكمة الاستئناف من منطلق قناعتها بحق نسب الطفل إنسانيا لأبيه، إلا أن بعض الأطراف الأخرى تؤيد قرار المحكمة، استنادا إلى "خصوصية المجتمع الإسلامي ومرجعيته الثقافية والأخلاقية".

** "ثوابت اجتماعية"

رغم "البعد الإنساني" الذي يستند إليه المدافعون عن حق المولود خارج إطار الزواج في الحصول على نسب والده، إلا أن الشعباني يعترف بوجود "جوانب سلبية تمس العلاقة بين الأبناء والآباء، والأسرة" عموما.

وأوضح أن "المنظومة الاجتماعية مبنية على العديد من الثوابت المتعلقة بالحضانة ورعاية الأبناء والتربية والإرث، ولذلك، فإن جميع هذه المفاهيم يمكن أن تندثر أو تتغير في حال تبدل بعض الثوابت المؤطرة للمجتمع".

ودعا الخبير الاجتماعي إلى ضرورة فتح نقاش علمي حول الظاهرة، يشمل جانبها القانوني والاجتماعي والديني.

ووفق الشعباني، فإن المجتمع المغربي يقف اليوم بين خيارين، إما "التمسك بالإرث الاجتماعي، وعدم فتح أي مجال لأي تغيير في بنية المجتمع والأسرة، وإما إحداث تحول جذري في بعض المرتكزات الاجتماعية والعلاقات الأسرية".

وخلص المختص الاجتماعي إلى أنه يتعين "على المجتمع تحمل مسؤولية هذا التغيير".

** النقاش والتوعية

عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي في المغرب (غير حكومية)، رأت من جانبها أن "القانون فوق الجميع، إلا أن المجتمع في حاجة إلى نقاش بخصوص الأطفال خارج إطار الزواج".

وأضافت، في حديث للأناضول، أنه من "الضروري أن تحصل تلك الولادات على بعض الحقوق مثل الانتساب إلى آبائها، خصوصا في حالة ثبوت نسبهم".

وقدرت، استنادا إلى دراسة نشرتها جمعية "إنصاف" بالمغرب (غير حكومية)، في 2011، بالتعاون مع الأمم المتحدة، "عدد الولادات خارج إطار الزواج بالمغرب بـ 153 مولودا يوميا"، مشيرة أن "هذا الرقم شهد ارتفاعا (لم تحدده) في السنوات القليلة الماضية".

ودعت الشنا إلى ضرورة التوعية وتدريس التربية الجنسية للحد من ظاهرة الأمهات العازبات والأطفال خارج إطار الزوج.

وقالت إن المشكل في بلادها يتعلق بـ "العقلية"، خصوصا في ظل غياب النقاش حول الموضوع.

ودعت إلى ضرورة دمج الأطفال والشباب خارج إطار الزواج في عدد من المجالات بما فيها سوق العمل، لأن بعض القطاعات ترفض تشغيلهم.

** الإطار القانوني

في 30 يناير / كانون الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة أول حكم قضائي في تاريخ البلاد، يقضي بحق طفلة مولودة خارج إطار الزواج في الانتساب إلى والدها البيولوجي.

كما قضت المحكمة بتعويض الأم عن الضرر الذي لحقها جراء إنجاب ناتج عن هذه العلاقة.

واعتمدت المحكمة في قرارها على بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل التي صدّق عليها المغرب، بينها حق الطفل الطبيعي في معرفة والديه البيولوجيين.

وفي 21 يونيو / حزيران 1993، صدّق المغرب على اتفاقية تنص على أنه يتعين على القضاء منح الأولوية لمصلحة الأطفال في النزاعات المتعلقة بهذه الفئة.

وتنص المادة 7 من الاتفاقية على أن الطفل يسجل عقب ولادته فورا، ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.

فيما تنص المادة 148 من مدونة (قانون) الأسرة بالمغرب، على أنه "لا يترتب عن البنوّة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية".

والشهر الجاري، أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة حكما ألغى قرار المحكمة الابتدائية بنسب الطفلة إلى والدها البيولوجي.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın